من الآيات التي تدل علي أن السنة وحي من عند الله - سبحانه - وتنص علي أن ما يحرمه رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بسنته مثل ما يحرم بالكتاب المجيد. كلاهما من عند الله - تعالي - قول الله - عز وجل: ¢قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتي يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون¢ "التوبة 29". فهذه الآية الكريمة ذكرت نوعين من المحرمات. ما حرم الله - تعالي- وما حرم رسول الله وجمعت بين الأمرين في جملة واحدة عاطفة ما حرم رسول الله علي ما حرم الله. وذلك يدل بوضوح علي أمرين. الأول : أن ما حرم رسول الله هو مثل ما حرم الله. وأن الأمرين علي منزلة واحدة من حجية التشريع وحكمه. وأن ما شرع الله - تعالي - في كتابه هو مثل ما شرع رسول الله - صلي الله عليه وسلم- في سنته.. الثاني : أن ما حرم رسول الله - صلي الله عليه وسلم - في سنته هو وحي من عند الله - تعالي - كمثل ما حرم الله - تعالي - في كتابه. فكلا التشريعين وحي من عند الله - سبحانه -. ننتقل إلي ما يترتب علي أن السنة وحي من عند لله -تعالي- نقصد الآيات القرآنية التي توجب وتأمر بطاعة رسول الله وتجعل طاعته - صلي الله عليه وسلم - فيما يأمر وما ينهي فيصلان بين الإيمان والكفر. والنجاة والهلاك. قد قلنا أن السنة وحي من عند الله - تعالي - إذ لو لم تكن كذلك. وكان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - ينطق عن الهوي - حاشاه - لما أمرنا الله - تعالي - باتباعه وطاعته في كل ما يأمر وما ينهي. كما سيبين لنا من الآيات الدالة علي ذلك - بحول الله تعالي -. وإن الناظر في كتاب الله المجيد يراه قد أمر بطاعة رسول الله في آيات كثيرة وبصيغ متنوعة عديدة. من هذه الآيات الآمرة بطاعة رسول الله - صلي الله عليه وسلم - ما هو قاعدة عامة في رسل الله أجمعين. وخاتمهم محمد - صلوات الله علي نبينا وعليهم - وذلك قول الله - عز وجل : ¢وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ¢ "النساء 64". ثمرة إرسال الرسل - صلوات الله عليهم أجمعين - إنما تنحصر في أن يطاعوا. وطاعتهم إنما هي بإذن الله سبحانه - وأمره. فالشاغب عليهم. التارك لسنتهم. الرافض لأوامرهم ونواهيهم. إنما هو محارب لله - سبحانه - ناقض لإذنه. فاسق عن أمره. ومن ذلك ما هو قاعدة لرسولنا شاملة لكل ما يأخذ وما يدع. وما يأمر وما ينهي. وذلك قول الله ¢وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. واتقوا الله إن الله شديد العقاب ¢ "الحشر:7".فهذه الآية تأمر المؤمنين بأن يأخذوا عن رسول الله كل ما يأتيهم به. يستوي في ذلك ما كان قرآنا أو سنة. وكذلك أن ينتهوا عن كل ما نهاهم عنه. ثم توعدت المخالفين لرسول الله بالعقاب الشديد. ومن الآيات الآمرة بطاعة رسول الله ما جاء فيها الأمر بطاعة رسول الله مقرونا بطاعة الله مع تكرار فعل ¢ أطيعوا ¢. ومن ذلك قول الله - عز وجل: ¢يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم¢ "محمد:33". ومن ذلك ما جاء فيه الأمر بطاعة رسول الله - صلي الله عليه وسلم - مقرونا بطاعة الله - تعالي - دون تكرار الفعل ¢أطيعوا¢ مما يدل بشكل قاطع علي أن طاعة رسول الله - صلي الله عليه وسلم - هي من طاعة الله - سبحانه-. وأنه لا يحل التفريق بين طاعة الله -تعالي- وطاعة رسوله -صلي الله عليه وسلم - ومن ذلك قول الله- سبحانه: ¢قل أطيعوا الله والرسول. فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين¢ "آل عمران:32 ". وواضح من النص الكريم أن الذي يتولي عن طاعة رسول الله هو من الكافرين. ومن الآيات الآمرة بطاعة رسول الله - صلي الله عليه وسلم - ما جاء فيه الأمر بطاعة الرسول - صلي الله عليه وسلم - ابتداء. دون أن يسبقه الأمر بطاعة الله - سبحانه -. وذلك يبين أن طاعة الرسول - صلي الله عليه وسلم - هي في الوقت نفسه طاعة لله - تعالي - وأن طاعة الرسول وحدها مقياس لطاعة الله - عز وجل - ومن ذلك قول الله: ¢وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون ¢ "النور:56 ". ومن علامات طاعة رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وأتباعه الأخذ عنه. والاحتكام إليه. وتحكيمه في كل ما يعرض لنا من شئون الحياة. ثم الرضا بما يحكم به. والإذعان والتسليم له.