إن يوم العيد هو يوم فرح وسرور شرع للمسلمين بإتمام فريضة فرضها الله تعالي عليهم, ولهذا فإن رسول الله رخص في إظهار السرور في هذا اليوم وتأكيده, بالغناء والضرب بالدف واللعب واللهو المباح. بل إن من الأحاديث ما يفيد أن إظهار هذا السرور في الأعياد شعيرة من شعائر هذا الدين, ولهذا فقد روي عن عياض الأشعري أنه شهد عيدا بالأنبار فقال:( ما لي أراكم لا تقلسون, فقد كانوا في زمان رسول الله يفعلونه). وفي رواية أخري:( فإنه من السنة في العيدين). والتقليس: هو الضرب بالدف والغناء. وروي عن عائشة قالت:( إن أبا بكر دخل عليها والنبي عندها في يوم فطر أو أضحي, وعندها جاريتان تغنيان بما تقاولت به الأنصار في يوم حرب بعاث, فقال أبو بكر: أمزمار الشيطان عند رسول الله فقال النبي:( دعهما يا أبا بكر; فإن لكل قوم عيدا, وإن عيدنا هذا اليوم). وهذا يفيد أن رسول الله رخص في الضرب بالدف والغناء وسماعهما في أيام العيدين, إظهارا لسرور المسلمين بإتمام ما فرض الله عليهم, وإن كان لا يرخص فيه في غيرها من الأيام. كما رخص رسول الله باللعب في يوم العيد, فقد أذن لبعض أهل الحبشة باللعب بالحراب والدرق في المسجد في يوم عيد, بل إنه كان يغريهم بهذا اللعب, فيقول لهم:( دونكم يا بني أرفدة) أي الزموا ما أنتم فيه وعليكم به. وقد نظر رسول الله إلي لعبهم هذا في هذا اليوم ودعا عائشة إلي النظر إليهم, فقد روت عائشة قالت:( كان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب, فإما سألت رسول الله وإما قال: تشتهين تنظرين؟, فقلت: نعم. فأقامني وراءه, خدي علي خده, وهو يقول: دونكم يا بني أرفدة, حتي إذا مللت قال: حسبك؟, قلت: نعم. قال: اذهبي). وروي أن عمر أراد أن يمنعهم من هذا اللعب, وهم برميهم بالحجارة, فقال له رسول الله:( دعهم يا عمر, حتي تعلم اليهود أن في ديننا فسحة, وأني بعثت بحنيفية سمحة). وروي عن أنس قال:( قدم النبي المدينة ولأهلها يومان يلعبون فيهما, فقال: قد أبدلكم الله تعالي بهما خيرا منهما; يوم الفطر ويوم الأضحي). وهذا كله يدل علي استحباب إظهار السرور في أيام العيدين, بإتمام فريضتي الصيام والحج, بكل ما يظهر هذا السرور من وسائل رخص فيها الشارع. بل إن رسول الله اعتبر خروج المسلمين في يوم العيد شعيرة حتي في حق من لم قام بها عذر يمنعها من صلاة العيد, فقد أمر أن تخرج الحيض في يوم العيد إلي المصلي, ليكن خلف صفوف المصلين إلا أنهن لا يصلين, ولكن يشهدن الخير ودعوة المسلمين, إذ روي عن أم عطية قالت:( أمرنا رسول الله أن نخرجهن في الفطر والأضحي, العواتق والحيض وذوات الخدور, فأما الحيض فيعتزلن الصلاة, ويشهدن الخير ودعوة المسلمين), وروي عن الحسن بن علي قال: أمرنا رسول الله أن نتطيب بأجود ما نجد في العيد), ومما يستحب في حق الرجال والنساء لبس الجديد في العيدين, لما روي عن جابر أن النبي( كان يلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة), وقالت أم عطية:( أمرنا رسول الله أن نخرجهن في الفطر والأضحي, العواتق والحيض وذوات الخدور, فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين, قلت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب ؟, قال: لتلبسها أختها من جلبابها, كما حرص رسول الله علي إشراك الفقراء والمساكين في هذه الفرحة العامة, بإعطائهن صدقة الفطر قبل صلاة العيد. رئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر