الفاضل عاشور.. قاضي قضاة تونس

هو الشيخ محمد الفاضل بن محمد الطاهر بن الصادق عاشور. ولد في المرسي. إحدي ضواحي مدينة تونس يوم 2 شوال سنة "1327ه16/10/1909م" وتربي في بيت كريم من بيوتات الدين والعلم. وكان والده من كبار العلماء في تونس. فتتلمذ عليه وتعهده بالرعاية والتعليم وتحفيظه القرآن الكريم وهو في الثالثة من عمره. وما كاد يبلغ التاسعة. حتي أتمَّ حفظ بعض المتون القديمة كالأجرومية وألفية ابن مالك في النحو. ثم بدأ بتعلم الفرنسية علي أيدي معلمين خصوصيين في المنزل. ولما بلغ الثالثة عشرة. بدأ يدرس القراءات والتوحيد والفقه والنحو. ثم التحق بجامع الزيتونة فحصل علي الشهادة الثانوية سنة "1347ه 1928 م".
استكمل دراسته العليا في الشريعة واللغة وأصول الدين. ودرس علي يد والده التفسير. وقرأ عليه الموطأ للإمام مالك. والمطوَّل للتفتازاني في البلاغة. وديوان الحماسة. كما درس علم الكلام علي يد الشيخ أبي الحسن النجار. وأصول الفقه علي الشيخ محمد بن القاضي. كما كان يقرأ علي والده كل ليلة من ليالي رمضان بعد صلاة التراويح قدراً من كتب الحديث والرجال واللغة مثل: صحيحي البخاري ومسلم. والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر. والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير. ولسان العرب لابن منظور.
وبعد تخرجه عمل مدرساً في جامع الزيتونة سنة "1351ه 1932 م". ثم انتسب إلي كلية الآداب في جامعة الجزائر لاستكمال دراسته في اللغة الفرنسية. وتخرج فيها سنة "1354ه 1935 م" حاملاً أعلي درجاتها العلمية.
وقد أصبح عميداً لكلية الشريعة وأصول الدين في جامعة الزيتونة بتونس سنة "1381ه 1961 م" وهذه الجامعة هي التي تخرج فيها جهابذة العلماء أمثال: عبدالحميد بن باديس. وعبدالعزيز الثعالبي. ومحمد بيرم. وسالم أبوحطاب. والطاهر بن عاشور وغيرهم.
نشاطه العلمي والدعوي
سافر في مهمات علمية ودعوية إلي خارج تونس. وألقي محاضرات عدة في فرنسا بالسوربون. وفي تركيا بجامعة إستانبول. وفي الهند بجامعة عليكرة. وفي الكويت بجمعية الإصلاح الاجتماعي. وجامعة الكويت. وفي الموسم الثقافي لوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية الكويتية.
كما شغل منصب القضاء. ثم منصب مفتي الجمهورية التونسية. وقاضي القضاة. ورئيساً للمحكمة الشرعية العليا. ثم رئيساً لمحكمة النقض والإبرام. وظل يتولي عمادة كلية الشريعة بالزيتونة حتي وفاته.
كما شارك في ندوات علمية كثيرة في أنحاء العالم. وفي بعض مؤتمرات المستشرقين بباريس. وهو عضو في المجمع اللغوي بالقاهرة. كما هو عضو برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة. وعضو مراسل بالمجمع العلمي العربي بدمشق. ومجمع البحوث الإسلامية بمصر. والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
وكان لوالده الشيخ الطاهر بن عاشور مكتبة عامرة بنفائس التراث الإسلامي والعربي. واستفاد منها الفاضل كثيراً. وأضاف إليها ما استجدَّ من المؤلفات الإسلامية المعاصرة.
كما كان له نشاط في التأليف وكتابة المقالات والبحوث والدراسات.
وكان الفاضل بن عاشور خطيباً مفوَّهاً. وأديباً بليغاً. وفقيهاً متمكناً في علوم الدين. ويعتبر من طلائع النهضة الإسلامية الحديثة بتونس. شارك في التصدي للاستعمار الفرنسي مع إخوانه التونسيين وغيرهم.
ومن أهم مؤلفاته: فلسطين الوطن القومي للعرب. الاجتهاد.. ماضيه وحاضره. المصطلح الفقهي في المذهب المالكي. تراجم الأعلام. أعلام الفكر الإسلامي في تاريخ المغرب العربي. الحركة الأدبية والفكرية في تونس. أركان الحياة العلمية في تونس. التفسير ورجاله. روح الحضارة الإسلامية. المحاضرات المغاربية. ومضات فكر... "عدة أجزاء" وغيرها.