ثالث قارئ تتعاقد معه الإذاعة بعد محمد رفعت والشعشاعي فقد صوته بالقاهرة واسترده في عرفات الإذاعة البريطانية تبث قراءته مرتين أسبوعيا في 10 ديسمبر 1971 أعلنت الإذاعة المصرية رحيل المطرب والمنشد والقارئ الشيخ طه الفشني ، ارتبك السامعون من لقب المطرب ..! فالشيخ طه الفشني هو المنشد الديني وأحد أعلام القراء وقطب من أقطاب الإنشاد والتواشيح والمدائح النبوية بمصر والعالم العربى والإسلامى ، وهو ثالث قارئ تتعاقد معه الاذاعة بعد الشيخين محمد رفعت، وعبد الفتاح الشعشاعي ؛ فمتي أخذ لقب مطرب أيضا ً ؟ لم يعلم الملايين من مستمعي ومحبي صوت الشيخ طه الفشني أن رحلة حياته اتخذت مراحل عدة حتي لقب بملك التواشيح الدينية بعد أن أمتع الملايين بحلاوة صوته . المرحلة الأولي في حياة الشيخ الفشني تمثلت في نشأته الدينية حيث ولد سنة 1900 في أسرة متدينة ميسورة الحال بمدينة الفشن بمحافظة بني سويف ، حفظ القران في كتاب القرية وتدرج في دراسته الدينية حتي حصل علي كفاءة المعلمين من مدرسة المعلمين سنه 1919 ، سافر الشيخ طه إلي القاهرة للالتحاق بكلية دار العلوم ولكن الأحداث السياسية في مصر آنذاك – أحداث ثورة 1919 – حالت دون وصوله لهذا الهدف ليعود إلي بلدته مرة أخري . لتأتي المرحلة الثانية من حياته نبراسا ً يضئ له طريق النجاح حيث عاد مرة أخري للقاهرة ليلتحق بالأزهر هذه المرة ، ويتعلم فنون القراءات علي يد الشيخ عبد الحميد السحار واتقن علوم التجويد, وأثناء دراسته في الأزهر ، أتخذ مسكنه في حي الحسين الذي كان يسكن بالقرب منه الشيخ علي محمود ملك التواشيح الدينية ،وكان للشيخ علي محمود فرقة تواشيح خاصة فعرض علي الشيخ طه الفشني ان ينضم لبطانته.. وتأتي له فرصة ذهبية حينما طلب الشيخ علي محمود منه أن يحيي إحدي الليالي الرمضانية عام 1937 في مسجد الحسين فكان من وسط الحضور مدير الإذاعة المصرية – آنذاك – سعيد باشا لطفي فعرض عليه أن يلتحق بالعمل في الإذاعة، واجتاز الشيخ الفشني جميع الاختبارات بنجاح، وأصبح بالفعل مقرئا بالإذاعة ومنشدا للتواشيح الدينية على مدى ثلث قرن . أما عن لقب المطرب ففي مرحلة من حياة الشيخ طه بدأ مطربا ؛ بعد أن درس علم النغمات وعلم الموسيقي وعلم الاصوات ، فقد درس الموسيقي مع الشيخ زكريا أحمد ومرسي الحريري, ودرويش الحريري ومحمد عبد الوهاب. وقد حفز صوته كل من أستمع إليه من الملحنين أن يلحن له ، وبالفعل قام الشيخ طه باداء بعض الأغاني ؛ كما روي عن حياته أنه شارك أم كلثوم وعبد الوهاب في إحياء حفل زواج الملك فاروق كمطرب . ومن الإبداعات المميزة للشيخ طه أنه كان علي علم كبير بالمقامات والأنغام و صاحب مدرسة متفردة في التلاوة والإنشاد قيل عنه إنه أول من أدخل النغم علي التجويد مع المحافظة علي الأحكام فكانت له رئاسة فن الإنشاد في زمنه وكان أشهر أعلام هذا الفن بعد الشيخ علي محمود. وكانت له قدرة علي تغيير صوته وطريقة إنشاده أو قراءته وكان يستطيع أن يقرأ القرآن بالتلاوات السبع وينشد أبيات المديح بست طرق,وكان يعد خليفة الشيخ علي محمود وأنه يجمع كل فنون الإنشاد بوالابتهالات والتواشيح بالاضافة للتعطيرة - تقال عن وصف الرسول عليه الصلاة والسلام – ومن مهاراته الفنية انه كان يعزف علي العود مثلما كان الشيخ علي محمود يلعب علي الناي وكانت أم كلثوم تردد دائما ان طه الفشني ملك التواشيح . وقد كان الفشني المؤذن الأول لمسجد الحسين واشتهر بقراءته لسورة " الكهف " وفي سنة 1940 عين قارئا لمسجد السيدة سكينة وظل به حتي مماته ، وكان الشيخ طه الفشني يرتل القرآن الكريم بقصري عابدين ورأس التين بصحبة الشيخ مصطفى إسماعيل لمدة «9» سنوات كاملة، ولازمه في السهرة الرمضانية في السرايا الملكية عند الملك فاروق . وقد تم اختياره رئيسا ً لرابطة القراء في سنة 1962 خلفا للشيخ عبد الفتاح الشعشاعي وعندما بدأ التليفزيون إرساله في مصر، كان الشيخ الفشني من أوائل قراء القرآن الكريم الذين افتتحوا إرساله وعملوا به لأول مرة في «26» أكتوبر 1963، وكان يتلو بعض الآيات من سورة «مريم» . ومن المعجزات التي حدثت للشيخ طه أن صوته حبس لمدة أسابيع ولم يفلح الأطباء في علاجه ، فقرر السفر إلي الأراضي المقدسة – مكة والمدينة – لأداء الحج ، فدوي صوته لرفع أذان العصر يوم عرفة، كمعجزة من عند الله . تمتع الشيخ طه الفشني بمكانة كبيرة بين ملوك ورؤساء عصره ؛ فكان الملك فاروق يحرص على حضور حفلاته ، كما تم اختياره لإحياء ليالي جمال عبد الناصر، الذي أهداه طبقاً فضياً ممهوراً بتوقيعه ، وظل علي نفس المكانة في عهد الرئيس أنور السادات، الذي كرمه مبعوثاً الى تركيا لإحياء شهر رمضان المبارك. ،و خارج مصر كان الملك السنوسي ملك ليبيا يدعوه لإحياء شهر رمضان كل عام وكان يستضيفه في القصر الملكي ، كما كرمه زعماء باكستان وماليزيا وتركيا، والمغرب، والسعودية، والجزائر وإيران . توفي الشيخ طه الفشني عن عمر يناهز ال «71» عاما، وخلف وراءه كنوزا من التسجيلات القرآنية، والترتيل والإنشاد الديني في الإذاعة والتليفزيون ، وتمتلك الإذاعة البريطانية تسجيلات عديدة له لأنها تقدم قراءات له مرتين كل أسبوع. وقد كرمته الدولة عام 1981 ومنحت اسمه وسام الجمهورية في مجال تكريم حملة القرآن ، ووضعت اسمه ضمن اعلامها للانشاد الديني بوزارة الثقافة ، وفي عام 1991 م منح الرئيس السابق محمد حسني مبارك نوط الامتياز من الطبقة الأولى لاسم المرحوم الشيخ طه الفشني وتسلمه نجله المحامي زين طه الفشني.