تعليق سريع على حادث الاسكندرية... تعلمنا زمان فى كلية الشرطة أنه عند فك لغز أى جريمة فإن الخطوة الأولى هى البحث والتحرى عمن له مصلحة فى وقوعها والمستفيد منها،فهو الفاعل الأصلى الذى تآمر وخطط ودبر.وبالنسبة لحادث الأسكندرية فلكم أن تتابعوا من ذا الذى سيجنى ثماره وستعرفوا بأنفسكم المجرم الحقيقى ، بصرف النظر عما أعقب الحادث من هرولة وطبطبة وصلف وتناكة ومقترحات عبثية استعباطية مثل دعوة المسلمين إلى مشاركة المسيحيين فى صلاتهم فى الكنائس على أن يقوم المسيحيون بدورهم بمشاركة المسلمين فى صلاة الجمعة " وربما التراويح " فى المساجد..!!وإلغاء ذكر الديانة فى البطاقة وتحل محلها كلمة "مصرى " يعنى الديانة "مصرى"..!!وإلغاء الأزهر ومنع الحجاب والنقاب...إلخ إلخ إلخ.... استعباط ×استهبال !! نرجع لموضوعنا .. علمنا مما سبق من مقالات مدى الحرج الذى أوقع مشرع الجنسية الناس فيه إذا أرادو إثبات "مصريتهم " حيث أوجد نظاما شاذا وغريبا للإثبات جمع بين الضدين بالمخالفة للعقل و المنطق ،أصبحت بمقتضاه المستندات الرسمية التى تصدرها الدولة للفرد التى تثبت أنه مواطن ،لاتثبت فى نفس الوقت أنه مواطن ،فإذا أراد إثبات أنه مواطن كلفه المشرع بتقديم أدلة إثبات شيطانية مستحيلة ،لايستطيع المشرع نفسه أو القاضى أن يأتى بها. فالدولة بمقتضى هذا النظام القانونى لإثبات الجنسية المصرية الذى أتى به المشرع فى القانون رقم 26 لسنة 1975تستطيع أن تقول للفرد "أنت مصرى ،وعليك أن تخضع وتنصاع لما نفرضه عليك من تكاليف كالضرائب وأداء الخدمة العسكرية والوطنية " ولكن الدولة تستطيع فى نفس الوقت أن تُظهر له العين الحمراء وتقول له " أنت مش مصرى ياسيد ،إثبت إنك مصرى يا حضرة .." وهنا يقع الفرد فى الضيق والحرج والمشقة ولن يستطيع إثبات مواطنته . لقد غفل المشرع عن قواعد وأحكام الشريعة الإسلامية فى هذا الشأن ،ومن ثم فإن هذا القانون غير دستورى لمخالفته لمبادئ الشريعة الإسلامية التى تعتبر المصدر الرئيسى للتشريع طبقا للمادة الثانية من الدستور المصرى لعام 1971. وبناء على ذلك فإننا ندعو كل ذى شأن إلى الطعن بعدم دستورية هذا القانون فيما ورد به بشأن الإثبات .( هناك مواد أخرى غير دستورية ولكننا لن نتعرض لها الآن حتى لانخرج عن موضوع الإثبات ). كما إننا ندعو أعداء الشريعة الذين يطالبون بإلغائها من الدستور المصرى إلى الإطلاع لعل وعسى "هيهات" أن يفهموا أن الشريعة التى لايريدونها رحمة كلها ،وعدل كلها، وأن الحرج الذى أوقع المشرع الناس فيه جاء بسبب جهله بالشرع وبعده عن أحكامه . ذلك أن من لطف الله سبحانه وتعالى ورحمته بالناس ، لم يفرض علينا فى التكاليف الشرعية ما لانستطيع القيام به أو ماتوجد فيه صعوبة أومشقة . فالحق جل وعلا خلق الإنسان وميزه بالعقل عن سائر المخلوقات ويعلم طاقاته وقدراته ،قال تعالى: "أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" الملك (14) و أمره باتباع الأحكام الشرعية التى هى في مقدوره فقال تعالى : "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ " البقرة (185) "لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا.... "البقرة (233) "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" البقرة (286) "مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" المائدة (6) "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ...." الحج(78). وغير ذلك كثير فى القرآن الكريم . ومن ثم فإن اليسر ورفع الحرج مبدأ إسلامي أصيل في القرآن و السنة . واليسر هو السهولة و الرفق و الاعتدال وهو ضد العسر و الحرج . و الحرج معناه : الضيق و المشقة الذي ينال الإنسان عند قيامه بحكم من الأحكام الشرعية . - و ما خُيّر الرسول صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما وكان يقول لأصحابه (يسروا ولا تعسرو وبشروا ولا تنفروا) أخرجه البخاري في كتاب العلم . - و الصحابة رضوان الله عليهم الذين تربوا في المدرسة المحمدية كانوا يوجهون كل شخص ينحرف عن منهج اليسر ورفع الحرج في الإسلام . و من مظاهر اليسر ورفع الحرج في أحكام الشريعة الإسلامية ما يلي : - عدم مأخذة المكلفين في حالة فقدان الإرادة على الفعل وغياب القصد ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "رفع القلم على ثلاثة : النائم حتى يستيقظ وعن الصبي يشب وعن المعتوه حتى يعقل " أخرجه الترميدي في كتاب الحدود . وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى تجاوز عن أمتي الخطأ و النسيان وما استكرهوا عليه .) أخرجه ابن ماجة في كتاب الطلاق . - التخفيف من تكاليف الشرعية في حالة معينة : ومن ذلك ترخيصه في الإفطار خلال شهر رمضان للمسافر و المريض و المرأة الحائض و النفساء و الحامل و المرضع . - إسقاط بعض التكاليف الشرعية وتعويضها بأخرى ومن ذالك تعويض الوضوء بالتيمم عند المرض أو فقدان الماء أو الخوف من المرض المزمن. - الترخيص بارتكاب بعض المخالفات : كإباحة شراب الخمر لمن اشرف على الهلاك ولم يجد ماء لشدة العطش أو النطق بكلمة الكفر من الإقرار بالإيمان لمن أُكره على ذاك . - رفع بعض التكاليف الشاقة التي أوجبها الله تعالى على الأمم السابقة كقتل النفس لمن أراد التوبة ، أو قطع مكان النجاسة من الثوب للطهارة ، وهذه ميزة ميزت الشريعة الإسلامية عن غيرها من الشرائع الأخرى السابقة التي ضمَّنها الله -عز وجل- من الأعمال الشاقة ما يتناسب وأحوال وأوضاع تلك الأمم التي جاءت لها تلك الشرائع، والأمثلة على ذلك كثيرة منها: اشتراط قتل النفس للتوبة من المعصية، والتخلص من الخطيئة، ويدل على ذلك قوله تعالى: ﴿ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ ﴾البقرة 54 .ومثله أيضاً تطهير الثوب بقطع موضع النجاسة منه، وبطلان الصلاة في غير موضع العبادة المخصوص، وغير ذلك من الأمور التي كُلّف بها من نزلت عليهم تلك الشرائع السابقة. وإن المتتبع والدارس والقارئ للفقه الإسلامي بدقة وتمعن يجد أنه يتميز بخصائص ومميزات لا يتميز بها غيره، جعلته قابلاً للنماء والثبات والعطاء طيلة أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمن، وسيبقى كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ذلك أن الشريعة الإسلامية -الذي يُعد الفقه جزءاً منها- ذات صفة عالمية ودائمة. ولما كانت هذه الشريعة آخر شريعة سماوية، كان لابد أن تكون مميزة بخصائص ومميزات تجعلها قابلة للثبات والاستمرار ومواكبة لحياة الإنسان مهما كان، وفي أي عصر كان وفي أي مكان كان. ومن أهم المميزات التي تميزت بها شريعتنا الغراء-كما قدمنا - رفع الحرج عن المكلفين والتيسير عليهم. هذا ولم تسلم شريعة من الشرائع السابقة من المشاق والتشديد والعنت، لذلك علّمنا الله عز وجل دعاءً وهو قوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ﴾[2]. بل إن هذه الأمة قد بشرت بنبيها محمد- صلى الله عليه وسلم - الأنبياء الذين سبقوه ، وجاءت صفاته في التوراة والإنجيل والتي منها أنه سيُبعث - صلى الله عليه وسلم - ميسِراً ومخفِفاً عن الأمة التي سيبعث فيها. قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾الأعراف 157. ومعنى قوله -عز وجل- ﴿ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ ﴾ أنه - صلى الله عليه وسلم - جاء بالتيسير والسماحة. ماهو الحرج وما هو التيسير الذى لا يعرفه المشرع ؟ أولاً: تعريف رفع الحرج ومقصوده وإطلاقاته: رفع الحرج: مركّب إضافيّ، تتوقّف معرفيته على معرفةٍ لفظيّةٍ، فالرّفع لغةً: نقيض الخفض في كلّ شيءٍ، والتّبليغ، والحمل، وتقريبك الشّيء، والأصل في مادّة الرّفع العلوّ، يقال: ارتفع الشّيء ارتفاعاً إذا علا، ويأتي بمعنى الإزالة. يقال: رفع الشّيء: إذا أزيل عن موضعه. قال في المصباح المنير: الرّفع في الأجسام حقيقة في الحركة والانتقال، وفي المعاني محمول على ما يقتضيه المقام، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «رُفع القلم عن ثلاثةٍ» والقلم لم يوضع على الصّغير، وإنّما معناه لا تكليف، فلا مؤاخذة. والحرج في اللّغة: بفتح الراء وكسرها المكان الضّيّق الكثير الشّجر ، والضّيق والإثم، والحرام، والأصل فيه الضّيق. قال ابن الأثير: الحرج في الأصل: الضّيق، ويقع على الإثم والحرام. تقول رجل حَرَج وحَرِج إذا كان ضيّق الصّدر. وقال الزّجّاج: الحرج في اللّغة أضيق الضّيّق، ومعناه أنّه ضيّق جدّاً. فرفع الحرج في: إزالة الضّيق، ونفيه عن موضعه. ثمّ إنّ معنى الرّفع في الاصطلاح لا يخرج عن معناه اللّغويّ. والحرج في الاصطلاح ما فيه مشقّة وضيق فوق المعتاد، فهو أخصّ من معناه اللّغويّ. ورفع الحرج: إزالة ما في التّكليف الشّاقّ من المشقّة برفع التّكليف من أصله أو بتخفيفه أو بالتّخيير فيه، أو بأن يجعل له مخرج. فالحرج والمشقّة مترادفان، ورفع الحرج لا يكون إلاّ بعد الشّدّة خلافاً للتّيسير. والفقهاء والأصوليّون قد يطلقون عليه أيضاً: «دفع الحرج» و «نفي الحرج». الحرج فى اللغة: الضيق والشدة. قال فى الصحاح: مكان حَرَج و حَرج أى ضيق كثير الشجر لا تصل إليه الراعية. وفى الإصطلاح: كل ما يؤدى إلى مشقة زائدة فى البدن أو النفس أو المال حالا أو مآلا. والمقصود برفع الحرج: إزالة ما يؤدى إلى هذه المشاق. والمقصود بالتيسير: التخفيف عن المكلف ورفع الحرج عنه، فالتيسير ورفع الحرج مؤداهما واحد أو هما شىء واحد [5]. ثانياً: المصطلحات ذات العلاقة: أ- التّيسير: السّهولة والسّعة، وهو مصدر يسّر، واليسر ضدّ العسر، وفي الحديث: «إنّ الدّين يسر» أي أنّه سهل سمح قليل التّشديد، والتّيسير يكون في الخير والشّرّ، وفي التّنزيل العزيز قوله: ﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾ [الليل: 7]. والنّسبة بين التّيسير ورفع الحرج أنّ رفع الحرج لا يكون إلاّ بعد شدّةٍ. ب- الرّخصة: التّسهيل في الأمر والتّيسير، يقال: رخّص الشّرع لنا في كذا ترخيصاً وأرخص إرخاصاً إذا يسّره وسهّله. ورخّص له في الأمر: أذن له فيه بعد النّهي عنه، وترخيص اللّه للعبد في أشياء: تخفيفها عنه، والرّخصة في الأمر وهو خلاف التّشديد. فالرّخصة فسحة في مقابلة التّضييق والحرج. ج- الضّرر في اللّغة ضدّ النّفع: وهو النّقصان يدخل في الشّيء، فالضّرر قد يكون أثراً من آثار عدم رفع الحرج. هذه هى بعض أحكام الشريعة التى يعاديها الغرب الصليبى الصهيونى . (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9) سورة الصف. سلامٌ عليكم وعلى أخواتنا الأسيرات فى جوانتناموده ،فرج الله كربهن وانتقم ممن أسرهن . قولوا آمين .