كانت البرقية التي بعث بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله للرئيس السيسي مفعمة بكل مشاعر الحب والود لمصر وشعبها. مشاعر صادقة نابعة من صميم فؤاده ممتدة من عمق التاريخ. فالمملكة ملكا وحكومة وشعبا لم تكن في يوم من الأيام إلا محبة لوطننا الغالي. وبجانبه في السراء والضراء. ومما لا يعرفه كثير من المصريين أنها أي المملكة تكفلت في عهد الملك فهد طيب الله ثراه بدفع أسعار شحنات من القمح تعاقدت عليها مصر من الدول الموردة. وهذا ما صرح به الرئيس الأسبق حسني مبارك في لقاءات تليفزيونية. لذلك كنت كثيرا ما أشعر بالاستياء وأنا أري بعض المأجورين ممن يطلق عليهم زورا وبهتانا لقب نشطاء سياسيين وهم يتجمعون أمام سفارة المملكة ويكيلون لها أي للمملكة ورموزها الإساءات. كما كنت أشعر بالخجل وأنا أري بعض السفهاء يظهرون علي الفضائيات ¢ويُعَايرُون¢ المملكة بأن مصر كانت ترسل كسوة الكعبة في فترة من الفترات!! يا سبحان الله!! فبدلا من أن تَمُنَّ السعودية علينا بأن أتاحت لنا شرف كسوة الكعبة نحن الذين نمنُّ عليها. وقد كان يكفي إشارة منها لأية دولة كي تحظي بهذا الشرف ولكنها خصَّت به مصر دون غيرها. فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟. وفي ذروة تلك الأحداث كنت اترقب مع كل إساءة رد فعل الرجل المحترم سعادة أحمد القطان سفير خادم الحرمين لدي القاهرة فأجده في غاية الرقي والود والتسامح لدرجة أنه اعتذر ذات مرة عن إتمام إحدي حلقات الإعلامي الكبير داوود الشريان علي قناة "mbc" عندما استشعر أن البرنامج قد تخرج منه كلمة إساءة لمصر. ولكن داوود الشريان بمهارته الإعلامية سيطر علي دفة الحوار وأراد فقط أن يفنِّد تجاوزات فضائياتنا الخاصة ومذيعيها الذين تجردوا وقتها من الحكمة والمهنية فأساءوا لوطنه . هذا تمهيد مطول لأصل إلي بيت القصيد وأتفق مع من قالوا إن برقية خادم الحرمين الشريفين تصلح بامتياز كخريطة طريق لنا في العهد الجديد مع الرئيس الجديد إذ تدعو بصدق وإخلاص إلي إصلاح ذات البين فانظروا ماذا قال مخاطبا الرئيس: ¢أخي الكريم.. ليكن صدرك رحبا فسيحا لتقبل الرأي الآخر مهما كان توجهه. وفق حوار وطني مع كل فئة لم تلوث يدها بسفك دماء الأبرياء وترهيب الآمنين. فالحوار متي ما التقي علي هدف واحد نبيل. وحسنت فيه النوايا فإن النفس لا تأنف منه ولا تكبر عليه¢. إنها مبادرة صلح بين الفرقاء والخصوم السياسيين علي الساحة المصرية. فمن منا لا يريد الحوار بين القوي الوطنية إلا كل من يضمر لمصر سوءا. ومن منا لا يريد معاقبة كل من سفك دم الأبرياء إلا كل معتد أثيم ؟ . ناشد الملك أيضا الدول الشقيقة والصديقة الابتعاد والنأي بأنفسهم عن شؤون مصر الداخلية بأي شكل من الأشكال. وليس هذا فحسب بل اعتبر التدخل في الشأن المصري تدخلا في الشأن السعودي فقال : ¢المساس بمصر يعد مساساً بالإسلام والعروبة. وهو في ذات الوقت مساس بالمملكة العربية السعودية. وهو مبدأ لا نقبل المساومة عليه. أو النقاش حوله تحت أي ظرف كان¢. فأي حب هذا الذي يكنه جلالته لمصر وشعبها؟!. وأي تحية يمكن أن نرد بها علي جلالته بعد أن حيا الله تعالي بلاده بأن اختارها لتكون مهبط الوحي وموطن رسوله وحاضنة الحرمين؟!. فمهما نصيغ من كلمات التحية والتقدير وننسج من عبارات رد الجميل لن نوفيك حقك يا جلالة الملك. فالشكر لك ولحكومتك الرشيدة وشعبك الوفي. فمن لم يشكر الناس لم يشكر الله . قال الشاعر رافع علي الشهري في حب السعودية : سلمت يا موطن الأمجاد والكرم يا موطني يارفيع القدر والقيم سلمت حام لهذا الدين يا وطنا سما به المجد حتي حلّ في القمم لم تعرف الأرض أغلي منك يا وطنا مشي عليه النبي الحق بالقدم يا مهبط الوحي يا تاريخ أمتنا يا مشعل النور للأمصار في الظلم إليك تهفو قلوب الناس قاطبة وترتمي فيك حول البيت والحرم ومنك يا موطني المعطاء انطلقت جحافل تنشر الإسلام للأمم وتحمل الخير للدنيا فتنقذها من فتنة الكفر والإلحاد والصنم