ذكرت وسائل الإعلام المختلفة أن الجبهة السلفية تعتزم القيام بانتفاضة تسمي انتفاضة الشباب المسلم علي حد قولهم يوم 28 من الشهر الحالي. سيحمل المشاركون فيها بجميع شوارع وميادين مصر¢ المصاحف وليس الأسلحة ¢. حسبما قال محمد جلال. القيادي في الجبهة السلفية بمصر. والمتحدث باسم ¢ انتفاضة الشباب المسلم ¢مؤكدًا أنهم يرفضون استنساخ التجربة الإيرانية في خطوتهم هذه. وأضاف أن المتظاهرين سيرفعون المصاحف. وليس الأسلحة. في جميع شوارع وميادين مصر. والتي سيملؤها صور للمعتقلين في مقدمتهم قيادات للتيار الإسلامي. ممن يؤمنون بمطالب الثورة. من فرض للهوية الإسلامية. ورفض الهيمنة. وإسقاط حكم العسكر. علي حد قوله. وحول مطالب هذه الدعوة فإنها تتلخص في فرض الهوية الإسلامية دون تمويه. ورفض الهيمنة علي القرارات السياسية والاقتصادية. وإسقاط حكم العسكر- ورأي المتحدث أن - هذه المطالب. لن تتحقق يوم 28. لكنها بداية لتدشين حركة انتفاضة الشباب المسلم. والعمل علي تلك المطالب بشكل واضح. وتعليقا علي هذا أقول: أولا - إن الحق في التظاهر والتعبير عن الرأي كفلته المواثيق الدولية. والدساتير العالمية. والشرائع السماوية. ومنها الشريعة الإسلامية التي هي أصل الشرائع والتي أسست لحقوق الإنسان. وقد نظم المشرع المصري حق التظاهر والتعبير عن الرأي في القانون رقم 107 لسنة 2013 م. ثانيا - التظاهر كوسيلة من وسائل التعبير عن الرأي ليس هدفا مقصودا لذاته. وإنما هو أمر مقصود لغيره. وهو المطالبة بحق مشروع لم يستطع صاحبه الحصول عليه وفقا للقواعد والإجراءات العادية. أو المراد منه النصح لولي الأمر. أو توجيه سياسة الحكومة نحو الأفضل بهدف الوصول للتطبيق الأمثل للقانون. باعتباره القواعد الحاكمة لسلوك المواطنين. والتي ارتضتها الجماعة الوطنية لتنظيم سلوك الأفراد وتحديد العلاقات فيما بينهم. ثالثا - التظاهر بمفهومه الآن مسألة معاصرة اختلف حلولها الفقهاء بين مؤيد. ومعارض. والدستور المصري أقر حق التظاهر. وبناء علي ذلك فالقواعد الأصولية تقضي بأن ولي الأمر إذا اختار أحد الرأيين للعمل به فهذا يرفع الخلاف في المسألة. ويجب العمل بما اختاره ولي الأمر. في ضوء الحفاظ علي مصالح الجميع. وتجنب كل ما يلحق بهم الضرر. ويجلب لهم المفاسد. كما هي القاعدة الفقهية التي تنص علي أن: ¢ تصرف الحاكم علي الرعية منوط بالمصلحة ¢ رابعا - يجب وفقا للقواعد المنظمة لحق التظاهر من الحصول علي الموافقة من الجهات المختصة. ولابد من تحديد مكان وزمان التظاهر وإبلاغ الشرطة والحصول علي موافقتها حتي تقوم علي حماية المنشآت والأفراد بما يكفل السلامة للجميع. ومن ثم فالجواز الشرعي الذي قال به الفقهاء مرتبط بهذه القواعد والإجراءات. والالتزام بها. حتي تتحقق السلامة العامة لمجموع المواطنين. خامسا - إذا خرجت المظاهرات عن هذا الإطار ورفعت شعارات كشعار رفع المصاحف الذي رفعه الخوراج قبلا فمثل هذه الشعارات هي من قبيل التشويش والتأثير علي العامة. رغم ما فيها من انتهاك لحرمة المصاحف. سادسا - الدعوة للتظاهر بهدف فرض الهوية الإسلامية - علي حد تعبيرهم - هي كلمة حق أريد بها باطل. فمصر منذ الفتح الإسلامي. إسلامية الهوية. إسلامية الغاية. وستبقي إسلامية وعصية علي تغيير هويتها. فكم من المرات التي تعرضت فيها للاستعمار والعمل علي مسخ هويتها. ولكنها أثرت في المحتل الغاصب ولم تتغير هي. وبقيت محافظة علي هويتها ووسطيتها واعتدالها. وذلك بفضل الله عز وجل. ثم بفضل أزهرها الشامخ. وعلمائه وشيوخه الأجلاء. وبفضل المساجد التي تملأ ربوعها. ويجلجل صوت الآذان فيها صباح مساء. وتقام بين جنباتها جميع الشعائر والمناسبات الدينية في ألق واضح. وإبداع منقطع النظير. ومن ثم فمن يريد اللعب علي مشاعر المصريين. ويريد أن يقسم الوطن. ويأتي علي الأخضر واليابس. ويسقط هيبة الدولة. فإنه يرفع مثل هذه الشعارات كستار لما يضمره نحو الوطن وجموع المصريين. سابعا - الدعوة إلي إسقاط حكم العسكر التي ينادي بها أصحاب هذه الدعوات المقصود بها إسقاط الدولة. وتقسيم الوطن. وقيام حرب أهلية بين المصريين. كما هو الشأن في بلاد مجاورة عديدة. وتسقط مع كل ذلك مصر. وهذا ما ينشده الأعداء في كل مكان. أن تسقط مصر بأيدي أبنائها. إن هذا لشيء عجاب!! ثامنا - إن إسقاط الجيش لم يفلح فيه الأعداء علي مدار قرون عديدة. والدول التي بها جيش قوي هي دول مهابة في العالم بأسره. ويحترمها الجميع. وقوة مصر وعظمتها. من عظمة جيشها وقوته. ولولا هذا الجيش العظيم لسقطت مصر في براثن التقسيم. والحرب الأهلية. ولصرنا لقمة سائغة وفريسة سهلة لكل من تسول له نفسه الانقضاض علي مصر. تاسعا - إن العمل علي إسقاط حكم جهة ما أيا كانت. يكون من خلال الآلية التي نص عليها المشرع الدستوري. ومن أراد أن يصل إلي الحكم فعليه أن يصل من خلال صندوق الانتخابات. الذي هو آلية التعبير عن إرادة مجموع المصريين. ومن أراد أن يسقط حكم أي تيار أو فصيل. أو غير ذلك فعليه باللجوء إلي هذه الطريقة التي ارتضتها الجماعة الوطنية. والتي نصت عليها التشريعات المختلفة في كل دول العالم. عاشرا - نحتاج في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ مصر أن نلتف جميعا حول هدف واحد. وأن نوحد صفوفنا. وأن نكون علي قلب رجل واحد. وأن يلتف جميع المصريين حول غاية واحدة وهي مقاومة كل مخططات التخريب في مصر. والعبث بمقدراتها. ومحاولة مسخ هويتها. والعمل علي إدخالها في نفق التخريب. والحروب الأهلية. فكل مخططات أعدائنا الآن هي العمل علي دخول هذا النفق المظلم. الذي انزلقت فيه دول عديدة ولم تخرج منه إلي الآن. وستظل تترنح هكذا سنين عددا. نريد أن يبقي المصريون علي كلمة سواء. متوحدين غير متفرقين. قال الله تعالي فيهم:¢ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءي إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَي اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ¢ لا نريد للوطن فرقة. ولا لأبنائه تشتتا. فقد قال الله تعالي:¢ ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ¢ حادي عشر: إن مصر الآن في وضع حرج يحتاج من الجميع التكاتف. والوقوف جنبا إلي جنب. في وجه الإرهاب. وفي وجه قطاع الطرق. من أجل تحقيق الأمن والأمان للجميع. من أجل دوران عجلة الإنتاج. من أجل تعافي الاقتصاد المصري. وتحسين أحوال مجموع المصريين. من أجل استقرار الوطن. من أجل العمل علي نهضة تنموية شاملة. تطال كل قطاعات البلاد. وكل هذا لن يحدث في ظل تنامي هذه المطالبات والدعوات. التي تؤخر. ولا تقدم. وتضر ولا تنفع. ثاني عشر: أدعو كل المصريين. إلي مقاطعة مثل هذه الدعوات. وعدم الاستجابة لها. وتحكيم العقل والمنطق في كل التصرفات التي تصدر عنا. وتقديم المصلحة العامة لمجموع المصريين. وأهمها عدم تعريض البلاد للضياع. والتقسيم. علي المصالح الشخصية. والمكاسب التي يطمح إليها كل فصيل. متناسين مصلحة الوطن. ومقدمين المصالح الخاصة علي المصلحة العامة. وهذا هو عين العبث. والفهم الخاطيء لأمور الدين والدنيا. حمي الله مصر وجيشها. حمي الله الأزهر