إننا نحتاج إلي خطاب إسلامي معتدل. قوي الحجة يقدم الإسلام عقيدة وشريعة وقيماً. بمضمون صحيح وأسلوب رشيد يهدي من الضلالة ويرشد من الغي ويؤلف النافر ويجذب الكافر. لأن البعض يحاول إظهار الإسلام مشتجراً مع الجميع محارباً للمسالمين مروعاً للآمنين طالباً للدم ساعياً للهدم . لايعرف اختلاف الآخر. ولايؤمن بالحوار. ولا يسلّم بالتعددية .. وللأسف ما يحدث من بعض الجانحين عن حقيقة الإسلام صبّ في هذ الاتجاه. ولعل الذي انحدر ببعض الناس من الوسطية والاعتدال إلي الميل والجور هو الوقوف عند سطحية النصوص وإغفال العقل عن المقاصد والمعاني والمغازي والعبر. إننا نحتاج إلي خطاب إسلامي نراعي فيه التدرج في التكاليف. ونفرق بين فقه الأصل والاستثناء . نيسر فيه ولا نعسر نبشر ولا ننفر نرغب فيه قبل أن نرهب.. ولقد جاءت الشريعة الاسلامية باليسر والتيسير ولم تأت بالشدة والتعسير. فلا إرهاق في تكاليفها ولا إذلال لاتباعها ولا تضييق علي معتنقيها بل هو التوسط والاعتدال. ولقد تأكدت تلك المعاني العظيمة في أصول الشرع وفروعه وقواعد الدين وجزئياته. وكما أن هناك فقه خلاف وأدب اختلاف أيضاً هناك فقه ائتلاف وهو التركيز علي القواسم المشتركة بين البشر. فكما نتعلم ونعلم كيف نختلف أيضاً نتعلم كيف نأتلف. وكما أن هناك ثقافة موت في سبيل هناك ثقافة حياة في سبيل الله. وكما أن هناك تربية للّحي. هناك أيضاً تربية للأخلاق. وكما أن هناك نواقض للوضوء هناك نواقض للإيمان.. هذه هي خلاصة خطبة الجمعة السابقة. تقبل الله منا ومنكم جميعاً.