ظل معلقون ومحللون أمريكيون طوال الشهور الماضية يحذرون من أن تراجع الولاياتالمتحدة عن الاتفاق النووي مع إيران سيؤدي إلى عزلتها عن بقية دول العالم . وقبل يومين كتبت صحيفة " واشنطن بوست " الأمريكية لتؤكد أن التباعد بين الولاياتالمتحدة وأوربا بدأ يتزايد بعد انسحاب واشنطن من اتفاقية المناخ التي تتمسك بها أوربا وبعد تهديد الرئيس الأمريكي ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران ، الذي تتمسك به أوربا أيضا . وبينما يرى ترامب أن الحلفاء الأوربيين استغلاليون ولا تهمهم سوى مصالحهم الشخصية ويجب تذكيرهم بقوة الولاياتالمتحدة … يعتبر الأوربيون أن ترامب قوة فوضوية ويجب كبح جماحه ، وأنه يقوم بإهدار هيبة القيادة الأمريكية . وكتب المعلق الأمريكي " جون جلايزر" في مجلة "ذي ناشيونال انترست" الأمريكية يقول إن القضاء على الاتفاق النووي الإيراني "يجعل أمريكا أقل نفوذاً مما كانت عليه عندما كانت تتفاوض بشأنه ، لأن المجتمع الدولي لم يعد يقف إلى جانبها". وأضاف أن قرار ترامب بعدم التصديق على الاتفاق "متهور وخطير". والواضح تماما أن المجتمع الدولي يستبعد إعادة التفاوض للتوصل إلى اتفاق جديد مع إيران ، كما أن حلفاء واشنطن لا يقبلون بما يقترحه ترامب من تعديلات وإضافات وشروط في اتفاق جديد مع طهران. وإذا كانت استراتيجية الإدارة الأمريكية الآن هي التقليل من أهمية تصريحات ترامب وخلق انطباع بأنه لا يريد الانسحاب من الاتفاق ، فإن جهود هذه الإدارة تتركز ، في الوقت الحالي ، على محاولة حمل الكونجرس على فرض تعديلات وتغييرات في بنود الاتفاق حتى تظل الولاياتالمتحدة ملتزمة به . غير أنه ليس من الواضح ما إذا كان ترامب قادراً على حمل الكونجرس على تصعيد التهديدات الأمريكية بتوسيع وتشديد العقوبات على إيران بشأن قضايا لا تتعلق بالاتفاق النووي "مثل الصواريخ الباليستية " ، وخاصة في مجلس الشيوخ، حيث إن الحصول على موافقة ستين صوتاً يتطلب ضرورة كسب تأييد بعض أعضاء الحزب الديمقراطي. والملاحظ أن العدد الأكبر من الديمقراطيين لايعتبرون أن الاتفاق النووي يمثل مشكلة مؤرقة ، بل إن الكثيرين ممن صوتوا ضد الاتفاق في عام 2015 يتخذون الآن موقفاً انتقادياً علنياً إزاء محاولة الانسحاب منه ، كذلك ليس من الواضح ما إذا كان الجمهوريون، الذين عارضوا الاتفاق في السابق ، .. مازالوا يعارضونه الآن. ويلخص الموقف برمته معلق أمريكي هو " إريك مارجوليس" ، إذ يقول : يبدو ، في حقيقة الأمر ، أن لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو نفوذًا في الولاياتالمتحدة أكبر من نفوذ الرئيس ترامب . فقد أحرزت إسرائيل انتصاراً كبيراً عن طريق استخدام ترامب لتقويض الاتفاق النووي مع إيران ، كما سبق أن استخدمت الولاياتالمتحدة في تدمير دولتين عربيتين ، هما: العراق وسوريا .