يتعرض المجتمع المصري حاليًّا لهجمة درامية تقدم صورًا وأنماطًا ومشاهد لا تعبر عن واقع المجتمع، ولا تتوافق مع قيمنا، حتى وإن ادعى مقدمو هذه الأعمال أنها موجودة بالفعل، وتخاطب شرائح عمرية معينة، فلا بد أن نأخذ في الاعتبار أنها تدخل بيوت المصريين، وبالتالي تشاهدها جميع الأعمار؛ لذا كان لا بد من توخي الحذر، وهو ما دفع المجلس الأعلى للإعلام برئاسة الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد إلى تشكيل لجنة للدراما، بهدف بحث أزماتها وتطويرها، وأيضًا مراقبتها، حتى تتوافق مع العادات والتقاليد المصرية، من خلال وضع معايير وقواعد يلتزم بها صناع الدراما في مصر خلال الفترة المقبلة. واختار المجلس الأعلى للإعلام المخرج الكبير محمد فاضل، ليكون مسؤولاً عن اللجنة، إضافة إلى شخصيات من القائمين والمهتمين بالشأن الدرامي في مصر ومخرجي وكتاب ومنتجي الدراما في مصر. وتعاني الدراما المصرية منذ فترة من التردي فيما تقدمه، حيث انتشرت بصورة مكثفة أعمال تحث على البلطجة وألفاظ مسيئة وموضوعات تخالف عاداتنا وتقاليدنا وقيم المجتمع بشكل كبير، وتقدم صورة مسيئة لمصر، وقد لجأت بعض القنوات إلى حيلة التصنيف العمري للدراما، حيث كانت البداية مع إعلان جهاز الرقابة على المصنفات الفنية عن قائمة الأعمال الدرامية التي ستعرض في رمضان الماضي، وفقًا للتصنيف العمري، لتكون المرة الأولى التي نجد فيها عملاً يعرض على التليفزيون مصحوبًا بإشارة (+12)، (+16)، (+18)، (عرض عام)، وأجبرت الرقابة القنوات الفضائية على وضع التصنيف العمري قبل بدء عرض حلقات كل عمل، من أجل توعية الأسرة بخطورة مشاهدة تلك الأعمال للأطفال. وقتها قال الدكتور خالد عبد الجليل، رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية في تصريحات ل«البديل»، إن التصنيف العمري يتوجب وضعه لحماية أبنائنا من الأعمال التي لا تلائم طبيعة أعمارهم، ويشمل الأعمال التي تحوي مشاهد "التعصب، الرعب، المخدرات، الإدمان، العري، الجنس، اللغة". من جانبه أكد المخرج محمد فاضل رئيس لجنة الدراما، في تصريحات صحفية، أن اللجنة لن تتدخل فيما يقدم من عمل درامي وما يقدم من نصوص وعمل فني، ولن تلعب دور الرقابة، وإنما دورها سيقتصر على الشاشة وما يقدم عليها، مؤكدًا أنه يسعى إلى تقديم شاشة نظيفة تحافظ على عادات وتقاليد البيت المصري، مشيرًا إلى أن الفكرة كانت مطروحة العام الماضي، بعد أن رصدنا كمًّا هائلاً من التجاوزات في الأعمال الدرامية من ألفاظ مسيئة وموضوعات تخالف عاداتنا وتقاليدنا، لكنها أجلت للعام الحالي؛ حتى لا يتكبد المنتجون أي خسائر مادية. الناقد الفني كمال القاضي أشاد بهذه الخطوة، معتبرًا أنها ستكون بمثابة مصفاة للأعمال الدرامية المقدمة عبر الشاشات، والتي أصبحت بشكل كبير تقدم قيمًا وأخلاقًا وأشياء لا تخص مجتمعنا في شيء. وأضاف القاضي ل«البديل» أن اللجنة يجب أن تشمل أشخاصًا من ذوي الخبرة في المجال الدرامي، خصوصًا وأن مخرجًا كبيرًا مثل محمد فاضل على رأس هذه اللجنة، وهو ما يشكل إضافة كبيرة؛ لأنه خاض الكثير من الجولات في هذا المجال، وحقق نجاحات متتالية، لذلك فمن الأولى أن يكون أعضاء هذه اللجنة ممن لهم صلة مباشرة بالعمل الدرامي، وأن يتم الابتعاد عن عامل تولي المناصب في اختيارهم، ويكون أساس الاختيار هو المعرفة السابقة بالدراما والعمل فيها. وتابع الناقد الفني أن اللجنة على عاتقها مهمة ثقيلة؛ فهي ستلعب دورًا كبيرًا في حجب الكثير من القيم السيئة، لكن في الوقت نفسه يجب ألا تغير على حق المبدع، لذلك فضلت أن يكون أعضاؤها ممن سبق لهم العمل الدرامي؛ لأنهم وقت التقييم سيعرفون ما يخل بالمجتمع ويحذفونه، دون أن يختل إيقاع العمل الدرامي نفسه، متمنيًا أن تحقق اللجنة دورًا إيجابيًّا على أرض الواقع، وألا تتحول إلى لجنة روتينية كغيرها من اللجان الموجودة.