يعد الحج أكبر تجمع سنوي في العالم حيث يتواجد أكثر من خمسة ملايين مسلم في مكان وزمان واحد.. ويأتي موسم الحج هذا العام وسط تطورات سياسية في مصر وخارجها تنذر بإثارة قلاقل ومشكلات.. من هنا تأتي أهمية هذا التحقيق الذي يجيب فيه علماء الإسلام علي السؤال الصعب: كيف يمكن مناقشة قضايا الأمة في موسم الحج؟! بداية قال الدكتور أحمد الشرنوبي أستاذ مساعد الدعوة والثقافة الإسلامية بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر: السعي لإفساد فريضة من الفرائض التي فرضها الله علي المسلمين هو الكفر بعينه ولا أعتقد انه يوجد إنسان ينتسب للإسلام ولو شكلا يسعي لهذا العمل المجرم فنحن محاطون بكم من الشائعات والأكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان هدفها نشر القلاقل وإشاعة الفوضي داخل المجتمع وتدمير الناس نفسيا وتشكيكهم في عباداتهم. وأضاف: الحج ليس كباقي الفرائض الأخري فمن يذهب لأداء الفريضة يمكث في الأراضي المقدسة من 15 إلي 30 يوما يؤدي فيها المناسك المختلفة ويتبقي لديه بعض الوقت للحديث مع جيرانه وأصحابه الذين يرافقونه في هذه الرحلة العظيمة ولا مانع شرعا من التطرف للقضايا السياسية المختلفة بشرط وجود العقلاء والبحث عن حلول منطقية وإصلاح حقيقي لكل ما هو فاسد مع البعد التام عن السباب والخوض في أعراض الآخرين والتهكم علي المعارضين والنيل منهم وترك الغيبة والنميمة واللغط حتي لا يشوب الحج أي شائبة وأن ينتقص ثوابه فإذا استطاع أي إنسان الالتزام بهذه الضوابط فلا مانع من الحديث في كافة الأمور التي تخص المسلمين ومحاولة وضع حلول لها. ضوابط شرعية ووافقه الرأي الدكتور عبدالمهدي عبدالقادر أستاذ الحديث بجامعة الأزهر مؤكدا ان الحج عبادة فرضها الله تعالي علي كل مسلم عاقل بالغ مقتدر وبين رسول الله صلي الله عليه وسلم المنهج السليم للقيام بها حيث قال صلي الله عليه وسلم: "لتأخذوا عني مناسككم" ولا يوجد ثمة تعارض شرعي بين أداء مناسك الحج والحديث في القضايا السياسية المختلفة ولا حرج ديني أن تتعرض فئة من المسلمين قضيتها في هذا الجمع الغفير فهذا لا يتنامي أبدا مع الحج ولا يبطله بشرط الالتزام بقواعد الحج: "لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج". وأضاف: أطالب الجميع بتقوي الله والابتعاد عن كل ما يثير الفتن والضغائن بين الناس في هذه الأيام الملتهبة وأن يتقوا الله في العبادات الإسلامية. لذا أقول لمن يحاول تشويه موسم الحج وتخويف الناس "اتقوا الله واتركوا الناس يحجوا ويؤدوا هذه الفريضة العظيمة ويتضرعوا إلي الله لرفع البلاء عن أمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها. وحدة الأمة أما الدكتور عبدالرحمن جيرة وكيل كلية أصول الدين بجامعة الأزهر فقال: المسلمون يعرفون دينهم جيدا ويطبقون أركانه خير تطبيق ومعروف للجميع أن للحج هدفاً سياسياً ألا وهو توحيد الأمة فخطاب النبي صلي الله عليه وسلم كان يؤول لوحدة الأمة فكل إنسان يتنصل من جنسيته ويتهم في انتسابه لأمة الإسلام وهذا هدف رائع لهذا المؤتمر العالمي الذي يضم الملايين من المسلمين من شتي بقاع الأرض. تدنيس البيت يشير الدكتور عبدالله عبدالفتاح باحث بكلية الدعوة وإمام وخطيب بوزارة الأوقاف مؤكدا ان الحج شعيرة إسلامية دينية بحتة لا ينبغي أن يوجد بها عرض لأي مشكلة كما أن السنوات الماضية لم تشهد أي عرض لمشاكل المسلمين في هذا الموسم بالرغم من أنه في السنوات الأولي للإسلام كان يتم طرح قضايا ومشكلات المسلمين في هذا المؤتمر العالمي حيث كان صلي الله عليه وسلم يقوم بمناقشة بعض مشاكل المسلمين وكذلك كان يفعل عمر بن الخطاب في هذا الموسم حيث كان يجتمع مع كل ولاة المسلمين ليستمع لمشاكلهم كي يشهد الجميع عليها ويتشاوروا في الحل فهذا كان يحدث في ظل وجود خليفة واحد للمسلمين أما وانه لا يوجد اليوم خليفة للمسلمين ولكل دولة رئيس هو القائم علي حل مشكلات دولته فلا يصح عرض مشاكل المسلمين في كل أجواء الحج الروحانية لأن اقحام الحاج في مشاكل غيره أمر يشغله عن أداء مناسكه وفي ذات الوقت أمر غير مجد لأنه لا يوجد وسط الجمع من بيده حل المشكلة. وشدد علي أن اقحام السياسة في مناسك الحج يعد إفسادا لهذه الشعيرة لأن القضايا السياسية يشوبها اللغط والشائعات والأكاذيب ولا تخلو من الجدال المرفوض في الحج. واستطرد: مشاكل المسلمين في كل مكان لا حصر لها والأولي بالعرض والطرح تلك المشاكل التي تهدد العقيدة كما يحدث للمسلمين في بورما وجزر القمر والبحر الكاريبي الذين يتعرضون لضغوط غير محتملة لترك دينهم ولا أحد يدري عنهم شيئا ويدافع عنهم ويتحدث بلسانهم ويوقف هذا العمل المشين.. فبيت الله الحرام هو أعظم البيوت علي وجه الأرض ولا يصح استخدامه لعرض القضايا السياسية.