* ¢وَالصُّلْحُ خَيْرى ¢ آية عظيمة تصلح للتأمل فيها سنوات.. وقد كان من حسن حظي أن أتأملها طويلا ًوأكتب عن¢فقه الصلح¢ الذي لم ينل حظه من الرعاية لا من الفقهاء ولا من الدعاة.. فالكل مشغول بدغدغة العواطف بالحرب والمواجهة.. مع أن خبرتي الحياتية دلتني علي أن معظم الذي يدغدغون العواطف بالحرب والمواجهة هم أكثر الناس هربا وخوفا منها والاكتفاء بتحريض الآخرين وهم في مأمن. * وكلمة الصلح تشمل كل ¢صلح علي الأرض¢ بداية من مستوي الأسرة وبين الزوجين حتي الصلح بين الجماعات والدول المتقاتلة والمتحاربة. * وكلمة خير نكرة تفيد العموم.. فمن الجائز أن يكون خيرا للطرفين أو خيرا في الدنيا أو في الآخرة أو خيرا للوطن.. أو كل هذه المعاني وغيرها مجتمعة. * والصلح هو أعظم آلية شرعها الله لإنهاء النزاعات المسلحة وغير المسلحة بين المسلمين.. أو بين المسلمين وغيرهم.. ولذلك أباحت الشريعة الصلح مع كل أحد.. كافرا أو مرتدا أو فاسقا.. وضابطه الوحيد تحقيق مصالح الإسلام والأوطان حتي مع الهضم والضيم. * ولولا هذه الآلية العظيمة لاستمر كل نزاع مسلح أو غير مسلح بين أي طائفتين إلي مالا نهاية.. أو حتي يقضي أحد الطرفين علي الآخر. * ومصر كلها الآن تنتظر المصالحة الوطنية وتصبو إليها والكل يسأل عن العوائق التي تعوقها.. وأري أن أهم هذه العوائق هي:- * أولا ً: العوائق من جهة الإخوان: * 1- تشتت القرار الإخواني ما بين قيادات إخوانية نافذة وفاعلة في السجون المصرية.. وأخري هاربة داخل مصر.. وثالثة هاربة خارج مصر وموزعة علي عدة دول أهمها قطروتركيا وغزة والسودان.. فأي هذه القيادات سيمسك بدفة قيادة المصالحة ويقود سفينتها إلي بر الأمان. * 2- عدم وجود قائد إخواني لديه حتي الآن الاستعداد للتضحية بجاهه والإعلان عن أخطاء سياسية وإدارية وتربوية وقعت فيها الجماعة في الفترة التي أعقبت ثورة 25 يناير.. وأدت إلي ما أدت إليه من خراب في كل شيء.. خاصة مع مشاعر آلاف الشباب المتؤججة والملتهبة والتي تم حشدها طوال أكثر من عام من كل قيادات الإخوان والتحالف للثأر والانتقام حتي عودة د مرسي.. فقد تم حشد الشباب للمواجهة والصدام حتي تغيرت نفسيات أكثر الشباب وتوجه إلي العنف منهم لفظيا ومنهم معنويا وبعضهم مادياً. * 3- عدم وجود قائد إخواني قوي ومؤثر وملزم للكافة يحمل علي كتفيه عبء المصالحة - وما أكثر أعباءها المادية والمعنوية - ويستطيع إلزام باقي فصائل الجماعة بما يتم الاتفاق عليه.. ويكون كذلك ملزما ًلقوي التحالف التي قد لا تقبل المصالحة.. وإذا قبلتها قد يرفضها بعض شبابها. * 4- التحالف الإخواني الإقليمي.. فهذا التحالف كما كان له دور في مساندة الإخوان في الحكم وبعده.. فقد يكون عائقا ً أمام المصالحة.. خاصة إذا تضاربت هذه المصالحة مع مصالح هذه الدول الإقليمية مثل تركيا أو قطر أو غيرهما.. فالتحالفات الإقليمية عادة ما تكون سلاحا ذا حدين.. وقد يجرح ويؤذي صاحبه قبل أن يجرح ويؤذي خصمه. * ثانيا: عوائق المصالحة من جانب الحكومة والدولة؟ * 1- هناك قطاع كبير في مصر الآن لا يرحب بعودة الإخوان للعمل السياسي.. وعلي رأسهم كل الأحزاب الليبرالية واليسارية والاشتراكية والمسيحيين وأقطاب ورموز الحزب الوطني.. وكل له مبرراته وأهدافه.. فضلا عن الشرطة والجيش وقطاعات واسعة من القضاء الذين تعرضوا لحرب حقيقية من قبل الإخوان والتحالف.. كما أن كل القوي السياسية المناوئة تعيش مستريحة الآن في غياب الإخوان ذلك المنافس القوي والحقيقي لهم في كل الانتخابات والاستحقاقات السياسية القادمة. * 2- كثرة التفجيرات والاغتيالات التي قامت بها الجماعات التكفيرية والتي حسبت علي الإسلاميين عامة والإخوان خاصة معنويا علي الأقل.. شاءوا أم أبوا.. وهذه التفجيرات ولدت مشاعر عدائية عنيفة وكثيرة ستقف حجر عثرة أمام المصالحة.. ما لم يكن هناك رئيس شجاع يستطيع إقناعها بوجوب المصالحة باعتبارها ضرورة وطنية لا يمكن للوطن أن يتقدم بدونها. * 3- التحالفات الإقليمية للدولة المصرية.. فكما أن هذه التحالفات وخاصة الخليجية منها كانت أكبر نقطة قوة للدولة المصرية في مواجهة الإخوان في الداخل والخارج.. إلا أن هذه التحالفات قد يكون لها رأي مختلف في المصالحة.. وقد تري المصالحة سلبية علي دولها وأمنها.. وبالتالي فإن الدولة المصرية قد تستطلع رأي هذه الدول في الغالب قبل الإقدام علي خطوة المصالحة تقديرا منها لمواقفها الداعمة من قبل.