1⁄41⁄4 كنت أود أن أدخل مباشرة إلي مشاهد درامية من وحي القرآن الكريم وما جاء فيه من قصص تشكل في مجملها ما يقرب من ثلث الكتاب المقدس.. وإذا كانت أغلب الدراسات التي تناولت ورصدت القصة في القرآن قد وقفت عند حدود البلاغة الأدبية.. وناقشت القصص من هذا المنظور.. فإنني قصدت أن يكون عنواني "الدراما" والمقصود بها كل قصة فيها صراع ويمكن تقديمها مسرحياً أو تليفزيونياً أو سينمائياً أو إذاعياً.. وفي ظل نجاح تلك المؤامرة الخبيثة ضد المسلسل الديني التاريخي بحجة انه غير مربح لمنتجه وفي ظل تقاعس جهات الانتاج الحكومية وسعيها الخائب لمنافسة منتج القطاع الخاص في الدراما الفاسدة والمفسدة بأموال الشعب ولو من باب الشراكة بالمعدات والعرض وهذه جريمة يجب محاسبة المسئول عنها.. خاصة إذا تم حشد المسلسلات في شهر رمضان دون غيره من أشهر السنة وتحويله تدريجياً إلي كرنفال للأكل والشرب والتسالي.. بعيداً عن كونه مهرجاناً روحانياً للمغفرة والتصالح مع الله سبحانه وتعالي والبكاء علي أعتاب رحمته طلباً لعفوه وغفرانه.. 1⁄41⁄4 دراما القرآن تشمل السيناريو أي تفاصيل المشهد وربطها بالمشاهد التالية في تتابع سردي للأحداث من خلال شخصيات يتم رسمها خارجياً وداخلياً.. والدراما تشمل الحوار وهو أيضاً موجود في القرآن الكريم.. وهذا هو مدخلنا الجديد والحديث في النظر إلي القصة القرآنية وهي موجودة علي ثلاثة مستويات أولها قصص الأنبياء وثانيها قصص حول شخصيات أو أحداث.. وثالثها ما يتعلق بأحداث وقعت في زمن رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم.. 1⁄41⁄4 وقد ثبت علمياً بأن الأسلوب القصصي هو أكثر الأساليب المحببة إلي النفس البشرية كما انه يستقر في الذاكرة.. ونحن حالياً نعيش عصر "الصورة".. والدراما في أصلها "صورة" ومنذ بدأت شعراً في العصر اليوناني القديم وقبل أن يتطور الشعر إلي مسرح ثم يتشعب بعد ذلك إلي سينما وتليفزيون وإذاعة.. ووجود القصة في القرآن بمفهومها العصري يؤكد علي روعة الكتاب العظيم وكيف ان معجزته أن يواكب كل متغيرات العصور جيلاً بعد جيل وهو ما يحفظه ويجعله الأعلي الذي لا يُعلي عليه.. 1⁄41⁄4 "فاقصص القصص لعلهم يتفكرون".. هكذا تأتي القصة كفعل أمر.. ثم يكشف لنا القرآن الكريم كيف ان القصة كانت هدفاً لكي يعرف الرسول الكريم ونعرف معه أنباء من سبقه من الأنبياء والرسل.. وفي ذلك يقول المولي سبحانه وتعالي في سورة هود "120" "وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكري للمؤمنين". وفي القرآن العظيم وبالمنطق الدرامي مشاهد متنوعة ورائعة لو طبقت عليها فنون الصور: من مونتاج ومكساج وفوتو مونتاج موجودة كما سنري في المشاهد التي نحاول من خلالها أن نعلم الشعب الموهوب كيف يكتب المشاهد الدينية ونعوض بذلك غياب المسلسل الديني حتي نجد بعون الله المنتج الفني الذي يريد أن يكسب دينه ولا يخسر دنياه أو العكس وانه يستطيع أن يربح في العاجلة والآجلة لو أراد.. ويقدم للناس ما ينفعهم ويمكث في الأرض حتي يرث الله الأرض وما عليها.. وكيف يا أمة الإسلام أن يعيش العالم عصر الصورة.. ويكون إسلامكم العظيم خارج الصورة وبعيداً عن العين والقلب!!