صحح السيد علاء ماضي أبو العزائم- رئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية. شيخ الطريقة العزمية. عقب فوزه في انتخابات رئاسة حزب التحرير المصري بنسبة 97% مقولة السياسة ¢نجاسة¢ التي يرددها الصوفية مبررين عدم إقحام أنفسهم في دهاليز العمل السياسي. مؤكدا أن انخراط الصوفية في السياسة مطلوب لإصلاح حال البلاد والعباد. مستشهدا بالأقطاب الصوفية في حروبهم ضد الغزاة والمحتلين بداية من التتار والصليبيين وحتي الاحتلال الإسرائيلي الحالي للأراضي العربية. طالب أبو العزائم القضاء المصري بسرعة إصدار أحكام نهائية وعادلة علي قيادات الإخوان حتي تُغلق صالات القمار السياسي. ويلتفت الشعب لفضح المزايدين عليه في الدين. وواصفا الأداء الحزبي الحالي بأنه ¢تعبان¢ مطالبا الأحزاب بالتكتل حول حب مصر ونبذ الخلافات والمصالح الشخصية جانباً. وفيما يلي نص الحوار الذي أجري معه عقب فوزه برئاسة الحزب: * بداية. ما علاقة الصوفية بالأحزاب السياسية. والسياسة عامة؟ * * هذا السؤال في غير موضعه خاصة إذا تم توجيهه إلي الطريقة العزمية التي عرفت منذ إنشائها وحتي يومنا هذا بأنها وثيقة الصلة بالسياسة. بل حتي الطرق الكبري القديمة كان لها أكبر صلة وعلاقة بالسياسة. مثل القادرية. القنائية. المدنية. الشاذلية. الأحمدية. الدسوقية. فجميعها اشتغلت بالسياسة. خصوصا في عهد صلاح الدين الأيوبي. آخر عهود الدولة الأيوبية حينما جهزت الجيوش لمحاربة الصليبيين فكان الصوفية هم الذين يقاتلون معهم. وكذلك كان الأمر في عصر القطب العز بن عبد السلام الذي دعا وحثّ علي تجهيز جيش محاربة التتار للقائد قطز. وحينما نأتي للإمام محمد ماضي أبو العزائم نجد له وضعا مميزا في محاربته للاستعمار الإنجليزي في السودان. بل إنه تعرض للطرد من مصر بسبب مواقفه المعادية للاستعمار الإنجليزي في مصر. وعندما فكر القادة والملوك والرؤساء في إنشاء الخلافة الإسلامية عام 1924 وطلبوا عقد مؤتمر عام خلال موسم الحج لاختيار خليفة المسلمين. كان أبو العزائم معترضا علي رغبة الملك فؤاد في تولي الخلافة. لذلك ذهب أبو العزائم إلي المؤتمر ممثلا عن الشعب المصري. والشيخ محمد رشيد رضا عن الملك فؤاد. وهناك خطب أبو العزائم منتقدا ومستنكرا كيف لأناس فقدوا الإسلام في بيوتهم يسعون ليكونوا خلفاء المسلمين؟! وقبل ذلك كان لأبو العزائم موقفه الصارم من وعد بلفور سنة 17 والذي بمقتضاه أعطي من لا يملك من لا يستحق وعدا بوطن في فلسطين. فصدرت فتوي أبو العزائم بتحريم بيع أي شبر من أرض فلسطين لأي يهودي. وكانت حركة البيع والشراء رائجة بشدة وقتها من قبل اليهود والصهاينة. وأكثر من هذا فقد وصفت الفتوي من يبيع أرضه ليهودي بأنه خرج من الملة وتُطلّق منه زوجته ولا يُصلّي عليه ولا يُدفن في مقابر المسلمين. ولم تقف الطريقة العزمية عند هذا الحد بل كان لها أيضا خلال حرب 48 في فلسطين كتيبة باسمها تحارب اليهود الصهاينة. واستمر النضال والعمل السياسي لما بعد ذلك حيث أيد الإمام أحمد أبو العزائم ثورة 23 يوليو 52 ضد الملك وفساده. لكن الإمام أحمد رجع وقال في أواخر أيامه: لقد أضاع الإسلام اثنان. كمال وجمال.. يقصد كمال أتاتورك وجمال عبد الناصر. وفي عهد الخليفة الثاني السيد عز الدين أبو العزائم نجده مؤيدا للرئيس محمد أنور السادات خاصة في موقفه من حرب أكتوبر 73 وكان يري الأمل كله في السادات. لكنه عندما اغتيل وجاء محمد حسني مبارك اعترضت العزمية علي أشياء كثيرة ظهرت في مفاسد النظام. إلي أن جاءت ثورة 25 يناير فكانت من أول المؤيدين لها وأقامت الخيام بميدان التحرير. وفي ثورة التصحيح كررنا نفس الشئ ووقفت أنا شخصيا معها. لأنني خلال فترة حكم محمد مرسي هاجمته كثيرا وبشدة في التليفزيون المصري والفضائيات المختلفة. وكذا قامت العزمية بدور توعوي بالحقوق السياسية من خلال تأييد وحث الناس علي التفويض للفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع آنذاك. ثم دعم الدستور وخارطة الطريق. فكنا الطريقة الصوفية الوحيدة التي قامت بهذا الدور. وعقدنا عدة مؤتمرات في مختلف المحافظات للتوعية والتعريف بخارطة الطريق والدستور واختيار الرئيس السيسي. كل هذا يبين الدور السياسي للصوفية. وخصوصا العزمية. فهو قديم ومازال ولم يمت ولم يُستحدث. ما القول بان الابتعاد عن السياسة لأنها نجاسة. فهذا لأنها تحتوي علي الكثير من الكذب والنفاق. ومع هذا فنحن لا نتركها ولا ننغمس فيها بل نسعي لتطهيرها وتنقيتها وجعلها تتفق وقيم ومبادئ الدين الحنيف لإصلاح أحوال البلاد والعباد. لأننا بحاجة للرئيس والوزير والسياسي والمسئول الصادق الأمين الذي يرعي مصالح الناس والبلاد ويتقي الله فيهم. وهنا يأتي دور الصوفية في التنشئة وخلق أجيال تعتبر قدوة لغيرهم في مجتمع للأسف الشديد صارت الأخلاق فيه عملة نادرة.. فكيف لنا أن نبتعد عن السياسة وهي تحكمنا؟ استحالة. الأحزاب الكرتونية! * وماذا عن رؤيتكم للنهوض بالحزب وتفعيل نشاطه ووجوده علي أرض الواقع حتي لا يكون كغيره من الأحزاب الكرتونية؟ * * هناك اللجنة التنفيذية العليا للحزب وسأجلس مع أعضائها لوضع برنامج عمل دوري. ولم يكن هذا موجودا من قبل في الحزب. وسنحدد أهدافنا والتي تتمثل. كما أري. في القيام بدور كبير في توعية الشعب بأهمية وضرورة بل وجوب شراء أسهم في مشروع قناة السويس الجديدة والتي اعلن عنها الرئيس السيسي والتي ستطرح قريبا للاكتتاب. وأنا شخصيا سأشتري ألف سهم مبدئيا. وأدعو أبناء جميع الطرق الصوفية أولا ثم أعضاء الأحزاب للاشتراك الإيجابي في هذه العملية الشرائية التي ستعود بالنفع علي الجميع إن شاء الله. هذا اول ما أطمح للقيام به في تفعيل دور الحزب. ثم سنطرح مسألة توزيع الأراضي المستصلحة. فإذا كان الرئيس السيسي أعلن عنها. فأقترح أن يتم بناء بيت ريفي صغير لكل 5 أفدنة للشاب الذي سيقوم بالزراعة فيها. ليس هذا فحسب بل أن يُقام لكل 3 آلاف فدان مجتمع سكني وعمراني متكامل المرافق والخدمات التعليمية والصحية والترفيهية بحيث تغني السكان الجدد من الشباب عن التفكير في الارتباط بالمدينة أو العودة إليها مرة أخري. علي أن تُحسب تكاليف كل هذه الخدمات وتضاف علي سعر الأرض الزراعية بحيث لا تتحمل الدولة أية أعباء. وأكثر من هذا. فإنني أري ألا تُباع كل الأرض بل 80% فقط منها وتترك النسبة الباقية لتوزع علي العاملين في الاستصلاح من غير القادرين علي امتلاك قطعة أرض. وبهذا يشعر الجميع أنه مالك حقيقي لأرض وطنه وليس عاملا أجيرا فقط. والأهم من كل ذلك أننا سنقوم من خلال الحزب بنشر التوعية الأخلاقية لدي جميع فئات المجتمع وخصوصا الشباب في زمن عزّت فيه الأخلاق والآداب. كذلك التوعية لأصحاب رؤوس الأموال والمُزكيّن وتعريفهم بمصارف الزكاة الأفيد والأكثر احتياجا للدعم حتي تكون زكاة وفي ذات الوقت صدقة جارية وتنفع المجتمع بدلا من توجيهها للأكل والشرب والصرف في المجاري! كأن يقوموا ببناء مساكن للشباب وتوزع عليهم بأجر رمزي بما يساعد في عفة الشباب من الانحراف الأخلاقي بتيسير الزواج لهم. فلنتخيل ما تنفقه تلك الفنانة يوميا في مائدة إفطار رمضان ويقدر بحوالي 50 ألف جنيه. فإذا تم توجيه المبلغ لبناء مساكن سيكون صدقة جارية لها ويحل مشكلة عدد من الشباب الراغب في إعفاف نفسه بالزواج. وأيضا بالنسبة لتكاليف إعلانات الوفيات في الصحف أو غيرها لو تم توجيه المبلغ للإسهام في مساعدة الشباب أو المحتاجين لكان أكثر فائدة للمجتمع وصدقة جارية علي روح المتوفي. الأداء ¢تعبان¢! * وما هو تقييمك للأداء الحزبي الآن علي الساحة السياسية عامة؟ * * أداء ¢تعبان¢ وكله مصالح شخصية إلا من رحم ربي. ولو لم تكن كذلك لما رأينا الصراعات الرهيبة علي رئاسة الأحزاب. فالمفترض أن الشخص يسعي لخدمة الوطن والمواطنين بأي طريقة وأيا كان موقعه دون التكالب علي المناصب.. وأنا شخصيا لن أستمر في رئاسة الحزب أكثر من دورة واحدة حتي وإن طلبوا. لأنني مؤمن بضرورة إعطاء الفرصة للشباب لتولي القيادة والمسئولية. ويكفيني أن أبقي الأب الروحي للحزب وأعضائه. وكل ما آمله من الأحزاب جميعا أن تتفق علي هدف واحد هو حب مصر وأن تكون أعظم دولة في العالم. وأن نصل بها لأعلي مكانة في العالم. كما أتمني أن يضاعف الرئيس السيسي ميزانية البحث العلمي فهو أساس أي تقدم ننشده. وأنا متأكد أنه يتكلم من قلبه وبصراحة شديدة وإخلاص وأمانة بحب لمصر ولذا فنحن متقبلين قراراته الأخيرة برفع الدعم الجزئي عن الوقود. ولا نملك إلا أن ندعو الله تعالي أن يوفقنا جميعا لخدمة مصرنا الغالية. القمار السياسي! * أشرت في أكثر من لقاء بوقوفك في وجه دخول الإخوان البرلمان المقبل. فلماذا؟ * * لأنهم أناس ¢نصابين¢ وقياداتهم لا تضحك إلا علي الطمّاعين. وهؤلاء مثل ¢القَمَرتي¢ الذي كلما خسر لعب أكثر طمعا في المكسب حتي يُعوِّض فيزداد خسارة. من هنا فإنني أطالب القضاء بالإسراع في إصدار أحكامه وبالعدل حتي نغلق صالة القمار المفتوحة هذه. لأنه طالما ظلت القيادات في السجن يلعب المقامرون علي نغمة خروج مرسي وإخوانه من السجن. فإذا ما صدرت الأحكام النهائية العادلة توقف النصب وأُغلقت صالة القمار. مزايدون بالتدين * وماذا عن الانتخابات البرلمانية ذاتها. هل ستدخل غمارها؟ * * أُأكد أنني لن أدخل الانتخابات البرلمانية فهي ليست طموحي ولا ضمن اهتماماتي لأنني أخدم الوطن من خلال موقعي في المشيخة العزمية وأي مكان دون النظر للمنصب. وهناك من هو أقدر مني علي العطاء في هذا المجال. لذلك فإنني أدعو لانتخاب من لديه الكفاءة والزهد سواء كان فرديا أم ضمن القائمة. سواء كان صوفيا أم غيره أو مسلما أو مسيحيا. المهم أن تتوافر فيه الأمانة والصدق والكفاءة. المهم الوقوف في وجه الإخوان والسلفية حتي لا يدخلوا البرلمان فكفانا ما رأيناه منهم في المجلس السابق. حيث كانوا يزايدون علي بعضهم البعض في الدين وادعاء التدين. ويتكلمون عن الخلاق وهم أبعد ما يكونوا عنها. حتي إنهم كانوا يناقشون قضايا مثل¢ مضاجعة الوداع¢ وكأن الدنيا توفقت بهم عند الشهوات حتي آخر لحظة من العمر! فقد وصلت بهم الحيوانية إلي أقل من الحيوانات. فإننا لم نر أبدا ¢قطاً¢ يشمشم حول ¢قطة¢ ميتة. ومن ثم فدخولهم البرلمان ضياع للأمة وتجربتهم في دولة الكويت خير دليل. فرغم غنا الكويت إلا أنها لم تتقدم لأنه كل سنة تُجري انتخابات البرلمان تقريبا وأحيانا تجري مرتين في السنة بسبب الأكثرية الإخوانية. فهل نريد لمصرنا مثل هذا المصير؟! خصوصا وأن الدستور ينص علي أنه من حق20 عضوا تقديم طلب بسحب الثقة من الرئيس. فإذا وافق ثلثا الأعضاء فإما أن تجري الانتخابات أو يتم الاستفتاء علي بقاء الرئيس أو البرلمان. وبما أنهم يملكون الأموال ويستطيعون إغراء النفوس الضعيفة. وسنظل في دائرة مفرغة. سنة انتخابات وأخري استفتاء وهكذا! لذلك فإنني أُأكد أن انتخاب أي إخوانجي أو سلفي يعتبر خيانة للوطن. أكثر من هذا فإنني ادعو الشعب المصري لعدم التقيد بما جاء في الدستور خصوصا في مسألة نسبة 50% عمال وفلاحين. فمن المعروف أن 70% من هؤلاء ليس لديهم أي نوع من الثقافة- مع احترامنا الكامل لهم فهم أهلنا ولا نقلل من شأن أحد- وكانوا في السابق ينتمون للحزب الوطني. وإذا كان الدستور يكتفي بالشهادة الإعدادية. فإنني أعرف دولا تشترط في المرشح للبرلمان الحصول علي الماجستير أو الدكتوراه حتي يكون فاهما ومدركا للقضايا والقوانين التي تعرض ويتم مناقشتها لا مجرد رفع اليد بالموافقة وفقط. فأقول للمصريين: سيبك من الدستور ولا تنتخب إلا من هو حاصل علي الليسانس أو البكالوريوس علي الأقل. فدورنا نحن أيضا ألا يدخل البرلمان من ليس كفاءة ولا يستطيعون القيام بمسئولياتهم وواجباتهم تجاه الوطن.