تعانى المنظومة الصحية فى مصر، من إهمال شديد، فالمستشفيات العامة تعانى من عجز 45% من الأطباء، و60 % من التمريض، بالإضافة إلى نقص الإمكانات وسوء الإدارة وتعطيل الأجهزة وعدم توافر معظم الأدوية بالمستشفيات وغيرها من الأسباب.. فالحكومة تقوم باستقطاع جزءا من مرتبات الموظفين لتقديم الخدمة الصحية لهم فى المستشفيات ولكن الخدمة المقدمة غير مجدية، ولا يرضى المواطنون عنها، فالمواطن البسيط يلجأ إلى المستشفيات العامة والحكومية للتخفيف من آلامه، لكنه يتعرض لما يزيد من هذه الآلام، مع أن حقه هو تلقى العلاج كما ينص الدستور، فالرعاية الصحية أهم العوامل الضرورية لتطوير الشعوب، وعند مقارنة مصر بباقي دول العالم فى الرعاية الصحية المقدمة للمواطنين، تظل مصر فى مستوى متدني جدا من حيث كفاءة وفاعلية الخدمة المقدمة. فرنسا تصنف ضمن الدول الأعلى من جهة أعداد المشتركين فى نظام الرعاية الصحية، ومن جهة الإنفاق كنسبة من الناتج الإجمالي، لكنها أيضا تصنف ضمن الأدنى فى تقارير المقارنة لصندوق " الكومونولث " العالمي،فالنظام الفرنسي للتأمين الصحي من أفضل النظم الصحية فى كبريات الدول الصناعية، وعلى وجه الخصوص دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. فيتيح هذا النظام لجميع المواطنين الفرنسيين الحصول على العلاج والاستفادة من احدث الاكتشافات والبحوث،ويشمل فى تغطيته كل مواطني فرنسا والمقيمين على أراضيها بالحماية، دون النظر للسن والجنس والحالة الصحية، أو الدخل. اختيار الطبيب كما أنه تحت مظلة النظام الصحي الفرنسي، يدفع غالبية المرضى إلى الأطباء أو الاختصاصيين مسبقا وبعدها تدفع الحكومة المبالغ للمرضى،فللمريض حرية اختيار الطبيب أو الخدمة التي يزورها، فى عملية تتم ضمن نظام ذكي حر، إذ تقوم الحكومة بإيداع المبلغ فى حساب المريض فى البنك خلال 5 أيام ويصل معدل التعويض للمريض بين 70 % و 100%، أما الفقراء وذوي الأمراض المزمنة، فإن تغطيتهم تصل إلى 100%، وقبل ذلك يكون المريض مشتركًا بنظام تأمين صحي شبه خاص مرتبط بأعمالهم، وهي المؤسسات التي تدفع المبالغ المتبقية. ويعتبر النظام الصحي الفرنسي من الأنظمة المتقدمة فى العالم، ففى تقرير منظمة الصحة العالمية عام 2000م، أكد أن لدى فرنسا أفضل خدمات صحية وأكثرها إتاحة بمتوسط تكلفة للفرد ويعتبر الرابع على مستوى العالم، وحصلت على المركز الأول على مستوى العالم فيما يتعلق بفعالية النظام الصحي. فأهم مميزات النظام الفرنسي، حرية الاختيار للمستفيد وبدون حدود فى الذهاب للأطباء بأنواعهم وأطيافهم وحتى الإبر الصينية، والطبيب النفسي والولادة والعيون والأسنان، بل الذهاب للقطاع الخاص بدون تحويل. تعويض حكومي الحكومة تستحوذ على 64% من أعداد الأسرة فى المستشفيات العامة والخاصة، وتركز على الطب الباطني والنفسي، بينما تركز الخاصة على الجراحات والتوليد، وتم إنشاء هيئات محلية لتوزيع الإمكانات المتاحة بين المستشفيات. وفى هذا النظام يدفع المريض الرسوم ويتم تعويضه من الضمان الاجتماعي، ومن مبادئه مشاركة المريض فى التكلفة بنسبة 11%، وتقدم بعض الشركات تأمين تكميلي "تعاونية وخاصة" وتغطي هذه الشركات بقية التكلفة فى حدود 12% من التكلفة، ويستفيد من خدماتها 87% من السكان. أما الخدمات الوقائية وخدمات المستشفى والرعاية طويلة الأمد فيتم تعويضها بالكامل من النظام الحكومي، والرعاية فى العيادات الخاصة، التي توفر رعاية متخصصة فيتم التعويض عن رسومها جزئيا، كما يدفع الضمان قيمة الأدوية.كما أن التأمين الصحي الوطني الإلزامي يمول من خلال مساهمة أصحاب العمل والمساهمات الاجتماعية العامة والاقتطاع القليل من الرواتب، ويغطي النظام الصحي حاليا جميع السكان، ويمثل القطاع الحكومي منها 78% من التمويل. رعاية شاملة أما ألمانيا، فتمتلك أقدم نظام رعاية صحية شامل فى العالم، ويعود بالأصل إلى قانون " أوتو فون بسمارك الاجتماعي"، والذي يتضمن مشروع قانون التأمين الصحي لسنة 1883، ومشروع قانون التأمين ضد الحوادث سنة 1884، ومشروع قانون تأمين العجز والشيخوخة لسنة 1889، وذلك كتأمين صحي إلزامي، طبقت هذه القوانين عمليا بشكل أولي على عمال الدخل المنخفض وبعض الموظفين الحكوميين، وتوسعت التغطية فى تشريعات لاحقة بشكل تدريجي لتغطي عمليا جميع السكان بالدولة. وتغطي خطة التأمين الصحي الأساسية المعدة من السلطة التشريعية للدولة، حاليا 85 % من السكان،والتي تزود بمستوى قياسي فى التغطية،وتختار البقية التأمين الصحي الخاص الذي يعرض الكثير من المنافع الإضافية،وقد حظي نظام الرعاية الصحية لألمانيا ب 77 % من التمويل الحكومي بينما شكل التمويل الخاص 23 % فى سنة 2004 وفقا لمنظمة الصحة العالمية.فالحكومة تعوض التكاليف جزئيا لعمال الأجور المتدنية، ذوي الدخل المحدود المقدر من طرف الحكومة،بينما يدفع أصحاب الأجور العالية قسطا مستندا على راتبهم، حيث أتاح التعويض المادي مقابل الخدمة للكثير من الأطباء قبولهم بقانون التأمين الصحي وإعطاء البلد نظاما صحيا منظما من قبل المجتمعات الحكومية والمهنية. إعانات صحية ألمانيا لها نظام دفع متعدد بنوعين رئيسيين للتأمين الصحي، حيث تعرض ثلاث إعانات صحية إلزامية ممولة بشكل مشترك من قبل رب العمل والمستخدم، التأمين الصحي، والتأمين ضد الحوادث، وتأمين عناية طويل الأجل،فالتأمين ضد الحوادث يكون مغطى من قبل رب العمل ويغطي أساسا كل الأخطار لرحلات العمل ولموقع العمل،والعناية طويلة الأجل تكون مغطاة بالمناصفة بين رب العمل والمستخدم وتغطي الحالات التي يكون فيها الشخص غير قادر على إدارة نفسه فى روتينه اليومي " كتوفير الغذاء، وتنظيف الشقة، والاعتناء بالنظافة الشخصية،الخ" وتكون باقتطاع 2% من راتب الدخل السنوي أو التقاعدي. الإهمال الطبي وفى هذا السياق قال الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء، إن الإهمال الطبي فى مصر وعدم كفاءة الخدمة المقدمة بشكل جيد، يرجع إلى نقص العديد من الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية بالمستشفيات،بالإضافة إلى ضعف الإنفاق الحكومة على المنظومة الصحية فى مصر. وأوضح أن الحكومة تتهرب من مسئوليتها تجاه المواطنين، موضحا أن الإهمال الطبي يتمثل فى ثلاثة محاور، أولها المضاعفات العادية المذكورة فى الكتب والمراجع العلمية للمرضى، وهى أحد أخطار مزاولة مهنة الطب ويجب أن يقبلها المريض، والثانية أن الأخطاء البشرية قد تكون من الطبيب أو الممرض آو العامل أو الأجهزة، والمحور الأخير هو المخالفات القانونية، وهو مخالفة الطبيب للقانون وعمل عمليات غير مصرح بها. عجز وأكد الدكتور محمد حسن خليل، رئيس لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة، أن مصر بها عجز فى الأطباء بنسبة 45%، وبالتالي كل طبيب يعمل يتحمل عدم وجود طبيبين آخرين وكذلك التمريض، فنسبة العجز تصل ل60% منهم، فكل ممرض يتحمل عبء غياب 3 ممرضين آخرين، لافتا أن عناصر تقديم الخدمة الطبيبة من طبيب وممرضة غير جيدة وبالتالي ينعكس على سوء مستوى الخدمة المقدمة. وأضاف خليل " أنه لتحسين الخدمة الصحية فى مصر، لابد من توفير العدد الكافى من الأطباء والممرضين وتوفير الميزانية الكافية، ومستوى الطبيب متعلق بمستوى التعليم الطبي المقدم له، ومستوى التعليم الطبي متخلف للغاية فى مصر، وعدم تأهيل الطبيب بشكل جيد لمزاولة المهنة. الخدمة سيئة وقال الدكتور إيهاب الطاهر، الأمين العام لنقابة أطباء مصر، إن الخدمة الصحية المقدمة فى المستشفيات غير جيدة على الإطلاق ولا تليق بالمواطن المصري ولا تحقق الحق الدستوري فى الصحة للمواطن.وأوضح أن المستشفيات العامة لا يتم الإنفاق عليها وتوجد أجهزة عديدة معطلة ولا تتم صيانتها وغياب مستلزمات كثيرة، فالمريض يتحمل شراء مستلزمات علاجه كلها من الخارج من علاج وتحاليل وأشعة، وهو غير قادر على تحمل تلك النفقات،مبينا أن الصحة تحتاج إلى تكاليف عالية، فلابد من الإنفاق على الصحة، ومراعاة لظروف البلاد الاقتصادية يتم وضع خطة بتحديد نسبة معينة للإنفاق على الصحة سنويا لتحسين الأوضاع، خاصة أن كل دول العالم الغنية تستقطع جزءا كبيرا جدا من مرتبات الموظفين للتأمين الصحي، ومع ذلك تنفق حكومتهم حوالي 15% من ميزانيتها إضافة لما تم تحصيله من الموطنين لتحسين مستوى الرعاية الصحية. الرواتب وتابع، أن المواطن المصري فقير، فلا نستطيع استقطاع جزء كبير من مرتبه كما يحدث فى الدول الغنية، نظرا لانخفاض المرتبات فى مصر، فبالتالي يجب على الحكومة دفع أكثر من 15% من الميزانية لقطاع الصحة، موضحا أن الحكومة المصرية تقوم بدفع 5 % فقط من الميزانية لقطاع الصحة، مما يعنى أن الصحة تأخذ ثلث نصيبها فقط من الدولة.وشدد على ضرورة رفع الإنفاق الحكومي على الصحة، ولم نطالب بمبلغ معين، فلا يجوز أن ينفق على القطاع الصحي أقل 15 % من الميزانية، وبدون رفع الإنفاق، لا يحدث أي تحسن فى مستوى الصحة فى مصر على الإطلاق، وأيضا زيادة أجور العاملين فى قطاع الصحة، فمعظم الأطباء والممرضين والعمال يشتغلون أكثر من عمل لتحسن مستواهم المادي وبالتالي تقصيره فى عمله الحكومي وتحدث حالات إهمال وأخطاء، ولكن مع تحسين الأجور وعمل حوافز جيدة للعاملين بالقطاع، لإجبار الفريق الطبي الذي يعمل فى أكثر من مكان، للتفرغ لعمله الحكومي فقط وبالتالي تقديم خدمة صحية أفضل.وأشار إلى ضرورة التدريب والتعليم الطبي المستمر للأطباء، فيجب متابعة التطورات الطبيبة التي تحدث فى العالم باستمرار، وذلك من جانب جهة العمل وعلى نفقتها لتحسين مستوى الرعاية والخدمة الصحية.