* يسأل حسن. س - طبيب بالقاهرة: ما حكم الشرع في إجراء عملية لترقيع غشاء البكارة من باب الستر علي تلك الفتاة؟ وهل من حقي ان اسأل الفتاة عن سبب زوال غشاء بكارتها؟ ** يجيب الشيخ عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي بالأزهر السابق: لا يجوز للطبيب ان يقوم بإجراء هذه العملية لأن إجراءها يعتبر من قبيل الغش لا من قبيل الستر. فالزوج الذي عقد عليها إنما اختارها بكراً لا ثيباً. ودفع لها المهر اللائق بمثلها من الأبكار وهي ليست من الأبكار. فإذا قلنا إن في إجراء هذه العملية مصلحة لها فأين مصلحة الزوج. وقد خدع وغرر به وأخفي عليه أمر لو علم به قبل الدخول ما دخل عليها. ولو أخبر به بعد الدخول ما طابت نفسه بمعاشرتها. ومن المعلوم شرعاً ان الرجل إذا تزوج بفتاة وهو يعلم أنها بكر فلم يجدها بكراً رجع علي ولي أمرها فأخذ منه نصف المهر الذي دفعه وعوقب وليها بما يراه الحاكم ردعاً له إذا ثبت أنه كان يعلم بذلك. هذا وينبغي علي الأطباء أن يغلقوا هذا الباب غلقاً تاماً سداً للذريعة ودفعاً للشبهة ومنعاً من التشجيع علي ارتكاب الفواحش ومنعاً من انتشار هذا الغش اللعين الذي لو شاع وانتشر لأدي إلي فقدان ثقة الرجال بالفتيات اللاتي يرغبون في التزوج منهن ولا سيما إن كن من اللاتي يخرجن إلي ساحات العمل ويلتقين بالرجال في مختلف الميادين. إن الإسلام يرفض الغش بكل أنواعه وصوره وينهي عن الخداع المكشوف وغير المكشوف. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من غشنا فليس منا". والمسلم هو الذي يحمل بين جوانحه قلباً يقظاً لا يحكم بالعواطف المجردة وضميراً حياً يستفتيه دائماً في كل أمر يريد الإقدام عليه أو الإحجام عنه. يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد وغيره من أصحاب السنن: "البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والإثم ما حاك في الصدر وكرهت أن يطلع عليه الناس وإن أفتاك الناس وأفتوك وأفتوك". وفي هذا الحديث يخاطب الرسول صلي الله عليه وسلم أصحاب الضمير الحي ويأمرهم فيه ان يحكموا فطرتهم التي فطرهم الله عليه فإن الفطرة السليمة قل ان تخطئ في الحكم. ولما كانت فطرتنا قد أصابها ما أصابها من الانحراف والزيغ بسبب من الأسباب المتعلقة بفساد البيئة وسوء التربية وقسوة الظروف المحيطة بنا كان لابد لنا من السؤال عن حكم الله تبارك وتعالي في كل ما يعن لنا من المشكلات وفي كل ما يجد علينا من القضايا عملاً بقوله تعالي في سورة النحل وسورة الأنبياء: "فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون". ومن المعلوم لدينا أن إزالة غشاء البكارة لا يدل علي ارتكاب الفاحشة من قريب ولا من بعيد. فقد تزول البكارة بأسباب أخري كثيرة كالوقوع من مكان مرتفع أو العبث في الفرج بالاصبع أو بشيء آخر. أو بزواج عرفي لم يعلن عنه ومن هنا لا يكون هناك مبرر لترقيع البكارة خوفاً من الفضيحة والعار. حل هذه المشكلة يكون بمصارحة الفتاة للرجل الذي تقدم لخطبتها بأسلوب ما. وتسأل الله عز وجل ان يهدي قلبه ويقبل الزواج منها. وليس من الضروري إذا كانت قد ارتكبت فاحشة ان تخبره بذلك وليس له الحق ان يسألها لأن هذا سر بينها وبين ربها عز وجل. فعليه ان يقبل أو يرحل من غير أن يسألها هل ارتكبت فاحشة أم لا. بل عليها أن تكتم ذلك عنه وعن غيره ولا تكشف ستر الله عليها مهما كانت الظروف فكشف الستر من الكبائر. وإن تابت هذه الفتاة إلي الله توبة نصوحاً فعسي الله أن يرزقها رجلاً صالحاً يتفهم مشكلتها ويعذرها فيتزوجها فتسعد به ويسعد بها وما يدريك لعل الله عز وجل يحدث بعد ذلك أمراً لم يكن في الحسبان. فما عليك أيها الطبيب إلا ان تدع هذه الفتاة تلقي مصيرها الذي قدره الله لها وتنصحها بعدم إجراء هذه العملية عند طبيب آخر. وترشدها إلي ما أرشدتك إليه أو إلي ما تراه صالحاً لها. فالطبيب الحازم هو الذي يقدر الظروف ويضع لكل أمر ما يناسبه في الوقت المناسب. وأخيراً أقول لك أيها السائل الكريم: إذا جاءتك هذه الفتاة فلا ينبغي ان تسألها عن السب في إزالة بكارتها فإن ذلك لا يعنيك. ومن سأل عما لا يعنيه وقع فيما لا يرضيه غالباً ولا سيما إذا كان السؤال محرجاً والجواب عنه قد يكون متعثراً. وقد يؤدي هذا السؤال إلي كشف السر الذي أمر الله بكتمانه. والسر ان خرج من قلب صاحبه لم يعد سراً. وربما يسوؤك جداً كشف هذا السر ويثير أعصابك ويتعب قلبك ويحملك علي سوء التصرف معها ومع غيرها ويسبب لك ارتباكاً في عملك وفي بيتك وربما. وربما. فلماذا تقحم نفسك في شيء لا يعنيك! يقول الرسول صلي الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".