انتهاء اليوم الأول من التصويت في جولة الإعادة بال19 دائرة ملغاة    كواليس الاجتماعات السرية قبل النكسة.. قنديل: عبد الناصر حدد موعد الضربة وعامر رد بهو كان نبي؟    جولة ليلية لمحافظ الغربية في بسيون لمتابعة رصف شارع عمر زعفان    "فاقد الشيء لا يعطيه".. وزير إعلام الصومال الأسبق يحلل اعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال"    اليمن.. العليمي يثمن استجابة تحالف دعم الشرعية لحماية المدنيين بحضرموت    نيجيريا ضد تونس .. نسور قرطاج بالقوة الضاربة فى كأس أمم أفريقيا    الثامن على التوالي في الدوري.. أستون فيلا يُسقط تشيلسي ويواصل الضغط على أرسنال وسيتي    218 فعالية و59 ألف مستفيد.. حصاد مديرية الشباب والرياضة بالمنيا خلال 2025    الداخلية تضبط صاحب شركة استولى على مبلغ مالي أودِع بالخطأ في حسابه ورفض إعادته    خبيرة تكشف طرق الاختيار السليم للزواج وتوقعات الأبراج 2026    نقابة الصحفيين تكرم الزميلين خالد أبو بكر وسمر إبراهيم من جريدة الشروق ضمن جوائز الصحافة المصرية    خبير تشريعات: توثيق 1500 فيديو لمرشحين خلال 6 جولات يشتكون من انتهاكات    وزير الصحة يكرم الزميل عاطف السيد تقديرًا لدوره في تغطية ملف الشئون الصحية    الجيش السوداني يعلن استعادة السيطرة على منطقة الداكنوج بكردفان    اتحاد جدة يتقدم على الشباب في الشوط الأول    الدفاعات الجوية الروسية تسقط 111 مسيرة أوكرانية خلال 3 ساعات    أحمد السبكي: لم تحذف أي مشاهد من فيلم الملحد ولم تكن الرقابة سببا في تأجيله    لبلبة: نيللي كريم موهوبة والعمل معها تجربة إنسانية وفنية مميزة    موجة جوية غير مستقرة بشمال سيناء تتسبب بإغلاق ميناء العريش    أندية برازيلية تتحرك لخطف جناح النصر في يناير    "القصير" يتفقد غرفة العمليات المركزية للجبهة الوطنية لمتابعة جولة الإعادة بال19 دائرة الملغاة    جهود لإنقاذ طفل سقط في بئر مياه شمالي غزة    تأجيل قضية فتى الدارك ويب المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة لجلسة 24 يناير    تعليم العاصمة تعلن انطلاق البث المباشر لمراجعات الشهادة الإعدادية    خبير نووى: الأوروبيون فقدوا أوراق الضغط وإيران تتحرك بحرية فى ملف التخصيب    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    مسؤول سابق بالخارجية الأمريكية: واشنطن لن تسمح لإسرائيل بشن هجوم على إيران    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    إقبال كثيف للناخبين للإدلاء بأصواتهم في انتخابات البرلمان بقرى مركز سوهاج    صادر له قرار هدم منذ 22 عاما.. النيابة تطلب تحريات تحطم سيارة إثر انهيار عقار بجمرك الإسكندرية    ألمانيا تغلق مطار هانوفر بعد رصد مسيرات في مجاله الجوي    زواج نيللي كريم وشريف سلامة.. شائعة أم حقيقة؟    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    ياسين منصور يسلط الضوء على دور العقارات والسياحة المتكاملة فى تعزيز الاقتصاد المصرى    يصيب بالجلطات ويُعرض القلب للخطر، جمال شعبان يحذر من التعرض للبرد الشديد    جولة في غرفة ملابس الأهلي قبل مواجهة المصرية للاتصالات بكأس مصر    السجن 10 أعوام وغرامة 50 ألف جنيه لمتهم بحيازة مخدرات وسلاح ناري بالإسكندرية    شوربة شوفان باللبن والخضار، بديل خفيف للعشاء المتأخر    الأرصاد: السحب تتشكل على جنوب الوجه البحري وتتجه للقاهرة وتوقعات بسقوط أمطار    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    عمومية الطائرة تعتمد بالإجماع تعديلات لائحة النظام الأساسي وفق قانون الرياضة الجديد    الدكتور أحمد يحيى يشارك باحتفالية ميثاق التطوع ويؤكد: العمل الأهلى منظومة تنموية    قرار وزاري من وزير العمل بشأن تحديد ساعات العمل في المنشآت الصناعية    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    فلافيو: الأهلي بيتي.. وأتمنى التدريب في مصر    هيئة تنشيط السياحة: القوافل السياحية أداة استراتيجية مهمة للترويج للمنتج المصري    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    27 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والاسمنت بالمصانع المحلية اليوم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    موعد مباراة السنغال والكونغو الديمقراطية بأمم أفريقيا.. والقنوات الناقلة    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روجيه جارودى: سبعة أوهام اخترعها الصهاينة وفرضوها على العالم
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 03 - 2010

فى ضمير ووجدان أى أمة تستقر العديد من الأساطير التى تشكل وعيها، وتربطها بالماضى، وتحاول تفسير الحاضر باعتباره نتاج هذه الأساطير التى تقوم أحيانا بدور التاريخ، لكنه على مدار التاريخ، سواء الواقعى أو الأسطورى، لا توجد أمةُ تماهت مع أساطيرها وتفاعلت معها كما فعلت إسرائيل، هذا الكيان الذى يقوم فى مجمله على مجموعة من الأساطير، قام بتصديرها إلى العالم، وعمل لعشرات السنوات على طرحها مكان الحقيقة.
وهذه الأساطير ربما يكون أحدثها المفكر المصرى الإسبانى الأصل «موسى بن ميمون»، الذى تسعى إسرائيل الآن إلى تحويل المعبد الخاص به لوقف صهيونى فى قلب مصر، وقد تبدت نيتها تجاهه فى الأحداث الأخيرة التى أعقبت ترميم هذا المعبد على يد هيئة الآثار، حيث احتفلت الطائفة اليهودية بمشاركة حاخاماتها وسفير إسرائيل بافتتاح المعبد، بشكل أثار استفزاز مشاعر المسلمين فى كل أنحاء العالم، بالرقص والمشروبات الروحية، فى الوقت الذى أعلنت فيه إسرائيل ضم الحرم الإبراهيمى بالخليل، ومسجد بلال بن رباح ببيت لحم لقائمة التراث اليهودى.
وسواء كان «بن ميمون» مفكرا مسلما، كما يؤكد العديد من المفكرين والمؤرخين، أو إسلامى الفكر والثقافة كما يدعى اليهود ويوافقهم مؤرخون آخرون، فإنه سيظل شخصية مصرية، وسيظل معبده أثرا مصريا، لن تفلح الشائعات أو الأساطير الموجهة فى تحويله إلى مقهى أو صالة ديسكو صهيونية.
الحديث عن هذه الأسطورة الجديدة يستدعى على الفور كتلة الأساطير الأخرى التى قامت عليها دولة إسرائيل فى المنطقة، كأسطورة أرض الميعاد، والشعب المختار، والأهم من ذلك أسطورة «الهولوكوست» وما يرتبط بها من مبالغات، ومحكمة نورمبرج، وغيرها من الأساطير التى برر بها الصهاينة لأنفسهم الاستيلاء على أرض شعب آخر وقتل وتشريد أهله، من خلال مذابح وعمليات تطهير عرقى، لا تقل فى بشاعتها عن كارت «الهولوكوست» النازى الذى يرفعه الصهاينة لليوم.
المفكر الفرنسى الكبير «روجيه جارودى» قام قبل أكثر من 20 عاما بجمع هذه الأساطير الصهيونية وتفنيدها والرد عليها من خلال وضعها فى سياقها المنطقى والتاريخى، وذلك فى كتابه المهم «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية»، والذى صدرت منه عشرات الطبعات بمختلف اللغات، من بينها الطبعة العربية التى صدرت عن دار الشروق، بمقدمة للكاتب الكبير «محمد حسنين هيكل».
لكن الثمن الذى دفعه جارودى لم يكن سهلا، فالحرب التى شنها اللوبى الصهيونى ضده بدأت حتى قبل أن يقوم بنشر كتابه، حيث فوجئ جارودى الذى تتسابق كبريات دور النشر على طباعة وتوزيع كتبه، بجميع هذه الدور يرفض نشر الكتاب، ما اضطره إلى نشره على نفقته الخاصة، قبل أن يتعرض الكتاب لمحاولات سحبه من منافذ التوزيع.
وما كاد الكتاب يصدر حتى فوجئ بقائمة طويلة من الاتهامات، التى تتصدرها طبعا معاداة السامية، وكانت مرافعة جارودى أمام المحكمة الفرنسية حينها بمثابة عمل فكرى آخر ساهم فى فضح حقيقة الشعارات والمنطلقات الصهيونية، كما أحرج النظام الفرنسى وقتها، كاشفا عن تنامى نفوذ اللوبى الصهيونى فى موطن حقوق الإنسان، وكان قبل ذلك ضعيفا فى باريس.
وبالمثل كانت مقدمة الأستاذ هيكل للكتاب دعما آخر، وقيمة فكرية مضافة انفرد بها القراء العرب.
فى مقدمته لفت الأستاذ إلى تميز كتاب جارودى عن غيره من الكتب التى تناولت المسألة الصهيونية فى إحاطته الشاملة بكل الأساطير الإسرائيلية، بينما كان سابقوه يركزون فى الغالب على أسطورة واحدة، هى فى الغالب أسطورة «الهولوكوست» أو المحرقة النازية التى صنعها النازى الألمانى هتلر لليهود عقب الحرب العالمية الثانية، والتى بالغ اليهود فى أرقام ضحاياها فجعلوهم 6 ملايين، بينما أكدت العديد من المقاربات التاريخية والإحصائية فيما بعد أنها لم تتجاوز الملونين بكثير.
والأسطورة كما يعرفها الأستاذ هيكل: تستخرج مادتها الخام من تلافيف الماضى البعيد أو القريب، ويعاد تركيبها وتأليفها لتؤدى وظيفة التعبئة، التى تعد مقدمة للمواجهة، والتى تكون بدورها استعدادا للصراع الذى هو وصفة جاهزة للحرب، مما يفسر أداء الكيان الصهيونى منذ نشأته وحتى الآن.
وبالعودة إلى كتاب جارودى فقد قام بدور مركزى فى فضح الشعارات والأيديولوجيات المقدسة للنظام الصهيونى من خلال إبراز الأساطير السبع التى توجه المشروع السياسى العنصرى والاستعمارى الصهيونى المعاصر.
وقسمها جارودى إلى أساطير دينية هى: أسطورة الوعد (أرض الميعاد أم أرض مغتصبة)، وأسطورة الشعب المختار، وأسطورة يشوع (التطهير العرقى)، بالإضافة إلى أربع أساطير معاصرة هى: أسطورة معاداة الصهيونية للفاشية، وأسطورة عدالة محكمة نورمبرج، وأسطورة الهولوكوست، ثم أسطورة «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض».
وبعد دراسته التشريحية لهذه الأساطير وإثبات وهميتها، انتقل جارودى إلى عرض الاستخدام السياسى لها من خلال ثلاث دوائر، هى دائرة الولايات المتحدة الأمريكية ودائرة فرنسا، ودائرة التمويل الخارجى، ونشاط اللوبى الصهيونى فى هذه الدوائر الثلاث.
فى معرض حديثه عن الهولوكوست انتقد جارودى ما وصف بعدالة محكمة «محكمة نورمبرج» وهى المحكمة التى أسستها كل من أمريكا وانجلترا وفرنسا عقب الحرب العالمية الثانية، بهدف ملاحقة مجرمى الحرب، لكنها لم تكن تعترف إلا بتقارير الحلفاء المنتصرين فى الحرب دون مراجعة، وقد أثبت جارودى زيف وبطلان العديد منها، كما طالب بنقاشات علمية حول أدوات الجريمة النازية إن وجدت كغرف الغاز مثلا، والتى شكك فى وجودها من خلال دراسته لمذكرات قادة الحرب ووثائقهم، وانتقد جارودى إصرار الصهاينة على تثبيت الرقم 6 ملايين ضحية الذى يصفه «بالذهبى» وطريقة إحصائه، متوقفا عند الرقم 2 مليون.
كما انتقد المفكر المسلم مستوى التعليم فى إسرائيل، كتدريس كتاب «يوشع» المحشو بأحقاد اليهود على العرب، بما فيه من إذكاء لروح العنصرية، وتشجيع الإبادة الجماعية للعرب وإخراجهم من أرضهم.
أخيرا فإن هذا الكتاب بشهادة العديد من المفكرين العالميين وعلى رأسهم الأستاذ «هيكل» يعد الأهم والأشمل، الذى يهتم بحصر وتفنيد الادعاءات الصهيونية المركزية، التى أفلح الصهاينة فى بثها وجعلها فى مصاف الحقائق، ودفع ثمنها العرب كثيرا، وهو يفضح الخطوات البنيوية التى يتبعها الكيان الصهيونى فى تحويل أطماعه إلى أساطير ثم تبدأ التنفيذ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.