نواصل حديثنا. فنقول وبالله التوفيق: بعد الحديث عن النسخ في الشرائع السابقة. نتحدث عن أنواع النسخ في القرآن الكريم: وهو ينقسم إلي أنواع ثلاثة: نسخ التلاوة والحكم معاً. ونسخ الحكم دون التلاوة. ونسخ التلاوة دون الحكم. 1- أما نسخ الحكم والتلاوة جميعاً. فقد أجمع عليه القائلون بالنسخ من المسلمين ويدل علي وقوعه سمعا ما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن. ثم نسخن بخمس معلومات. وتوفي وهن فيما يقرأ من القرآن" "أخرجه مسلم. كتاب الرضاع 4/167". وإذا كان موقوفا علي عائشة رضي الله عنها فإن له حكم مرفوع. لأن مثله لا يقال بالرأي. بل لابد فيه من توقيف. وأنت خبير بأن جملة: عشر رضعات معلومات يحرمن. ليس لها وجود في المصحف حتي تتلي. وليس بالعمل بما تفيده من الحكم باقيا. وإذن يثبت وقوع نسخ التلاوة والحكم جميعاً. وإذا ثبت وقوعه ثبت جوازه. لأن الوقوع أول دليل علي الجواز. وبطل مذهب المانعين لجوازه شرعا. 2- وأما نسخ الحكم دون التلاوة فيدل علي وقوعه آيات كثيرة: - منه أن آية تقديم الصدقة أمام مناجاة الرسول . وهي قوله تعالي: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً" "المجادلة: 12". منسوخة بقوله تعالي: "أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتي فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ" "المجادلة: 13".. علي معني أن حكم الآية الأولي منسوخ بحكم الآية الثانية. مع أن تلاوة كلتيهما باقية. - ومنها أن قوله سبحانه: "وَعَلَي الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةى طَعَامُ مِسْكِيني" "البقرة: 184". منسوخ بقوله سبحانه: "فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ" "البقرة: 185". علي معني أن حكم تلك منسوخ بحكم هذه. مع بقاء التلاوة في كلتيهما كما تري. وللحديث بقية.