وجود جناح داخل السلطة التنفيذية يرفض التعديل مطلوب قانون لتنظيم حق التظاهر السلمى لا لتقييده رغم تكليف المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، لوزارة الشئون القانونية بتعديل قانون التظاهر، من خلال دراسة مواد القانون وإبداء ما تراه بأنه جدير بالتعديل أو الحذف من حيث نوع الجريمة أو العقوبة المقررة فى القانون، إلا ان الحكومة لم ترسل تعديلاتها للبرلمان حتى الآن واكتفت بتشكيل لجنة لوضع التعديلات المطلوبة, وهو الأمر الذى فسره البعض بوجود جناح داخل السلطة التنفيذية يرفض تعديل القانون، مؤكدين صعوبة إقرار القانون الجديد خلال الدورة البرلمانية الحالية.. ومنذ الإعلان عن تعديل القانون سارعت الاحزاب بتقديم مقترحاتها وتقدم عدد من النواب بمشروعات قوانين جديدة لتنظيم التظاهر السلمى. النائب"عاطف مخاليف" وكيل لجنة حقوق الانسان بمجلس النواب، أكد أنه تقدم إلى مجلس النواب بمشروع قانون جديد لتنظيم التظاهر، لافتًا إلى أن لجنة حقوق الانسان بالمجلس ستناقش هذا المشروع إلى جانب مقترح الحكومة، علاوة على مقترح المجلس القومى لحقوق الإنسان للوصول إلى الصياغة الافضل للقانون. وأوضح "مخاليف" أنه من الصعب نظر قانون التظاهر خلال الفترة المتبقية فى دور الانعقاد الأول. ويتكون مشروع القانون من 4 محاور الأول يشمل الإخطار، حيث جعل التظاهر بالإخطار وليس التصريح، ولابد من الرد عليه خلال 24 ساعة وحال رفض وزارة الداخلية للتظاهرة عليها، اللجوء لقاضى الأمور المستعجلة، وفى حال تأييد القاضى لرفض عقد التظاهرة عليه تأجيلها بموعد، وإذا لم يتم الرد على الإخطار خلال 5 أيام تعد موافقة, أما المحور الثانى فيشمل الجزاءات، والتى تتضمن عقوبات مالية من 5 آلاف إلى 30 ألف جنيه، ولا مجال للحبس، والمحور الثالث تضمن فض التظاهرات، والتى تبدأ بالإذاعة عبر مكبرات الصوت ثم رش المياه ثم إطلاق قنابل الغاز وأخيرًا الضرب بالعصا. إطار دستورى ومن جانبه أكد الفقيه القانونى "عصام الإسلامبولى" أن أى تعديلات على قانون التظاهر الحالى يجب أن تكون فى إطار الدستور باعتباره القانون الأعلى للبلاد وتفاديا لكل مواضع شبهة عدم الدستورية التى أحاطت بالقانون الحالى. وحول المواد التى تحتاج إلى تعديل، أوضح أنه يأتى فى مقدمتها إلغاء شرط موافقة وزارة الداخلية على التظاهرات واستبداله بشرط الإخطار فقط حسبما نص الدستور، وأن يكون لجهة الإدارة رفع الأمر للقضاء المستعجل للفصل فى إجراء التظاهرة من عدمه، مشددًا على أن لفظ الإخطار واضح الدلالة حسبما نص الدستور فى المادة 73، حيث لم يعتمد النص على موافقة وزارة الداخلية بل تحدث عن إخطارها. وأضاف، أن هناك مواد أخرى يجب إعادة النظر فيها مثل تحديد أماكن التظاهر والإخطار بأسماء منظمى التظاهرة وعدد المتظاهرين، لأن هذه أمور يصعب التحكم فيها وتخضع لمجريات الاحداث وفاعليتها، فضلا عن إعادة النظر فى عقوبات مخالفة قانون التظاهر والتى اتسمت بالشدة وبالنظر إلى طبيعة تلك المخالفات وأنها لا تعدو أن تكون تعبيرا عن الرأى السلمى ويجب مراعاة ذلك الاعتبار عند وضع العقوبات بقصرها على الغرامات المالية دون الحبس وأن تكون فى مقدرة المواطن العادى. وعن الآثار القانونية المترتبة على إدخال تعديلات على القانون، أكد أنه "حال تعديل المادة الخاصة بموافقة الشرطة على المظاهرة والاكتفاء بالإخطار فقط، فمثل هذا التعديل يترتب عليه زوال التجريم القانونى عن وقائع الإخطار بدون موافقة الشرطة والذى ترتب عليها حبس العديد من الشباب وبإلغاء التجريم يعود لذلك السلوك وصف الإباحة ويعتبر ذلك هو القانون الأصلح للمتهم ويجب تطبيقه فورا والإفراج عن كل المحبوسين على ذمة ذلك القانون فيما يتعلق بمخالفة ذلك البند، مشيرًا إلى أن صدور التعديلات بهذا الشكل يجعلها تطبق بأثر رجعى لأن القاعدة الدستورية مادام التعديل هو الاصلح للمتهم فيجب ان يطبق عليه. وحول عدم تسليم الحكومة مقترحاتها للتعديل حتى الآن، أكد الإسلامبولى، أن الحكومة شكلت لجنة بالفعل لإدخال التعديلات المطلوبة وسوف تتنهى اللجنة من عملها خلال الاسبوعين القادمين. وطالب الإسلامبولى القيادة السياسية بأن تتصالح مع الشباب الذين تم حبسهم وفقًا لقانون التظاهر الحالى لا الشباب هم المستقبل, وتابع للأسف القيادة السياسية وقعت فى خطأ شديد عندما حبست هؤلاء الشباب بسبب اشتراكهم فى تظاهرات, ولابد من تصحيح الخطأ وإخلاء سبيل من تظاهروا بشرط أن تكون التظاهرات التى شاركوا فيها سلمية بعيدة عن العنف والتخريب. حق أصيل أما "عبد الغفار شكر" نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان فأكد أن قانون التظاهر الحالى يتعارض مع ما أكده الدستور من أن التظاهر السلمي والتجمع حق أصيل للمصريين، مشيرًا إلى أن هناك شبهة إجماع بين القوى السياسية والمجتمعية على ان تطبيق هذا القانون شمل شباب الثورة المسالمين الذين لم يمارسوا العنف، كما أجمعت هذه القوى أيضا على ان يتم تعديل هذا القانون وفق ملاحظات المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي رفض مشروع القانون قبل صدوره وواصل رفضه بعد الصدور. وأوضح المجلس في ملاحظاته أن القانون يتعارض مع نص دستوري صريح بأن التظاهر السلمي حق للمواطنين بالاخطار في حين ان القانون يجعله بالتصريح وهو ما يجب ان يتم تعديله. كما أن القانون تضمن جرائم يعاقب عليها قانون العقوبات مثل الاعتداء على المنشآت العامة أو الخاصة وقطع الطريق وتعطيل المواصلات وهي جرائم يعاقب عليها قانون العقوبات بالسجن لمدد تصل إلى 7 سنوات والغرامة بمئات الألوف من الجنيهات، ولما كان القانون ينظم حق التظاهر السلمي فانه لا مبرر لإدراج هذه الجرائم في قانون التظاهر وقد أساء لسمعة مصر في الخارج بالأحكام التي صدرت ضد الشباب المتظاهر سلميا بالسجن والغرامات الكبيرة وهناك أيضا ملاحظات أخرى ينبغي الاخذ بها في تعديل القانون منها : إلغاء المادة السابعة: لأنها تتضمن ما يمنع الإضرابات العمالية السلمية بحجة تعطيل الإنتاج، ولأنها تستخدم تعبير الإخلال بالنظام العام وهو تعبير غامض يمكن إساءة إستخدامه لمنع التظاهر السلمى ولأن الأفعال المشار إليها فى الجزء الأخير من المادة لا تنطبق على المظاهرة السلمية ومجال العقاب عليها فى المواد الأخرى من قانون العقوبات, وأن يكون الأخطار عن المظاهرة قبل موعدها بثمانية وأربعين ساعة فقط وليس سبعة أيام، وتعديل المادة التاسعة: بشطب الفقرة الأخيرة ( محاولة إيجاد حلول لتلك المطالب أو الإستجابة لها ) لأنها يمكن أن تستخدم فى منع المظاهرة بحجة أن المسئولين استجابوا لمطالب المتظاهرين دون أن يكون ذلك حقيقياً، وإلغاء المادة الحادية عشرة لأنها تصادر حق التظاهر على أساس نوايا المتظاهرين قبل المظاهرة، والأجدى أن يكون التعامل معهم على أساس أفعالهم أثناء المظاهرة، وتعديل المادة الثالثة عشرة: بنقل استخدام الهروات فى فض المظاهرة من المرحلة الأولى إلى الثانية، وتعديل المادة السادسة عشر: ليكون الحرم الآمن للمواقع التى يتم التظاهر أمامها لا يزيد على خمسين متراً فقط وليس ثلاثمائة كما جاء فى القانون وايضا تعديل المادة السابعة عشر: بحذف النص الخاص بتحديد حد أقصى لإعداد المجتمعين لأن المحظور فقط هو عدم تعطيل المواصلات أو قطع الطرق، وإلغاء عقوبة السجن والحبس والاكتفاء بتوقيع غرامات مالية مناسبة للمخالفات التى تقع فى المظاهرات السلمية . وحول تباطؤ الحكومة فى ارسال التعديلات الى البرلمان أكد"شكر" أن هناك جناحًا داخل السلطة التنفيذية يرفض تعديل القانون. حوار مجتمعى ومن جانبها أكدت د"كريمة الحفناوى" أهمية أن تعرض التعديلات المقترحة سواء من الحكومة أو من البرلمان للحوار المجتمعى ويتم أخذ مقترحات الأحزاب والقوى الوطنية حتى نخرج بقانون توافقى يتلاءم مع ماجاء فى الدستور والمعايير والاتفاقيات الدولية، مشيرة الى أن التعديلات التى شملها قانون التظاهر يجب أن تتضمن أن يكون التظاهر بالإخطار وليس بتصريح من وزارة الداخلية, وإن وجدت وزارة الداخلية ما يدفع لإلغاء التظاهرة عليها اللجوء للمحكمة لمنعها وليس العكس، مثل أى قانون تظاهر بأى دولة فى العالم، لأن الداخلية ليست جهة منع بل يكون الفصل للقاضى. وطالبت بضرورة إلغاء عقوبة الحبس وحتى الغرامات يجب عدم فرض غرامات عالية حتى لا يتم تقييد الحق.