فى لافتات ضخمة أعلنت شركة المعمورة أنها تعتزم تنفيذ مشروع للتطوير الحضرى للمعمورة ببناء عدة أبراج سكنية و تجارية في مدخل المعمورة على مساحة 3000 متر مربع . وهنا تساءل عشاق المعمورة و ملاكها لماذا إضافة 200 وحدة سكنية ومسطح تجارى و 220 باكية جراج فى كومباوند محدود المساحة تظل مساكنه خالية أغلب شهور العام ؟ هذه المساحة كانت مخصصة لإقامة دار سينما وحديقة عامة ثم أجرتها الادارة السابقة لمن بنى عليها مطاعم و دكاكين .فهل من أجل إغراء الأبراج ستتخلى الشركة عن الطبيعة الأساسية للمعمورة الشاطىء كقرية سياحية و تحولها الى حى سكنى يكتظ بالأبراج السكنية و التجارية وينافس أحياء المندرة و العصافرة المجاورين ؟ إن التطوير الحضرى يتم للمناطق العشوائية ، أما المعمورة ببحرها اللازوردى و جوها الدافىء المعتدل طول العام فتحتاج لتنمية سياحية تؤهلها لأن تنافس بل تتفوق على مثيلاتها بالساحل الشمالى للبحر المتوسط مثل فينيسيا ومايوركا و برشلونة و الريفييرا وكان وأصيلة …الخ لبناء حمامات سباحة و ملاعب و مجمع سينما وفنادق لتجذب آلاف السياح الباحثين عن الراحة والاسترخاء، بعيدا عن الزحام والضوضاء المزعجة ، وتستضيف المهرجانات و المؤتمرات العالمية وتدر على مصر المليارات من العملة الصعبة التى تغنينا عن المعونات الأجنبية . لقد أساءت الابراج الى مدينة الاسكندرية و شوهتها وأخفت معالمها التاريخية الجميلة و فاحت منها رائحة فساد تزكم الأنوف . ومن آن لآخر يسقط أحدها و أحدث مثال برج الأزاريطة المائل معلنا عن مادُفع فيه من رشاوى لمسئولين فاسدين باعوا ضمائرهم بثمن بخس . وقد وقعت نائبة محافظ الاسكندرية سعاد الخولى ضحية لمقاولي ابراج أغروها لتخل بواجبات وظيفتها وتستغل سلطاتها لتنفيذ خططهم الجهنمية . التفوا حولها كما التفت الحية حول آدم و حواء وكانت فى طريق الصعود فى سلم الترقية تتطلع لمنصب المحافظ ثم الوزيرة . وعندما عينت سعاد الخولى نائبة لمحافظ الاسكندرية اعتبرت تعيينها انتصارا للحركة النسائية وبادرة لتمكين المرأة من المناصب القيادية ، وخطوة فى اتجاه تطهير المحليات من وباء الفساد الذى استشرى فيها . واعتبرت الشبهات التى حامت حولها إحدى الصعوبات التى تواجهها كل سيدة تتخطى حاجز الوصاية المفروض على المرأة المصرية . و رغم أنى لا أعرف هذه السيدة و لم التق بها ابدا ، فقد تمنيت أن تُعين أول محافظ سيدة فى المرات التى خلى فيها منصب محافظ الاسكندرية .وبعد الاتهامات التى وجهتها إليها الرقابة الادارية و أتمنى أن تثبت براءتها حتى تخرس حملات الشماتة التى اشتعلت فى وسائل الاتصال ليس فقط ضدها شخصيا و انما ضد المرأة بشكل عام . إن إدانتها لو ثبتت ستكون دليلا قويا على أن الفساد فى الحكومة أصبح مرضا معديا ومن الصعب بل من المستحيل مقاومته خاصة فى مجال البناء . ومن واجب كل مسئول أن يبتعد عنها درءا للشبهات ، ففى مصر مابعد ثورتين أصبحت الرقابة الادارية صيادا ماهرا عينه ساهرة تتربص بالفساد و تراه على بعد ألف ميل . لقد اعترف وزير الاسكان الدكتور مصطفى مدبولى أن "الاسكندرية بها سبعين الف من مجموع ثلاثمائة و خمسين ألف برج مخالف فى مصر كلها، وأن الصح أن تتم إزالتها جميعا لكن هذا لن يتم بسبب البعد الاحتماعى" . فلماذا لماذا لا يصدر قرارا بمنع بناء المزيد من الابراج فى الاسكندرية الا للضرورة القصوى ؟ لماذا ننتظر حتى وقوع البلاء ثم نبكى على اللبن المسكوب؟