اتفق العلماء علي أن رفع الشعارات السياسية في موسم الحج مفسدة للحج لأنها تفرق المسلمين وتقسمهم فرقاً وجماعات كما انها تضيق علي الحجيج وتعوقهم عن أداء مناسكهم بهدوء وتفرغ. أكدوا ان الهدف من الحج تنقية النفوس ودرء المفاسد والضغائن عنها. "عقيدتي" طرقت الموضوع علي علماء الدين وفي السطور القادمة آراؤهم بالتفاصيل: أكد الدكتور عبدالرحمن جيرة الأستاذ بجامعة الأزهر والوكيل السابق لكلية أصول الدين بالقاهرة رفع الشعارات السياسية في الحج ليس من مقاصد الحج إنما هو مفسدة للحج لأنه يفرق كلمة المسلمين ويجعلهم شيعاً وأحزاباً وطوائف ومذاهب كما انه يخلق الجدال بين الحجاج والجدال مرفوض جملة وتفصيلاً أثناء الحج لقول الله تعالي: "لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج" كما ان رفع الشعارات السياسية أثناء الحج لن يحل المشكلة انما يزيد الأمور تعقيداً ويفسد علي الحجاج حجهم. وحدة الأمة وأضاف د. جيرة: الحج شأنه شأن أي عبادة في الإسلام له أهداف سياسية واجتماعية وهدفه الأساسي توحيد كلمة المسلمين فهم يلبون تلبية واحدة ويقفون في مكان واحد ويرتدون ملابس واحدة فهذا الشكل الموحد لابد من الاستفادة منه وترجمته في حل مشاكل المسلمين السياسية والاقتصادية والاجتماعية في شتي بلاد العالم. ولا مانع علي الاطلاق من مناقشة قضايا الأمة في هذا المؤتمر العام للحج الذي يجتمع فيه المسلمون كل عام علي الاتفاق علي القضايا لكن آلية التنفيذ تختلف من بلد لآخر وهنا يوجد فرق كبير بين مناقشة قضايا الأمة وبين رفع الشعارات السياسية لفئة معينة.. فكل ما ينفع الأمة ويقوي ظهرها لا مانع من مناقشته في موسم أما التفاصيل السياسية لكل بلد والظروف التي تمر بها فهذا شأن كل بلد والطريقة التي تحل بها المشكلات فهذا أمر مطروق لكل بلد حسب ظروفه وامكانياته ولا يعني هذا عقد مؤتمر لمناقشة هذه القضايا لأن النقاش يخلق الجدال والخلاف وهذا الأمر منهي عنه تماماً. مقصد الحج أوضح د. جيرة انه في يومنا هذا لم يتعلم المسلمون المقصد من الحج فهم لم يتعاطفوا مع بعضهم البعض ولم يتراحموا بل ويتزاحموا ويخرج القوي الضعيف ويخرج الرجل المرأة عند أداء المناسك فهؤلاء لم يحجوا لانهم لم يستوعبوا المعني الحقيقي من الحج والحكمة التي شرع من أجلها وقد كنت أحج منذ عدة سنوات وكان هناك أحد الوعاظ يعظ الناس وقال جملة لن أنساها وهي انه عندما ينصلح حال المسلمين في الحج سينصلح حالهم في أوطانهم.. فالإصلاح النفسي للإنسان هو بداية النهوض للأمم وارتقاء الشعوب وهذه هي الحكمة الأساسية من تشريع الحج. خلافات سياسية ووافقه الرأي الدكتور عبدالمهدي عبدالقادر الأستاذ بجامعة الأزهر قائلاً: من الحكمة أن نصفي العبادات من الخلافات والشعارات السياسية والحزبية وعلي الجميع أن يترك المسلم فترة من الزمن يكثر فيها من التلبية ومن ذكر الله والدعاء والتضرع حتي يصفو قلبه وتسعد روحه ويكون في معية الله تبارك وتعالي. دعونا نترك المسلمين فترة من الزمن لينتهزوا من موسم الحج فرصة وهم في أقدس مكان وأقدس زمان وهم في أحسن حال يتعبدون ويتضرعون إلي الله تبارك وتعالي.. لذا أري انه لابد أن يتنحي الجميع عن الحديث في السياسة لأن أي حديث في القضايا السياسية والاختلافات الحزبية يخلق شقاقاً وخلافاً بين الحجيج وهذا لا يصح علي الاطلاق أن يكون في هذا التوقيت كما لا يصح أن تدخل هذه الخلافات أرض المناسك وبلاد المشاعر. وأضاف د. عبدالمهدي: عندما كنت اؤدي فريضة الحج منذ عدة سنوات وكنت لا أكف عن مناداة الحجاج بألا يجتهدوا في شراء الأشياء إنما عليهم أن يجتهدوا في الذكر والعبادة وأداء المناسك ولننحي جميعاً السياسة جانباً فللسياسة وقتها وأماكنها حتي في بلادنا فلا يجب الحديث في السياسة داخل المساجد وعلي المنابر فالمسجد للعبادة والوعظ وتذكير الناس بأوامر الله ونواهيه فقد مللنا جميعا من السياسة والأمور الخلافية التي لا تتوقف الفضائيات عن الكلام فيها ليل نهار. وأضاف: إذا كنا نطالب الناس بعدم الانغماس في الشراء في موسم الحج فما بالنا برفع الشعارات السياسية التي تزيد المسلمين فرقة وتخلق الضغائن بين الناس وأتذكر عندما كنت في الأراضي المقدسة أحج قام حجاج إحدي الدول برفع شعاراتهم السياسية وكانوا حريصين علي ذلك وكانت دولة الحج نتقي شرهم قدر المستطاع لانهم بالفعل وعن تجربة ضيقوا علينا وأثاروا القلاقل واستفزوا الكثير وشغلونا عن عبادتنا.. من هنا أناشد المسلمين في كل زمان ومكان أن يجعلوا الحج والعمرة للعبادة خالصة دون تلويثها بالأمور السياسية والخلافات الحزبية ورفع الشعارات السياسية التي قد تفسد الحاج حجه. وأد الفتنة وأبدي د. عبدالمهدي اختلافه مع فريق العلماء الذي يقول ان الحج ما هو إلا مؤتمر عالمي يجتمع فيه أكبر عدد من المسلمين من جنسيات مختلفة يناقشون فيها قضايا الأمة ومشكلاتها المختلفة قائلاً: هذا يصح إذا كانت البلاد تنعم بالأمن والهدوء لكن كما نري فالخلافات والفتن والقاتل أصبح سيد الموقف في معظم بلاد العالم ومناقشة أي قضية سينجم عنه مزيد من الخلافات والتشاحن والصراع وهذا لا يصح في البلد المقدس ولا في مسجد النبي أما إذا كانت البلاد هادئة والأمور مستقرة فلا مانع علي الاطلاق من مناقشة قضايا المسلمين في أي بلد من بلاد العالم لكن لا يصح وغير مقبول أن يجتمع فريق من العلماء في ساحة المسجد الحرام ليناقشوا قضية من القضايا وقد ينتج عن هذا النقاش ما لا يحمد عقباه الأمر الذي يترتب عليه فساد حجه وحج غيرهم وانشغال الناس عن أداء المناسك بالمسائل الخلافية. لا يجوز وشدد الدكتور أحمد حسين وكيل كلية الدعوة بجامعة الأزهر علي انه لا يجوز شرعاً رفع أي راية سياسية أو شعار حزبي أثناء موسم الحج لأن الأصل في الحج أن يوحد الناس ويجمع كلمتهم أما هذا الأمر فسوف يخلق التناحر والاختلاف. وأبدي تأييده التام للسلطات السعودية في ترحيل أي إنسان يفعل ذلك لأنه بهذا سوف يفسد علي الحجاج حجهم ويشغلهم عن عباداتهم. وأضاف: إذا كان لابد من مناقشة أمور المسلمين وقت الحج وهذا بالفعل فلابد أن يتم الأمر بشكل منظم وتحت رعاية الجهات الرسمية لأنه غير مقبول أن يأتي إنسان لا سلطة له ولا صفة ويدعو لعقد مؤتمر لمناقشة قضايا فئة من المسلمين لأنه في هذه الحالة سيحدث حالة من الهرج والمرج غير المقبول وقت الحج فهذه شعيرة عظيمة لابد من احترامها وتنفيذ مناسكها بكل انضباط والتزام.