بعد مرور عام علي تطبيق وزراة الأوقاف للخطبة الموحدة والتي كانت ضرورة ألجأتنا إليها تلك المرحلة الفارقة من تاريخ الوطن. كما قال المسئولون في الاوقاف مؤكدين ان المرحلة لا تحتمل العبث أو الرهان علي ما يفرق شمل أبنائه وما يواجهه من غلو وتشدد البعض. وما يطرحه البعض. وكأننا حديثو عهد بالإسلام وكأن مصر لم تكن في يوم من الأيام حصن الإسلام ومنعها المنيع ضد الغزاة ومريدي الهدم.. فيا تري بعد مرور عام اويزيد هل حققت تلك الضرورة أهدافها بعد عامها الأول؟ وما هو راي الائمة والدعاة انفسهم حول هذه الفكرة وما مدي التزامهم بها. البداية قال الشيخ محمد عبد الغفار-خطيب وعضو نقابة الأشراف- ان الخطبة الموحدة عمل متميز ومهم من جانب وزارة الأوقاف لرفع مستوي الخطباء والخطاب الديني عموما فمن شأن الخطبة الموحدة توحيد الأفكار والرؤي والعرض والهدف خصوص فيما يمس الوطن وأمنه القومي ووحدته الاجتماعية فهي فعلا قد أدت بعض أغراضها وأهدافها ولكن عليها بعض السلبيات والمآخذ ومنها أن الخطبة التي تصلح لقاطني المدينة قد لا تصلح لقاطني الريف مثلا كما أن الخطبة الموجهة "بفتح الجيم" قد لا تؤتي ثمارها بخلاف الخطبة الموجهة "بكسر الجيم" فالخطبة الموحدة قد تجعل الخطيب أسيرا لمن كتب الخطبة وعناصرها فهو ملتزم بها ولو لم تعجب الجمهور. أشار عبد الغفار الي أن توحيد الخطبة فيه مصادرة علي عقل الخطيب والداعية فالدعوة رسالة وأسلوب وشخص حامل للرسالة الدعوية ووسيلة ومدعوون وهذه هي أركان عملية الدعوة لو فقدت احداها فشلت الدعوة والخطبة تحتاج فعلا الي اعداد جيد وعناصر متميزة وأسلوب رصين واستمالة واقناع وتلوين عاطفي كما أنها في حاجة الي بصمة الخطيب والداعية حتي يصل برسالته الي أعماق القلوب ويؤثر في مستمعيه ويستجاب لدعوته ورسالته. وشدد علي ضرورة أن يكون الداعية مؤهلا تأهيلا قويا ومدربا تدريبا عاليا علي فن التعامل مع الجمهور والتأثير في الناس بحلو كلامه وعذب بيانه فلا بد من التدريب المكثف. اختتم عبد الغفار حديثه بضرورة ترك موضوع الخطبة الموحدة قائما ولكن برءوس موضوعات وعناوين كبري ومعها عدد من العناصر لا بأس به وتترك الصياغة للخطيب حتي يعمل فيها عقله وفكره وجهده ويظهر أسلوبه وبراعته في فن الخطابة والا فلن يستطيع الخطيب مهما أوتي من بلاغة وقدرة علي التعبير والبيان أن يصل الي قلوب الناس أو يؤثر فيهم مهما كانت قوة العبارة الواردة اليه وان كان ولا بد فانني أري كتابة الخطب الموحدة والقيمة وطباعتها في كتب وتوزيعها علي الخطباء ليتعلموا ويقتبسوا منها ويلتزم كل منهم بالاطار العام أو السياسة العامة والاستراتيجية الدعوية وتصبح كلمة الخطبة من رأسه. توحيد العنوان لا الموضوع أكد د.اشرف سمير النجار -امام وخطيب- أن مشروع الخطبة الموحدة ليس فيه توحيد للخطبة بالمعني المعروف انها موحدة في مضمونها لكنها موحدة في عنوانها فقط فالوزارة ترشدنا الي موضوعات الساعة وللامام الحرية في تحضير خطبته ويجتهد بعض الائمة في تحضيرها ومشاركة الجميع فيها عن طريق شبكة المعلومات الدولية الانترنت مضيفاً اننا بعكس دول محيطة بنا يقرأ الامام الخطبة كلها من الورقة المعدة سلفا من وزارته. وحذر النجار من انحدار مستوي بعض الأئمة لاعتمادهم علي تحضير غيرهم ناصحاً بتحضير الخطبة من كتب التراث ليكونوا انفسهم علميا كذلك من عيوب توحيد الخطبة علي مستوي الجمهورية أنه ما يصلح للعاصمة قد لايصلح للقري وما يصلح للحضر لا يصلح للبدو ومن ثم لابد من مراعاة ذلك كذلك اختيار ائمة للعمل بالارشاد الديني ومساعدة الائمة الجدد. وتابع التجربة في مجملها ناجحة لكن تحتاج للتعديل الذي ذكرته انها لا تعمم علي مستوي الجمهورية وتحتاج الي عمل استبيان شهري بأخذ آراء الائمة في تحديد العنوان. مساحة للإمام الشيخ محمود الابيدي امام وخطيب باوقاف الدقهليه يري ضرورة اخذ الراي والشوري وترك مساحة للإمام يتحدث فيها مع يناسب الحدث الذي يقف فيه واذا اصاب يكافأ ويشكر وان اخطا يزجر ويحاسب. الشيخ شريف عبد الرازق : هناك مواضيع مفيدة وهناك مواضيع كثيرة غير مفيدة ومتكررة ولها هدف سياسي ونحن نطالب بأن يكون المنبر بعيدا عن السياسة ولا توجد مواضيع في الرقائق أو العقيدة وغيرها من المواضيع الهامة. وعلي سبيل المثال كانت الجمعة قبل الماضية عن الانتحار وهو موضوع رائع في المدينة ولا يصح ان يناقش في القري لانهم في وقت حصاد وفي حاجة الي احكام الزروع والثمار. عزلة عن المجتمع اما الشيخ أسامة فخري الجندي يقول في بداية الأمر كنت مسرورا بتوحيد الخطبة علي أساس اننا سنجد أنفسنا أمام دعاة يبحثون وينظرون ويفكرون بدلا من البعض الذي دائما ما يحصر نفسه في فكرة بعينها لا يتعداها او يكون في معزل عن مجتمعه الذي يعيش فيه. أو يحفظ بعض الكلمات ثم يصعد ويرددها وانتهي الأمر دون بيان الغاية المرجوة من النصوص التي تم سردها . وقد كان في بداية الأمر موضوع رائع نتناول فيه أكثر من موضوع مواكب للأحداث ومعايش للواقع ... أما الآن فلا شك أن البعض جيد والبعض آخر فيه تكرار وإن اختلفت العناوين ... واري مع احترامي للقائمين علي الأمر ... أن الأصل أن يتم اختيار مجموعة من السادة الأئمة والدعاة مع القيادات لوضع عناوين الخطب ناظرين إلي المناسبات الحياتية والقومية . مواكبين الحدث ... كما يكون ذلك بطريقة علمية وخطابية في نفس الوقت ... أي فيها التوثيق وكذلك مخاطبة العقول والجوارح والروح ... ولا نتناسي المناسبات الدينية التي نستطيع بكثير من الفكر أن نسقط أحداثها علي الواقع .... ومن الممكن أن نسهم في الحياة العامة كدعاة وأئمة بعرض حلول للمشكلات وإدارة الأزمات لأن الأصل في الداعية أنه رأس مال اجتماعي ... والأصل فيه أن يكون لديه تفكير شبكي. الشيخ ايمن اللحيوي امام وخطيب بالقليوبية يقول بداية كان الأمر مشجعا لكن بعد ذلك أصبح الأمر مملا نظرا لتكرار المواضيع وعدم مراعاة المناسبات أقترح ترك الأمر للإمام يختار ما يصلح لجمهوره ولا أري مانعا طالما لا يوجد خروج عن النص. ويري الشيخ ابراهيم البدري خطيب بالاسكندرية انه بتوحيد الخطبة فقد عَلِمُوا الإمام البلادة ... وجعلوه ناقلا لما كتبوه . لا يبحث ... لا يجدد ... لا يطور وان استمر الامر علي هذا الحال فخذ العزاء في الإمام وقل انا لله وانا إليه راجعون . مات الإمام. حرية الإمام الداعية الشيخ محمد عبدالغني يري ان الخطيب في القرية أو الحي الذي يعيش فيه بمثابة طبيب يعالج أسقام وأمراض من حوله بحكم أنه يتعايش مع مشاكلهم وآلامهم وآمالهم فهو وحده الذي يستطيع تشخيصها وعلاجها وهذه الأحوال تختلف من مكان لآخر فمثلا لو جاء إمام من قرية أخري غريبة أو من حي آخر لا يستطيع أن ينهض بهذا العبء وتلك المسئولية حتي ولو نبه لذلك لأنه لم يخالط هذه الشريحة من المجتمع ولذلك كان ينبغي أن يترك لفضيلة الإمام الحرية المطلقة في اختيار الخطبة باعتبارها علاجا لما استجد من أسقام وأوجاع يراها بحكم مخالطته لمجتمعه وإن أرادوا ضبطا لذلك كان من الممكن أن يقدم كل إمام الخطبة مكتوبة سلفا لتراجع عن طريق لجنة بإدارته أو في المديرية التابع لها لتراجع وهنا نكون جمعنا بين الحسنيين أن يقول الامام ما يراه يصلح لبيئته وأن تراجع وتضبط شرعا لكنني أري أنهم بذلك جمدوا الخطبة ولم يوحدوا الخطبة. ابتكار أما الشيخ أشرف سلمان فيقول انها خطوة طيبة لكن تحتاج إلي ابتكار في اختيار الموضوعات وعدم تكرارها. الشيخ أبوالمعارف أحمد يقول اري توحيدها في الضرورات والنوازل الهامة فقط والمناسبات الدينية المختلفة وترك الحرية للامام في اختيار الموضوعات فيما عدا ذلك علي حسب البيئة المحيطة به مراعاة لحال المستمعين وظروفهم. واحدة كل شهر أبويوسف صالح اقترح ان تكون خطبةواحدة موحدة من الوزارةويكون الامام حرا باقي الشهر مثل الاول بما يتناسب مع المكان والزمان والله اعلم. الشيخ رضا الهادي يقترح انه. كل خطيب يعالج الموضوع المحدد بطريقته الشرعية الوسطية دون الاخلال بمطلب الوزارة.. والحمد لله من بيننا من دون كتباً وقادرون علي إحتواء الأمور.. وكل منا وزير في مكانه. ويقول الشيخ عبيدالله محمد شوقي بالعكس توحيد الخطبة للاسف جعل المساجد تخلو من الناس الا في وقت الصلاة فقط فلم يعد الناس يحضرون الجمعات ولكن اذا اتم الامام الخطبة دخلو الي المسجد لان الخطاب مكرر ويتهم فئات من الناس ليس هدفه توحيد صفوف الشعب ولا الامة ولكن هدفه شق الصف وصدع البنيان.