إليك وإلا لا تشد الركائب وعنك وإلا فالمحدث كاذب وحبك يا خير النبيين مذهبي وللناس فيما يعشقون مذاهب فداك أبي وأمي يا رسول الله يا من تناهت فيك آيات الكمال والجمال. فأنت معجزة الإنسانية للبشر. وآية السماء في الأرض. وسفينة الدنيا إلي الآخرة. ومعراج الدنيا إلي السماء. فأني للبيان أن يحيط بوصفك. وكيف للخطباء والشعراء أن يأتوا علي إطرائك ومدحك؟ لقد عظمت صفاتك. حتي لا يستطيع القلم واللسان أن يلم بما تتمتع به من صفات حباك بها الله جل وعلا! حاول أبرهة الأشرم اليمني أن يهاجم مكة. حقداً علي البيت العتيق وما له من مكانة عالية بين الأماكن المقدسة وأراد أن يبيد هذا الصرح الشامخ. وأن يهدم هذه القداسة للبيت الحرام. وكان عبدالمطلب بن هاشم جد الرسول صلي الله عليه وسلم قد جاوز السبعين. أو ناهزها. حيث فكر أبرهة في هذه الجريمة البشعة.. وكان ابنه عبدالله في الرابعة والعشرين من عمره. وهي السن الذي فيها يرشح الشاب للزواج. ولابد للجد أن يختار لحفيده أما صالحة. ولابنه زوجاً من كرام القبائل في هذا الزمان. فاختار له آمنة بنت وهب. بن عبد مناف بن زهرة سيد بني زهرة أشرف القبائل بمكة علاوة علي اجتماعها مع عبدالله في جده الرابع عبدمناف. فنعم النسب والمصاهرة من الجانبين!!. ولم يكن إلا غض الطرف حتي خرج عبدالمطلب إلي منازل بني زهرة قاصدا سيدها "وهب" ليخطب كريمته آمنة لأحب أبنائه إليه عبدالله الذي حضر مع أبيه إلي بيت أصهاره. والذين رحبوا بهذا الشرف. وأعلنوه علي الملأ لتبدأ رحلة الميلاد العظيم. لمنقذ هذه الأمة ورسولها وخاتم الأنبياء والرسالات السماوية محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب صلي الله عليه وسلم!!. قد تكون صدفة. ولكنها مشيئة الله أن يتزوج عبدالمطلب من ابنة عم زوجة ابنة عبدالله وتسمي "هالة" في نفس اليوم الذي بني فيه عبدالله بآمنة. والتي أولدها حمزة عم النبي صلي الله عليه وسلم وضريبه في السن. وهو الملقب فيما يعد بأسد الله. وأسد رسوله. بعد أن شرفه الله بالإسلام في مناسبة ليس هذا أوانها. وقد قدم للإسلام أغلي ثمن وأطهر دم. وأكبر نفس حيث استشهد في غزوة أحد دفاعاً عن الإسلام والمسلمين بعد أن أبلي أشد البلاء حتي نال شرف الشهادة علي يد كافر دون مواجهة بل كان ذلك غدراً وخسة!!. بني عبدالله بآمنة. حيث زف إليها في بيت أهلها علي عادة العرب حين يتم في بيت العروس. ويقيمان ثلاثة أيام مع أهلها ثم يأخذ عروسه إلي منازل بن عبدالمطلب. ولم تدم الإقامة طويلاً حتي نادي المنادي بالخروج في تجارة إلي الشام. وعبدالله أحد المستثمرين فيها. فلبي النداء عن طيب خاطر وترك أمتع شيء في الحياة وهو الزواج في أيامه الأولي. ولكن السعي علي القوت كان عند عبدالله أشد متعة. وأعظم لذة. فخرج مع القافلة. بعد أن وضع أعظم نطفة. في أطهر رحم. حيث ترك آمنة حاملاً في رعاية الله لتنجب أعظم طفل. وأذكي صبي. وأشجع رجل. وأكبر قائد وآخر أولي العزم من الرسل صلي الله عليه وسلم!!. لم ينس عبدالله أن له صلة رحم بيثرب "المدينة" حيث يقيم أخواله من بني النجار فبعد أن مكث في رحلته التي تستغرق الأشهر ذهاباً وإياباً إلي غزة عرج علي أخواله. بيثرب يستريح عندهم. من وعناء السفر. ثم يلحق بقافلة أخري إلي مكة. لكنها إرادة الله وقضاؤه الذي لا راد له. فقد داهمه المرض عند أخواله. فتركه رفاقه. حتي إذا بلغوا مكة أخبروا والده بمرضه. فأسرع عبدالمطلب بأمر أكبر أبنائه وهو الحارث بالإسراع إلي المدينة ليعود بأخيه بعد شفائه. إلا أنه حين بلغها علم بوفاة أخيه ودفنه بعد شهر من مسيرة القافلة!!. عاد الحارث إلي مكة ينعي إلي عبدالمطلب وفاة أخيه. ويثير في قلبه. وقلب آمنة هما وشجنا لفقد زوج كانت ترجو في حياته. هناءة وسعادة والذي دفع فيه أبوه أكبر فداء للإلهة لم تسمع العرب بمثله من قبل!. إنها حكمة الله أن يولد محمد صلي الله عليه وسلم يتيماً. ويعيش غريباً. ولكنه ولد كأعظم مولود أضاء للبشرية طريقها وأخرجها من الظلمات إلي النور. فلما تقدمت بآمنة أشهر الحمل وضعت كما تضع كل أنثي وبعثت إلي عبدالمطلب تخبره الخبر السعيد الذي فاض به سروره. وذكر ابنه عبدالله وقلبه مفعم بالغبطة لخلفه. وأسرع إلي زوج ابنه. وأخذ طفلها بين يديه. وسار حتي دخل الكعبة وسماه محمداً. وكان الاسم غير متداول لكنه كان معروفاً. ورد الجد الصبي إلي أمه. وجعل وإياها ينتظران المراضع من بني سعد لتدفع الأم بوليدها إلي إحداهن علي عادة أشراف العرب من أهل مكة.. وربما كان لنا عودة لهذه المناسبة الغالية علي كل مولود علي وجه الأرض.. والله من وراء القصد وهو المستعان!!