تميزت أعياد المسلمين عن غيرها من أعياد الجاهلية بأنها قربة وطاعة لله وفيها تعظيم الله وذكره كالتكبير في العيدين وحضور الصلاة في جماعة وتوزيع زكاة الفطر مع إظهار الفرح والسرور علي نعمة العيدين ونعمة إتمام الصيام في الفطر. والمسلمون يتسامون بأعيادهم ويربطونها بأمجادهم. ويتحقق في العيد البعد الروحي للدين الإسلامي ويكون للعيد من العموم والشمول ما يجعل الناس جميعيا يشاركون في تحقيق هذه المعاني واستشعار آثارها المباركة ومعايشة أحداث العيد كلما دار الزمن وتجدد العيد. فالعيد في الإسلام ليس ذكريات مضت أو مواقف خاصة لكبراء وزعماء. بل كل مسلم له بالعيد صلة وواقع متجدد علي مدي الحياة. وفي العيد تتجلي الكثير من معاني الإسلام الاجتماعية والإنسانية. ففي العيد تتقارب القلوب علي الود. ويجتمع الناس بعد افتراق. ويتصافون بعد كدر. وفي العيد تذكير بحق الضعفاء في المجتمع الإسلامي حتي تشمل الفرحة بالعيد كل بيت. وتعم النعمة كل أسرة. وهذا هو الهدف من تشريع ¢صدقة الفطر¢ في عيد الفطر. أما المعني الإنساني في العيد. فهو أن يشترك أعداد كبيرة من المسلمين بالفرح والسرور في وقت واحد فيظهر اتحادهم وتُعلم كثرتهم باجتماعهم. فإذا بالأمة تلتقي علي الشعور المشترك. وفي ذلك تقوية للروابط الفكرية والروحية والاجتماعية. وقد رخص النبي صلي الله عليه وسلم للمسلمين في هذا اليوم إظهار السرور وتأكيده. بالغناء والضرب بالدف واللعب واللهو المباح. بل إن من الأحاديث ما يفيد أن إظهار هذا السرور في الأعياد شعيرة من شعائر هذا الدين. ولهذا فقد رُوي عن عِياض الأشعريّ أنه شهد عيداً بالأنبار فقال: ما لي أراكم لا تُقلِّسون. فقد كانوا في زمان رسول الله يفعلونه. والتقليس: هو الضرب بالدف والغناء. ورُوي عن عائشة قالت: إن أبا بكر دخل عليها والنبي عندها في يوم فطر أو أضحي. وعندها جاريتان تغنيان بما تَقاوَلَت به الأنصار في يوم حرب بُعاث. فقال أبو بكر: أمزمار الشيطان عند رسول الله؟! فقال النبي: ¢دَعْهما يا أبا بكر» فإن لكل قوم عيداً. وإن عيدنا هذا اليوم¢. ورُوي عن أنس قال: قدم النبي المدينة ولأهلها يومان يلعبون فيهما. فقال: ¢قد أبدلكم الله بهما خيراً منهما» يوم الفطر ويوم الأضحي¢.