لا ينكر الجهد الذي بذلتموه معاليكم خلال الفترة الماضية إلا جاحد أو حاقد. ولا يتسع المقام إلي تفصيل ذلك. ومن أهم ما قام به - من وجهة نظري -: توحيد خطبة الجمعة. فقد حققت أفضل الثمار. وساهمت في جمع الكلمة ووضحت كيف تكون وسطية الإسلام. ومع هذه الجهود المباركة لا تزال ثلة من الأئمة تخالف توجيهات الوزارة. كما تخالف ما جاء به القرآن الكريم والسنة الصحيحة فيما يتعلق بخطبة الجمعة: الدرس الديني الذي ينتظره عامة المسلمين كل أسبوع. حتي سمعت همس بعض المصلين يقولون: أين وزارة الأوقاف؟ وهم محقون في ذلك. فقد لاحظت علي بعض الأئمة إطالة مقدمة الخطبة بصورة غير مقبولة وكأنها خطبة أخري. وهذا بدوره يؤدي إلي إطالة الخطبة حتي تصل إلي ثلاثة أرباع الساعة. ولإحساسه بالإطالة يقرأ في الصلاة بسورتي: النصر والإخلاص. وفي ذلك مخالفة صريحة للأحاديث الصحيحة التي ترشد إلي تقصير الخطبة وتطويل الصلاة. ومن ذلك: ما روي عن جابر بن سمرة قال: كان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - لا يطيل الموعظة يوم الجمعة. ومنها: ... فأطيلوا الصلاة. وأقصروا الخطبة. وهناك نموذج آخر أسوأ مما قبله. فبالرغم من الإطالة. إلا أنه تعوّد علي إيراد العديد من أبيات الشعر. فما من جزئية يتحدث عنها إلا ويختمها بالعديد من الأبيات التي لا يفهم معناها أكثر المصلين. ويشهد الله تعالي أنني كنت أري في وجوه بعض المصلين السّخَط والملل ومطالعة الساعات. ولولا أنهم يعرفون أن الحديث أثناء الخطبة يبطل الصلاة لصاحوا في وجهه وقالوا له: كفي ؟! نموذج ثالث يتكرر في مناسبات العيدين: يقف الإمام أمام المصلين في الساحة المجاورة للمسجد ويمسك بمكبّر الصوت ويلقي علي المصلين بعض النصائح ثم يختمها بالعبارة الدارجة: كل عام وأنتم بخير. وفي ذلك مخالفة صريحة لما صحّ عن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وعن الصحابة والتابعين وإجماع المسلمين من أن للعيد خطبتين مثل الجمعة تماما. يكبّر في الخطبة الأولي تسع تكبيرات. وفي أول الثانية سبعا. فقد روي ابن ماجه عن جابر بن عبد الله قال: خرج رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يوم فطر أو أضحي فخطب قائما. ثم قعد قعدَة ثم قام. فلا أدري إلي أيّ مذهب ينتمي هؤلاء؟!. فعلي وزارة الأوقاف أن تعالج مثل هذه الظواهر السلبية بوسائلها الخاصة. ومنها: تكثيف دورات التفتيش وكتابة تقارير مفصّلة عن الأئمة الذين يخالفون صحيح الدين. حتي لا نعطي المتطاولين علي الإسلام حجة علي صدق ما يقولون. وفقكم الله تعالي. وسدد علي طريق الخير خطاكم.