هل ستكون لجنة تطوير الدراما الذى شكلها "المجلس الأعلى للإعلام" بقيادة المخرج الكبير محمد فاضل قيد على الإبداع؟ سؤال لا يزال يطرح نفسه ومثار للكثير من الجدل بين صناع الدراما خصوصا فى ظل وجود قيود عديدة تحيط بصناعه الدراما لعل آخرها اتفاق كل القنوات الفضائية على عدم شراء أى عمل درامى لموسم رمضان المقبل تزيد تكلفتها على 70 مليون جنيه كأحد أقصى، بالإضافة للمشاكل التى يواجهها عادة صناع الدراما مع جهاز الرقابة والذى كثيرا ما يعيق ظهور هذه الأعمال من الأساس أو على الأقل يشوه رؤيتها بسبب مقص الرقيب. أزمات السينما حول تداعيات تشكيل هذه اللجنة و تأثيرها على الدراما تدور السطور التالية: فى البدايه تستنكر الناقدة خيرية البشلاوى، فكرة تشكيل هذه اللجنة من الأساس، متسائلة عن ما قدمته لجان مماثلة سابقه للتطوير أو الدعم أو غيرها من المسميات التى تمرر بها هذه اللجان وفى النهاية لا نشهد تطويرا أو دعما ويبقى الحال دوما كما هو عليه بدليل اللجان العديدة التى تم تشكيلها لحل أزمات السينما ولا تزال الأخيرة على نفس الحال. نفس التخوفات يؤكدها أيضا المخرج السينمائى الدكتور على الغزولى متسائلا عن ماهية التطوير الذى ستعمل عليه مثل هذه اللجنة؟، وما المعايير والقواعد التى سيلتزم بها صناع الدراما حتى تتوافق أعمالهم والعادات والتقاليد المصرية والعربية؟، مشيرًا إلى أن هذه القواعد والقرارات التى ستصدرها مثل هذه اللجان ما هى إلا قيدا على الإبداع وحصارا جديدا بدعوى الحفاظ على القيم وكأن منظومة القيم المنهارة بالفعل على أرض الواقع يمكن أن تصلحها الدراما الصادرة عبر هذه اللجان.. الغزولى، يرى أن منظومة القيم نسبيه ومطاطه وتختلف من رؤية شخص لآخر، كما أن الفن ليس دوره إصلاحها وكأنه يربى الجمهور، هو فقط يكشف ويعرى المشاكل ويسلط عليها الضوء حتى ينتبه الجميع لايجاد حلول لها، لكن ليس من مهامه تقديم حلول، ولا دوره تقويم سلوكيات البشر. تقييد الإبداع المخرج طارق أبو العلا هو الآخر يتحفظ على تشكيل تلك اللجان متسائلا أيضا عن جدوى اللجان السابقه وفشلها فى مهامها التى أوكلت لها، مؤكدا أن قراراتها لن تكون أكثر من مجرد كلام يستخدم لتقييد الابداع و حصاره بدعوى الحفاظ على القيم والعادات والتقاليد والأخلاق، وعليه ستشهد الأيام القادمة صراعات كثيرة بين صناع الأعمال الدرامية وتلك اللجان صاحبة الكلمة الأخيرة فى قرار المنح أو المنع. الحجب والمصادرة من جانبه يرى السيناريست محمد صفى الدين، أن تفعيل "التصنيف العمرى" على الأعمال الدرامية ومن قبلها على الأفلام السينمائية يحقق الهدف المرجو من هذه اللجان ألا وهو الحفاظ على الاداب العامة وبما يتوافق وأسلوب تناولها. مؤكدًا تخوفاته من أن هذه اللجان ستكون قيدا جديدا على الابداع فى الوقت الذى يطالب عدد كبير من المبدعين بضرورة إلغاء الرقابة أصلا والاكتفاء بالتصنيف العمرى أسوة بكثير من بلدان العالم لا يوجد لديها جهاز رقابة ومع ذلك لم تنهار القيم ولا منظومة الاخلاق لديهم، مؤكدًا أنه لا مجال للرقابة فى ظل السماوات المفتوحة والتكنولوجيا الحديثة، التى أتاحت وجود قنوات تبث على الإنترنت فى حال انتشارها لن يكون هناك أى منع أو مصاردة نظرًا لوجود العديد من الوسائل التى تتعامل مع الحجب أو المصادرة، وعليه لا بديل عن الحريات وبالاخص فى السينما أو الدراما لتأثيرهم الشديد على المجتمع والذى يفوق أى وسيله أخرى. المنع والرقابة نفس الكلام أكدته الناقدة الفنية ماجدة خيرالله مشيرة لأن جهاز الرقابة على المصنفات الفنية إذا أجاز عمل فنى ما فهذا يعنى موافقة ضمنية أنه يتماشى مع المجتمع وقيمة وعاداته وتقاليده ومنظومة قيمة (رغم تحفظاتنا على بعض الأعمال بالفعل والتى تمت إجازتها )، مؤكدة أن أجواء المنع والرقابة كانت تصلح فى عهود سابقة، ولكن ليس الآن فى ظل وجود التطور التكنولوجى والشبكة العنكبوتية التى أتاحت كل الممنوع من العرض. وتتساءل خيرالله "من سيلتزم بقرارات هذه اللجنة؟، وما هى آليات التنفيذ؟"، مؤكدة أنه من العيب أن يشارك فى هذه اللجنة مخرجون ومبدعون مؤمنين بحرية الإبداع التي كفلها الدستور، وتطالب خيرالله بألا يلتفت صناع الدراما لمثل هذه اللجان مؤكدة أن كل فن اقتنص مساحة من الحرية لن يفرط أو يتراجع عنها.