لله رجال اختصهم بموهبة متميزة.. ووضع في حناجرهم أنغام السماء فانسابت فناً جميلاً بالتواشيح والأناشيد العذبة التي تنزل علي قلوبنا برداً وسلاماً.. خاصة في المناسبات الدينية وفي شهر رمضان المبارك والذي يكون لهذه الأنغام طعم خاص.. ويكون لأصحابها حضور أقوي بيننا.. تعالوا لنتعرف علي مسيرة حياة وحلاوة فن هؤلاء النجوم.. نجوم الإنشاد والابتهالات والمدائح. صاحب صوت عميق عريض.. استطاع مع زميله الشيخ "عبدالسميع بيومي" أن يذودا عن دولة الإنشاد ويصونا حرمتها.. ويدفعا عنها هجمة الهبوط والإسفاف. إنه الشيخ "محمد الفيومي".. أحد أساطير التواشيح الدينية.. وكانت سهراته في ليالي الشهر المبارك بأحياء "الحسين" و"السيدة زينب" و"الإمام الشافعي" بالقاهرة و"المرسي أبوالعباس" بالإسكندرية وغيرها من الأماكن التي يتردد عليها عشاق هذا الفن الجميل في مختلف المحافظات. اشتهر الشيخ الفيومي بأنه صاحب صوت رخيم متعدد المساحات.. وهو ما جعله قادراً علي أداء أصعب التواشيح التي وضعها كبار الملحنين لهذا الفن الديني مثل: الشيخ زكريا أحمد والشيخ إسماعيل سكر.. وغيرهما.. وإن كان هناك من "الوشاحين" من اقتصر علي التواشيح والابتهالات الدينية وكانت لهم شهرتهم المدوية في هذا المجال.. ومنهم: المشايخ: طه الفشني وعبدالسميع بيومي وكامل يوسف البهتيمي.. إلا أن الشيخ الفيومي كانت له اسهامات في مجالات فنية أخري. من هذه المجالات: الموشحات الغنائية وهي تختلف عن الموشحات الدينية.. كما كانت له إسهامات في الفن العاطفي.. مثل "الأدوار".. وقد سجل العديد منها للإذاعة المصرية وتغني بها في سهرات وحفلات وأمسيات عديدة. ايضا.. كان للشيخ محمد الفيومي شغف خاص بالأدوار التي ابتدعها المطرب والملحن "محمد عثمان" مثل: "بستان جمالك.. أجمل وابهي من بستان" و"كادني الهوي".. وهذا شيء ليس بمستغرب.. أتمني أن يكون شخصياً قارئاً للقرآن ومؤدياً للتواشيح.. مطرباً.. فمعظم أساطين الفن وأصحاب الفضل الأول في تطور الموسيقي العربية والمصرية خاصة من المشايخ.. واقرأوا بعض الأسماء إذا شئنا: الشيخ أحمد أبوخليل القباني. الشيخ سلامة حجازي. الشيخ سيد درويش. الشيخ سيد مكاوي. إذن.. الشيخ محمد الفيومي كان "وشاحاً" ممتازاً ومطرباً عظيماً.. ساعده علي ذلك دراسته الموسيقية المتقنة.. ووجوده في عصر عمالقة قراءة القرآن والإنشاد الديني.. والطرب الأصيل.. للدرجة التي وجدنا خلال هذا العصر أصواتاً جميلة رائعة النبرات جمعت بين القراءة والإنشاد والغناء معاً.. مثل المشايخ: مصطفي إسماعيل وإبراهيم الفران ويوسف المنيلاوي وغيرهم من العمالقة الذين أثروا في الشيخ الفيومي ورفعوه معهم إلي مصاف النجوم والمبدعين الذين لن يجود الزمن بمثلهم لقرون قادمة.. رحم الله الجميع.