أعرض في هذه السطور بعض أجزاء النخلة حيث أن كل جزء منها تتجلي فيه عظمة الخالق سبحانه وتعالي. 1- المجموع الجذري: يبدأ المجموع الجذري لنخيل البلح في التكون بمجرد إنبات النواة إذا كان التكاثر بواسطة زرع النواة أو عن طريق السائل وهو ما يسمي المجموع الجذري الوتدي ثم يتلاشي بالتدريج لتحل محله جذور عرضية وتأخذ في الازدياد حجماً وعدداً مع زيادة نمو النبتة وهي جذور ليفية خالية من الشعيرات الجذرية وتقوم بامتصاص الماء والغذاء من التربة عن طريق خلايا السطح في هذه الجذور العرضية وتمتد وتنتشر بسرعة فائقة في التربة لتعين النخلة علي تثبيتها في الأرض وعلي إمكانية انتصابها قائمة لارتفاعات شاهقة. فهذه الجذوع السميكة والممتدة في الأرض لمسافات كبيرة تجعلها تقاوم العوامل البيئية المختلفة من رياح وحرارة وبرودة. وهذا الامتداد يجعلها تخزن المياه بكميات كبيرة. 2- المجموع الخضري ويشمل: أ- جذع النخلة: وهو أسطواني بقطر يتراوح بين 40سم و90سم وارتفاع يتراوح بين أقل من مترين وأكثر من ثلاثين متراً وليست له فروع ومغطي بنوع خاص من الليف وبنهايات السعف القديم الذي تعرف الواحدة منه باسم الكربة وهي تقوي الجذع وتحميه من عوارض الجو ومن تعدي الحيوانات ومن تبخر الماء منه. ب- القمة النامية للنخلة: وتعرف باسم "الجمارة" وتحتوي علي البرعم القمي الوحيد الموجود في رأس النخلة وتختزن فيه كمية كبيرة من العصارة الغذائية الناضجة وهو المسئول الأوحد عن عمليات النمو الرأسي فيؤدي إلي استطالة الجذع وتكوين الأوراق عليه وتتكون كل من الزهور والثمار بعد ذلك وبموت هذه القمة النامية تموت النخلة ولذلك أحاطها الله تعالي بغلاف عازل سميك مكون من قواعد السعف الملتفة والمتراصة لحمايتها من التغيرات المناخية والجوية. ج- أوراق النخل "سعف النخل": وهي أوراق مركبة ريشية الشكل طويلة جداً وتنتج النخلة الواحدة بين العشرة والعشرين سعفة في السنة وعدد ورقها "الخوص" بين 3 و6 وريقة "خوصة" وطولها بين 15 و100سم وعرضها بين 1 و6سم هذا بالإضافة إلي عدد من الأشواك في الجزء الأسفل من السعفة وكل شوكة عبارة عن وريقة متحورة. وقد جعل الله تعالي وريقات النخل من الخوص الجلدي المانع لتسرب الماءپوجعلها علي هيئة رمحية مدببة الأطراف ومطوية بصورة مائلة علي محورها وهي ذات القمة الشوكية. ومن حكمة الله تعالي أن حور بعض الوريقات علي هيئة أشواك لتقليل تسرب الماء منها بعملية النتح والتي تكون بدورها قليلة جداً. 3- المجموع الزهري والثمري للنخلة: تخرج نورة النخلة من إبط الورقة "السعف" والنورة عبارة عن أغريض وهي كبة ومتفرعة إلي عدة أفرع "شماريخ" يحمل كل منها أزهاراً مغروسة في الفرع المحمولة عليه. والأغريض عبارة عن سنبلة مركبة تشمل الشماريخ والأزهار. والشماريخ هي فروع متحورة لحمية غليظة تحمل الأزهار. والأزهار وحيدة الجنس "إما مؤنثة أو مذكرة" منتظمة بدون عنق أي محمولة علي الشماريخ مباشرة وهناك ما يقرب من العشرة آلاف زهرة علي الطلع الواحد. ومن البديع أن حمي الله تعالي زهور النخلة بغلاف جلدي متين غير منفذ للماء يحيط بها إحاطة كاملة. والأزهار المذكرة بيضاء اللون مائلة إلي شيء من الصفرة وتوجد في فحول النخل وهي أزهار متلاصقة وكثيرة. أما الأزهار المؤنثة فهي صفراء اللون وهي أصغر حجماً من الأزهار المذكرة وتوجد علي إناث النخل وتحمل عدداً أقل من الأزهار ويتم التلقيح بين فحول النخل وإناثه إما تلقيحاً طبيعياً بواسطة كل من الرياح والحشرات أو تلقيحاً صناعياً "يدوياً أو آلياً" ويحمل النورة محور يصلها برأس جذع النخلة. والتعبير القرآني في غاية البلاغة والإحكام "لها طلع نضيد" "ق: 10" أي منضود. أما الثمار فهي ثمرة بداخلها نواة ذات فلقة واحدة تحتضن جنين النخلة بداخلها وتحيط به طبقة الأندوسبرم علي هيئة سويداء قرنية لحماية الجنين وتغذيته في فترة الإنبات. وفي حالة عدم تلقيح الزهرة المؤنثة تعطي ثماراً صغيرة بدون نوي ومجتمعة مع بعضها تحت قمع واحد وهي ثمار لا قيمة لها من الناحية الاقتصادية أو الغذائية. وهكذا يزرع النخيل بغية الاستفادة من البلح أكلاً وعلاجاً والاستفادة من الجريد والسعف بصناعات كثيرة في منتهي الجودة والقوة. والحديث عن النخلة يمتد امتداد الأجيال. فهي غنية بقيمتها وأهميتها وهي الشجرة التي جاورت الفقراء وأطعمتهم خلاصة خيرها وغطت سقوفهم وأوقدت نيرانهم فهي رمز للصحراء بكل آلامها وأفراحها وهي الربيع الدائم.. وللحديث بقية إن شاء الله تعالي.