* يسأل فؤاد حسني عبدالسلام من بورسعيد كيف كتب القرآن الكريم في مصحف. ومتي وكيف كان هذا العمل؟ * * يقول الشيخ عثمان عامر من علماء الأزهر: كان القرآن الكريم ينزل علي النبي صلي الله عليه وسلم مفرقاً. آية آية أو آيتين آيتين أو ثلاثاً أو أربعاً.. أو السورة كاملة وكان جبريل عليه السلام يقول للنبي صلي الله عليه وسلم عند نزول كل آية: ضع هذه الآية بعد آية كذا. وكان أول ما نزل من القرآن الآيات الخمس الأول من سورة العلق. وآخر ما نزل: قول الله تعالي: "واتقوا يوماً ترجعون فيه إلي الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون" آية رقم 281 من سورة البقرة. فقال جبريل عليه السلام يا محمد: ضع هذه الآية بين آية اربا وآية الدين وكان الكتبة من الصحابة رضوان الله عليهم يكتبون للنبي صلي الله عليه وسلم ما ينزل من القرآن الكريم وذلك لأن النبي صلي الله عليه وسلم لم يكن يكتب ولا يقرأ. وقد زاد عدد كتبة الوحي علي العشرين. منهم: الخلفاء الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وكذلك منهم: طلحة. والزبير. وأبي بن كعب. وزيد بن ثابت. ومحمد بن مسلمة. والأرقم بن أبي الأرقم. ومعاوية بن أبي سفيان. وإبان بن سعيد بن العاص. وأخوه خالد بن سعيد بن العاص. وثابت بن قيس. وحنظلة بن الربيع.. وخالد بن الوليد رضي الله عنهم وكان ترتيب الآيات توقيفيا وكذلك ترتيب السور وكان القرآن مكتوباً في صحف عند هؤلاء الكتبة. فلما جاء أبو بكر الصديق رضي الله عنه خليفة للمسلمين بعد موت النبي صلي الله عليه وسلم جمع هذه الصحف في مكان واحد. وهذا ما يسمي بالجمع الأول للقرآن الكريم. حيث كلف أبو بكر رضي الله عنه زيد بن ثابت رضي الله عنه بهذه المهمة فقام بها خير قيام. وقرر الخليفة الأول للمسلمين وضع هذه الصحف في بيت السيدة عائشة رضي الله عنها باعتبار ان السيدة عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين وبنت خليفة المسلمين فلما توفي أبو بكر رضي الله عنه. وجاء عمر رضي الله عنه الخليفة الثاني انتقلت هذه الصحف إلي بيت حفصة بنت عمر رضي الله عنها وذلك لنفس السبب السابق: لأن حفصة أم المؤمنين وبنت خليفة المسلمين. وظلت هذه الصحف كلها في مصحف واحد. وكان السبب في ذلك كما قال المؤرخون: ان الناس كانوا في عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مشغولين بالفتوح وتبليغ الإسلام فلم يحدث خلاف. حتي جاء عهد عثمان رضي الله عنه وكان قد بعث الجيوش إلي منطقة شرق آسيا. فكان القائد من هؤلاء القواد الفاتحين يصلي بالمسلمين إماماً فيقرأ هذا القائد آيات سمعها من الصحابي علي حرف أي علي قراءة من القراءات وبعض الجنود حفظوا القرآن علي حرف آخر. فحدث خلاف. رجع علي إثره حذيفة بن اليمان رضي الله عنه إلي المدينة وقال لعثمان رضي الله عنه : أدرك الأمة يا أمير المؤمنين. حتي لا يختلفوا كما اختلفت اليهود والنصاري. ونقل له ما حدث من اختلاف القراءات. فأمر عثمان رضي الله عنه بجمع القرآن في مصحف واحد. وكان المكلف بمهمة جمع القرآن في مصحف واحد أربعة من أمهر الكتاب. وهم: عبدالله بن الحارث. وعبدالله بن الزبير. وسعيد بن العاص. وهؤلاء الثلاثة كانوا من مكة ولغتهم لغة قريش. وزيد بن ثابت. وهو من المدينة وبدأ هؤلاء الأربعة يكتبون حتي أتموا خمسة مصاحف لا اختلاف بينها. فأبقي عثمان رضي الله عنه عنده مصحفاً. وبعث بالباقي إلي عواصم البلاد المفتوحة.. فصارت هذه المصاحف مرجعاً لكل من يحفظ القرآن.. وهذا هو الجمع الثاني للقرآن الكريم. وما يقال عن حرق بعض المصاحف في عهد عثمان رضي الله عنه فإنما كان لعدة صحف اختلط فيها القرآن ببعض المعاني التي سمعها الصحابة من النبي صلي الله عليه وسلم فدونوها مع الآيات. وما فعله أبو بكر وعثمان رضي الله عنهما من جمع للقرآن كانت خطوات مباركة وفقهما الله تعالي لها حتي يحفظ كتابه من التغيير والتبديل. وصدق الله تعالي حيث يقول: "إنا نحن نزلننا الذكر وإنا له لحافظون" اية رقم 9 من سورة الحجر.