يجب علي كل مسئول أياً كان وضعه ومكانه الوظيفي يريد أن يُسمع له قول من الشعب ويكون كلامه موضع إحترام وتقدير ثم تطبيق بل ويجد من يُعينه وينتظر كلامه شوقاً إلي الجديد الذي يري فيه الأمل الحقيقي للخروج من مشكلاته اليومية والسنوية والعمرية حتي مشكلاته بعد نهاية حياته حلول تطرح قابلة للتطبيق أن يضع نصب عينيه وهو يتكلم ومن أمامه ومن خلفه ومن بين يديه ومن فوقه وعن يمينه وعن شماله وفي داخله قول الله تعالي في سورة البقرة ¢ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ¢ الآية 44. وقوله تعالي في سورة الصف¢ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَپ*پكَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَپ¢ 2. 3 وليضع كلامه موضع التطبيق كما كان يفعل الخالد بعمله وإخلاصه علي مر القرون عمر بن الخطاب فها هو ابنه عبد الله رضي الله عنهما يروي عن والده أنه إذا نهي الناس عن شئ جمع أهله وقال: إني نهيت الناس عن كذا وكذا وإنهم ينظرون إليكم نظر الطير إلي اللحم فإن وقعتم وقعوا وإن هِبتم هابوا. وأيم الله لا أوتي برجل منكم فعل الذي نهيت عنه إلا أضعفت عليه العقوبة لمكانه مني. فمن شاء فليتقدم ومن شاء فليتأخر. وهاهو يجلد ولده عبد الرحمن عندما شرب الخمر ويحلق رأسه حتي قيل أنه مات بسبب ذلك الجلد. وها هو يخاطب رعايا الدول المختلفة قائلاً لهم: أيها الناس إني لم أبعث عُمَّالي عليكم ليصيبوا من أبشاركم وأموالكم وإنا بعثتهم ليحجزوا بينكم وليقسموا فيما بينكم فمن فُعل به غير ذلك فليقم. فقام رجل واحد فقال: يا أمير المؤمنين. إن عاملك جلدني مائة جلدة؟ فسأل عامله فيما ضربه فلم يجد ما يستأهل ضرب من قام. فقال لمن قام: قم فأقتص منه. فقال عمرو بن العاص: إن فعل ذلك سيُجَرِّئ الناس علي العمّال وستصبح سنة! فرد عليه عمر رضي الله عنه: هذا فعل رسول الله صلي الله عليه وسلم. اقتص من نفسه. وها هو يضرب المثل في التعامل مع الخدم والعبيد. فعندما كان في الحج وقام صفوان بن أمية بإعداد الطعام له ودخل الخدم بالطعام فسألهم أن يجلسوا معه للأكل فاستنكر صفوان بن أمية ومن معه ذلك. فأمر عمر رضي الله عنه الخدم أن يجلسوا للطعام ولم يأكل عمر. وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرَّ علي الناس متستِّرا ليتعرف أخبار رعيته فرأي عجوزا فسلم عليها وقال لها: ما فعل عمر؟ قالت: لا جزاه الله عني خيرا. قال: ولم؟ قالت: لأنه- والله - ما نالني من عطائه منذ ولي أمر المؤمنين دينار ولا درهم. فقال لها: وما يدري عمر بحالك وأنت في هذا الموضع؟ قالت: سبحان الله! والله ما ظننت أن أحدا يلي عمل الناس ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها. فبكي عمر ثم قال: وا عمراه ! كل أحد أفقه منك حتي العجائز يا عمر. ثم قال لها: يا أمة الله. بكم تبيعيني ظلامتك من عمر. فإني أرحمه من النار؟! قالت: لا تهزأ بنا يرحمك الله. فقال لها: لست بهزاء. ولم يزل بها حتي اشتري ظلامتها بخمسة وعشرين دينارا. وبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما فقالا: السلام عليك يا أمير المؤمنين. فوضعت العجوز يدها علي رأسها وقالت : وا سوأتاه! أشتمت أمير المؤمنين في وجهه؟! فقال لها عمر: لا بأس عليك رحمك الله. ثم طلب رقعة يكتب فيها فلم يجد. فقطع قطعة من ثوبه وكتب فيها ¢بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما اشتري عمر من فلانة ظلامتها منذ ولي إلي يوم كذا وكذا بخمسة وعشرين دينارا. فما تدعي عند وقوفه في المحشر بين يدي الله تعالي فعمر منه بريء ¢. وشهد علي ذلك علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود. ورفع عمر الكتاب إلي ولده وقال¢ إذا أنا متُّ فاجعله في كفني . ألقي به ربي¢. وها هو في عام الرمادة لا يأكل إلا الزيت والخبز الجاف وعندما معدته تضجر من الألم معلنة العصيان يقول لها: كركري كركري. مالك إلا الزيت والخبز الجاف حتي أسود وجهه ونحل جسده علي الرغم من كونه أمير المؤمنين الذي فتح في عهده فارس والروم. وها هو تشتهي زوجه الحلوي وتوفِّر من راتب زوجها لتشتريها عندما قال لها: من أين لي بثمن الحلوي فأشتريها؟ فيرد ما وفَّرته زوجته من راتبه لبيت مال المسلمين. وها هو يراه علي بن أبي طالب رضي الله عنه والصحابة وهو يضع يده في مؤخرة بعير الصدقة بالعلاج من مرض معين في يوم شديد الحر فيقول سيدنا علي: والله لقد أتعبت مَنْ بَعدك يا أمير المؤمنين.