من جوانب الاعجاز في خواطر إمام الدعاة التحقيق العلمي وإذا ألقينا نظرة علي خارطة الجلد نجد قدرة الخالق - جل وعلا - حيث تتوزع أعصاب الإحساس في جلد الإنسان. حيث نجد أن هناك ما يقرب من خمسة عشر مركزاً لمختلف أنواع الإحساس العصبي قد تم اكتشافها من قبل علماء الطب والتشريح . وقد حمل بعضها أسماء مكتشيفها. وقد قسم علماء الطب الإحساس إلي ثلاثة مستويات: أ- إحساس سطحي ب- إحساس عميق ج- إحساس مركب ويختص الإحساس السطحي باللمس والألم والحرارة. أما الإحساس العميق فيختص بالعضلات والمفاصل. أي إحساس الوضع أو التقبل الذاتي. وكذلك ألم العضلات العميق وتحسس الاهتزاز. والآلية الحسية لكلا الإحساسين: السطحي والعميق. تشمل التعرف وتسمية الأشياء المعروفة والموضوعة في اليد. أي حاسة معرفة الأشياء باللمس "STEREOGNISIS" كذلك حاسة الإدراك الموضعي "TOPOGNOSIS" أي المقدرة علي تحديد مواضع الإحساس أو التنبيه الجلدي. والإحساس باللمس: أي معرفة الأشياء باللمس. ويعتمد علي سلامة قشرة المخ. أو لحاء المخ. وهناك ما يعرف بتقسيم د. هد "HEAD,S CLASSIFICATION" حيث قسم الإحساس الجلدي إلي مجموعتين: إحساس دقيق "EPICRITIC" يختص وبتمييز حاسة اللمس الخفيف والفرق البسيط في الحرارة. وإحساس أولي "PROTOPATHIC" ويختص بالألم. ودرجة الحرارة الشديدة. وكل إحساس منهما يعمل بنوع مختلف من الوحدات العصبية وقد بني استنتاجه هذا علي ملاحظاته لتجدد الأعصاب. الذي يعقب الاصابة. حيث وجد أن الإحساس الأولي "PROTOPATHIC" يعودد سريعاً أي خلال عشرة أسابيع. بينما الإحساس الدقيق يبقي معطلاً لمدة سنة أو سنتين. أو ربما لا يعود نهائياً. آلام النفس البشرية: وكذلك عندما تعرض الشيخ إلي قوله تعالي: "نصليهم" الواردة في الآية المباركة محل الدراسة والتفسير. بين أنها من الاصطلاء. وقد يقول قائل: ما دام يصلي النار وكلنا يعرف أن نار الدنيا حيث تحرق شيئاً ينتهي إلي عدم. وحين ينتهي إلي عدم إذن فلا يوجد ألم! نقول: ليتنبه الإنسان إلي أن الحق سبحانه وتعالي يقول في هذا الأمر "كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقا العذاب".. إذن فالعذاب ليس كنار الدنيا. لأن نار الدنيا تحرق وتنتهي المسألة. أما نار الآخرة فإنها عذاب سرمدي دائم مكرر "كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذقوا العذاب".. فإذا ما حرقت الجلود فإن جلوداً أخري ستأتي. وهي عين الأولي أم غيرها؟ وقد أجاب الشيخ علي هذا السؤال بضرب مثال توضيحي للمتلقي: أنت عندما يكون عندك خاتم مثلاً . ثم تقول: أنا صنعت من الخاتم خاتماً آخر. فالمادة واحدة أيضاً. فهل التعذيب للجلود أو للأعضاء؟ إن العذاب دائماً للنفس الواعية. بدليل أن الإنسان قد يصيبه ورم فيه بعض الصديد "دمل" يتعبه ولا يقدر علي ألمه.. وبعد ذلك يغفل فينام. بمجرد أن ينام فلا ألم . لكن عندما يستقيظ يتألم من جديد. لينتقل الشيخ إلي قضية معنوية أكثر إيلاماً ممثلة في أن الألم ليس للعضو بل للنفس الواعية. بدليل أننا عندما ارتقينا في الطب. قلنا إن النفس الواعية نستطيع أن نخدرها بحيث يحدث الألم ولا تشعر به . ويفتح "الدمل" بالمشرط ولا يحس صاحبه بأي ألم وهكذا تجد أن الجلود والأعضاء ليس لها شأن بالعذاب. إنما هي موصلة للمعذب. والمعذب هي النفس الواعية.. بدليل أنها ستشهد علينا يوم القيامة.. تشهد الجلود والجوارح. وستكون آلة لتوصيل العذاب.. ومسرورة لأنها توصل لهم العذاب. واستشهاد الشيخ بالإشارات العلمية في خاطرته التفسيرية. راجعة إلي إيمانه بإن العلم كلما تقدم هدي إلي شئ من آيات الله في الكون. فالعاصون يخدرون النفس الواعية ويشقون الجسد بالمشارط كما يحلو لهم فلا يحدث لهم ألم ليس للعضو. إنما الألم للنفس الواعية. إذن فكل الجوارح هي آلات توصل الألم للنفس الواعية. وتكون مسرورة. لأن النفس الواعية تعذب. هذه يشبهونها - مثلا- بفرد يعاني من "حكة" في جلده. فيهرش. والهرش يسيل دمه فيكون متسذاً. ولعل هذا التفسير الذي نهجه الشيخ في خواطره التفسيرية التي تضمنت إشارات علمية. كان من أجل إبراز قدرة الخالق جل علاه وتوجيه المسلم إلي سبيل الرشاد. للتسليم بكل ما جاء من النص القرآني المبارك. وإن فقد العلماء في مثل هذا الزمان لتتضاعف به لأن العلماء العاملين أصبحوا ندرة قليلة بين الناس. وكثر الجهل والتشكيك والإلباس ولكننا لن نيأس من روح الله ولن نقنط من رحمته فلقد أخبر الصادق المصدوق محمد صلي عليه وسلم: "أنه لن تزال طائفة من أمته علي الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتي يأتي أمر الله وهم علي ذلك".