لله رجال اختصهم بموهبة متميزة.. ووضع في حناجرهم أنغام السماء فانسابت فناًَ جميلاً بالتواشيح والابتهالات والأناشيد العذبة التي تنزل علي قلوبنا برداً وسلاماًَ.. خاصة في شهر رمضان المبارك والذي يكون لهذه الأنغام طعم خاص ويكون لأصحابها حضور قوي بيننا.. تعالوا لنتعرف علي مسيرة حياة وحلاوة فن هؤلاء النجوم. أحد أعلام التلاوة والترتيل.. وقطب من أقطاب الإنشاد والتواشيح والمدائح النبوية.. وصاحب أسلوب خاص يميزه عن سائر أساليب زملائه.. وكانوا يعتبرونه التلميذ الأول.. أو الألفة في مدرسة الشيخ علي محمود. إنه الشيخ "طه الفشني" واسمه بالكامل طه مرسي الفشني من مواليد أوائل القرن الماضي عام 1900 بمدينة الفشن بمحافظة بني سويف بالوجه القبلي. بدأ حبه وقراءته للقرآن الكريم وهو في "كتاب" البلدة.. وفي المدرسة الأولية شجعه ناظرها علي حفظ القرآن بعد أن لمس حلاوة صوته وإلتزامه بكل قواعد الأداء. في صحن الأزهر الشريف تعلم القراءات علي يد الشيخ عبدالعزيز السحار ثم تعلم أصول النغمات والموسيقي من الشيخ درويش الحريري.. وتعلم أسس الإنشاد الديني والعزف علي آلة العود من الشيخين: علي المغربي وإسماعيل سكر. كان أول ترتيل للشيخ طه خلال شهر رمضان بمنزل البدراوي عاشور أحد الشخصيات المصرية المعروفة في ذلك الوقت.. ورتل القرآن الكريم علي مدي تسع سنوات أيام الملكية بقصر "عابدين" في القاهرة وقصر "رأس التين" بالإسكندرية.. ثم أصبح "قاريء سورة الكهف" بمسجد السيدة سكينة رضي الله عنها.. والمؤذن الأول لمسجد الإمام الحسين رضي الله عنه وفي إحدي الليالي التي كان يحييها في الحسين استمع إليه "سعيد باشا لطفي" من الإذاعة المصرية فأعجب به.. وعلي الفور.. التحق بالإذاعة وكان ذلك عام .1937 استمر طه الفشني يشارك في التسجيل للإذاعة أكثر من ثلث قرن قبل أن يسجل للتليفزيون في أعقاب بث إرساله وعلي مدي عشر سنوات وله تسجيلات كثيرة في مختلف البلاد العربية والإسلامية التي زارها مرتلاً للقرآن الكريم ومؤذنا للتواشيح الدينية..ومنحه بعض رؤساء وملوك هذه الدول الأوسمة وشهادات التقدير ومن بينها: وسام الطبقة الأولي من الرئيس الماليزي "تنكو عبدالرحمن".. ثم تكريمه في وطنه بمنحه جائزة الدولة التقديرية عام 1981 ونوط الامتياز من الطبقة الأولي في احتفال ليلة القدر عام .1991 ظل الشيخ طه الفشني يواصل جهوده الرائدة والرائعة للحفاظ علي فن التواشيح أحد الأسس الرئيسية في تراثنا الفني والموسيقي.. وللحفاظ أيضا علي سائر فنون الإنشاد الديني من خلال لقاءاته وأمسياته مع كبار المنشدين والملحنين وحثهم علي ضرورة مواصلة تدريب المواهب الجديدة في هذا المجال من بطانة المنشدين الذين يعملون مع كبار المشايخ.. كذلك جهوده أثناء رئاسته لرابطة القراء العامة.. إلي أن لقي ربه في العاشر من شهر ديسمبر عام .1971