1 - نشرت بعض وسائل الإعلام مقالا بعنوان ¢ الأزهر ووهم الوسطية ¢ تهاجم فيه الأزهر ورجاله. وفكره. وخطابه. ومنهجه وغير ذلك. وكأن الكاتب لم ير في الأزهر شيئا سوي السواد القاتم الذي أطبق عينيه عليه ولم ير سواه. وهؤلاء وأمثالهم ينطبق عليهم قول المتنبي: ومَنْ يَكُ ذا فَمي مُرّي مَرِيضي يَجدْ مُرّاً بهِ المَاءَ الزُّلالا 2 -هذا الهجوم ليس الأول من نوعه ولن يكون الأخير فمنذ حين من الدهر. وطفقت جهات عديدة تعمل علي مهاجمة مؤسسة الأزهر. سواء من ناحية مناهج التعليم التي تدرس علي الطلاب. ووصفها بأنها تخرج طلابا إرهابيين. أو أنها تحض علي الإرهاب. أو من خلال ظهور بعض أولئك في وسائل الإعلام. باتهام مناهج الأزهر باتهامات لا حصر لها. بما يصب في ذات الاتجاه. وتارة يأخذ الهجوم منحي آخر. وذلك عن طريق مهاجمة شيوخه وعلمائه. ووصفهم بما لا يليق. وربما طالب بعضهم بإلغاء الأزهر أصلا. وتحويل طلابه إلي التعليم العام. فضلا عن هجوم التيارات الأخري من أصحاب الجماعات التي تري فيه وفي شيوخه العدو الألد حيث تريد التخلص منه بين عشية وضحاها. لأن الوحيد القادر علي مواجهتها فكريا. ودحض شبهاتها. وكشف عوارها أمام الرأي العام كله. 3 - إن هذه الهجوم الذي يطال الأزهر بكل ما فيه ليس أمرا عفويا. وإنما هو خطة ممنهجة بحيث يؤدي كل شخص دوره في الخطة الموضوعة لهدم الأزهر في الوقت المناسب. فتارة ينادي أحدهم. بإلغاء التعليم الأزهري. ويطلع آخر ليهاجم مناهج الأزهر. ويخرج آخر ليهاجم شيوخ الأزهر. ويسخر منهم ومن علمهم. ثم ما تلبث أن تخبو دعوة منها. حتي تتبعها دعوة أخري من هناك. حتي يصبح الأمر بمثابة رأي عام. وزخم كثيف. من الهجوم علي الأزهر في الشارع المصري. ورغم كل ذلك فإن هذا الكلام وغيره. ما يلبث أن يتطاير أدراح الرياح. ويصبح شيئا لا قيمة له. 4 - سيظل الأزهر بشيوخه وعلمائه محرابا للوسطية رغم أنف كل حاقد أو حاسد. وسيظل ملاذا للمصريين بل وللإنسانية كلها في ربوع العالم. ألم يقم الأزهر وشيخه الطيب بحماية إرادة جموع المصريين في 30/6/2012م وكان الشيخ الطيب في مقدمة الطليعة. فيمن وافقوا هذه الإرادة. وباركها فضيلته وبارك فيها. محافظا علي وحدة البلاد. وعلي ترابها. وعلي دماء أبنائها. ووقف فضيلة الإمام الأكبر في وجه الرياح العاتية شامخا كالطود الأشم. لم تزده الهجمات المغرضة إلا شموخا. وإباءً. وثباتا. حرصا علي إرادة المصريين. وحرصا علي تراب مصر من التقسيم والضياع ؟ !! ألم يقم الأزهر بالوقوف في وجه الفتاوي المكفرة للشعب المصري. والتي تصفه بالمارقين الخارجين علي حكامه. والتي تحول دون إرادة المصريين. للوصول إلي غايتهم. المرجوة . وهدفهم الذي تصبو إليه عيونهم. ألم يقف الأزهر في وجه الفتاوي المحرضة علي قتل رجال الجيش والشرطة حماة الوطن. ويرد عليها بالحجج والبراهين. بما يضحدها. ويجعلها لا قيمة لها. بحيث لا يلتفت إليها أحد. وقد كان. حيث التف الشعب حول قيادته. وجيشه. ولم يأبه لهذه الدعوات. إيمانا منه بأن هذه الفتاوي مضللة. ومغرضة. وأن الصواب هو ما عليه الأزهر ورجاله . الذين يمثلون جوهر الدين المعتدل السمح. الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام. وصدق الشاعر حين قال: قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد ** وينكر الفم طعم الماء من سقم. 5 - إن الأزهر الشريف علي مدار تاريخه كان ملاذا للمصريين. يلجأون إليه في وجه الطغاة في كل عصر ومصر. وكان شيوخه الأجلاء هم حائط الصد دوما في وجه الأعداء. يتحدثون باسم الشعب المصري. وينادون بمطالبه. لا تأخذهم في الله لومة لائم. ولا يزال الأزهر الشريف وشيخه الطيب. وعلمائه هم حراس العقيدة السمحة. المعتدلة. التي هي جوهر الإسلام ووسطيته التي جاء بها الرسول عليه الصلاة والسلام. ويعلمون الدنيا كلها حرية العقيدة. وحرية اعتناق الفكر. وحرية الرأي. وعدم التعصب. والغلو في الدين. ويقفون في وجه التكفير وجماعاته. والتشدد في الدين. وكل طرقه وأساليبه. التي تطل علي المجتمع بوجهها القبيح. فتكفر أهله. وتصمهم بما ليس فيهم . وتريد أن تحملهم علي الغلو. والتشدد. وتكفير الآخرين. 6 - التعليم الأزهري يحارب الإرهاب والتطرف والتكفير من خلال ترسيخ مفهوم التعددية الفكرية والثقافية: وذلك من خلال معرفة الطالب الأزهري بالمدارس الفقهية الثمانية في التاريخ الإسلامي وأعني بها: الحنفية. والمالكية. والشافعية. والحنابلة. والظاهرية. والزيدية. والإمامية. والإباضية. في الحياة الفقهية والتاريخية للمسلمين. وكذا مدرسة الرأي ومدرسة الحديث. وكذا مدارس: المعتزلة. والأشاعرة. والماتريدية. ووغيرهم في تاريخ الحياة الفكرية والثقافية للمسلمين ؟ وأيضا من خلال تعليم الطلاب أن نصوص الشرع في الشأن العملي في جلها ظنية من حيث إما الورود أو الدلالة علي الحكم الشرعي. وأنها تقبل الاختلاف بين الفقهاء. دون غضاضة ولا إنكار. ومن خلال ترسيخ مقولة الشافعي ¢ رأيي صواب يحتمل الخطأ. ورأيي غيري خطأ يحتمل الصواب ¢ 7 - أقول لكل من يهاجمون الأزهر. ويعملون علي هدمه. إنكم بذلك تقدمون أعظم خدمة لأعداء الإسلام وللجماعات المتشددة في الداخل والخارج. التي تغالي في الدين. وتكفر من يخالفها. وتسعي في الأرض فسادا. وقتلا. وتخريبا. وتدميرا. وهذه الجماعات والكيانات والنتوءات التي تطل علينا برءوسها بين فينة وأخري. ما ظهرت في مصرنا إلا بسبب معاول الهدم. وسهام الباطل التي تعمل علي إضعاف الأزهر. وتهميش دوره. وبهذا فهي تجد بغيتها في ذلك. فتتمدد في هذه الأجواء. وتؤتي أكلها. في غفلة من الجميع. ثم يجني المجتمع بأسره. ثمار ما غرسته أيديهم. من قتل. وتخريب. وسفك للدماء. فضلا عن تكفير الجميع. 8 - في هذا الظرف الدقيق من تاريخ مصر. أدعو جميع القوي الوطنية المختلفة إلي توحيد الصفوف. والعمل علي تضافر الجهود. وعدم تشتيتها وضياعها في مناقشات ورودد. لا بد من العمل الجاد والمتواصل. كل في مجاله وقطاعه الذي يحسنه. حتي تنصهر اللحمة الوطنية في بوتقة واحدة. وحتي نستطيع أن نبني مصر الحديثة التي ينشدها جميع المصريين. مصر القوية. الفتية المتطورة. المتقدمة. وهذا كله لن يحدث إلا من خلال توحد جهود جميع المصريين. وإن لم يحدث هذا فلن نتقدم خطوة إلي الإمام. وفي حالات الانقسام والتشتت. كلما تقدم فريق خطوة إلي الإمام. جذبه الآخر خطوتين إلي الوراء. وفي مثل هذه الحالات. لن نحدث تقدما. ولا تطورا. ولا تنمية. ولن نحقق أمنا ولا استقرارا لهذا الوطن.وينطبق علينا والحالة كذلك قول الشاعر: متي يبلغ البنيان يوما تمامه ** إذا كنت تبني وغيرك يهدم. حمي الله مصر * * حمي الله الأزهر