* يعني بالتربية والتعليم في هذا المقال التعليم كله» بداية من رياض الأطفال حتي نهاية التعليم العالي. وإن كان هذا المقال يركز علي التعليم العام أي قبل الجامعي لأن به أكثر من سبعة عشر مليوناً من التلاميذ والتلميذات. كما أنه هو الأكثر حاجة إلي التربية والتعليم منه إلي التعلم. كذلك لأن مشكلاته هي الأكثر. وهي ايضا الأخطر آثاراً علي المجتمع. ولأنه هو الذي يعد النشء للتعليم العالي. - يكاد خبراء التعليم» والباحثون فيه» والمهتمون به يجمعون علي أنه أهم آليات التقدم التي تعتمد عليها مصر الجديدة في تحقيق أهدافها المرجوة. وهو في نفس الوقت هزيل ضعيف مهلهل. ويمكننا قياس فعاليته من نتائجه الواقعية. وإفرازاته الموجعة في كل مجالات الحياة والتي من أبرزها ما يأتي: أولاً: وجود أكثر من 35 مليوناً "خمسة وثلاثين مليوناً" مصاباً بداء الأمية اللعين ذي النتائج والآثار المؤلمة علي الفرد والأسرة والمجتمع والوطن. ثانياً: انتشار الأمراض الخطيرة. وبنسب عالية جداً عن المعايير العالمية مثل فيروس ¢C" وداء السكري» والضغط العالي. والسرطان.. إلخ. ثالثاً: تفشي العادات السيئة بين النشء خاصة الشباب كالتدخين والإدمان مما ينجرف أمامه النشء. حتي الأطفال نحو الجريمة والخطر. والانحراف عن العمل فضلاً عن إجادته وإتقانه. ومن ثم تفشي الرشوة والغش. والكذب والضلال. وتحطيم المؤسسات التعليمية بل والعدوان علي الأساتذة والمعلمين أي تخريب بيوتهم بأيديهم دارين بذلك أو من حيث لا يدرون. رابعاً: فوضي خلاقة في المناقشات السفسطائية. والحوار غير البناء التي نراها بين الأحزاب والنقابات» والمكالمات الفضائية من الصفوة والنخب من المثقفين كما يقدمهم لنا إعلامنا المرئي كل يوم بما يكاد يمثل فروض العين. خامساً: تراجع الإنتاج وضآلته حتي في الزراعة. ومن ثم تزايد الغلاء ومعه يكون الجشع وزيادة أعداد الفقراء والمتسولين. كما نراهم في كل الشوارع والميادين. وأطفال الشوارع. وغياب الأمن والأمان في البيوت والطرقات وكثير من مواقع العمل. هذا فضلاً عن اختلال ميزان المدفوعات. وتراجع الصادرات. هذا بعض من نتائج وإفرازات تعليمنا القائم الرديء المهلهل. وما أهم أسباب إصابة هذا التعليم بكل هذه العاهات؟! هذه أهم الأسباب: أ- إن مناهج التربية والتعليم الحالية ليست وفق الاتجاهات الحديثة في المناهج الدراسية بالتعليم العام والأزهري ايضا. أليس كذلك أيها الصديق العزيز الدكتور محب الرافعي صاحب التخصص الدقيق والخبرة الطويلة في هذا المجال مع الإقرار بأنك غير مسئول عن مناهج التعليم الأزهري؟! ب- معظم القيادات التربوية - للأسف - تفتقر إلي الاستعداد المرجو» والإعداد الجيد ومنهم ايضا من ليس له تاريخ تربوي. وإذا كان فاقد الشيء لا يعطيه فليس هناك بد من التدريب الفعال السريع» أو الاستبعاد عن المواقع التربوية وبخاصة لأصحاب الميول والاتجاهات غير الوطنية لمصر الجديدة. ج- تكاد تكنولوجيا التربية والتعليم تكون مهملة بكل مراحل التعليم العام بداية من رياض الأطفال. أليس كذلك. د- إن التطوير والتقويم في منظومة التربية والتعليم منذ أكثر من ثلاثين عاماً تطوير وتقويم جيد من حيث الشكل بينما مضمونه أفضي من فؤاد أم موسي عليه السلام والدليل علي ذلك منتج هذا التعليم كما نراه ونشاهده في كل بيت» وفي كل موقع وموضع من مواقع العمل علي أرض الوطن. ه- والخلاصة أن منظومة التربية والتعليم العام القائم الآن ثوب مهلهل بات لا يصلح معه الترقيع من سدنة البيت العتيق لهذا التعليم لأنهم غرباء فهم من غير أهله» كما أن معظم من غير أصحاب الرسالة أو القضية ومن غير ذوي التخصصات الدقيقة وقالت العرب قديماً - وقولها هنا الحق والصدق: "إعط القوس باريها. وأهل مكة أدري بشعابها". وليس معني ذلك بأن إصلاح منظومة التربية والتعليم العام أمر ميئوس منه - ليس كذلك الأمر أبداً - فإصلاح التعليم وتطويره ممكن بل وجد يسير بشروط وتحفظات. يمكن بلورتها في إيجاز شديد تنقية المواقع التعليمية من المخربين والمتسلقين للعمل الجيد البناء. وقادرون عليه. ولكنهم للأسف الشديد مبعدون» أو مبتعدون. وقبل ذلك لابد من عقد مؤتمر من أجل إصلاح التعليم وتطويره. كلامي للدكتور محب الرافعي وزير التربية والتعليم كل ما تقدم قد قدمته.