أسئلة عديدة وصلت "عقيدتي" يطرح فيها القراء الاستفسار عن قضايا تشغل باب المجتمع في الفترة الراهنة. عرضناها علي د. عبدالرحمن العدوي عضو مجمع البحوث الإسلامية. وكان هذا بعض ردوده. * يسأل عادل حسان من المنصورة: ما حكم الشرع فيمن يخرج عن الحاكم المسلم والمجتمع وهل نقاتل هؤلاء؟ ** البغي في اللغة طلب الشيء وفي عرف الفقهاء: البغي هو الخروج علي الإمام بطريق المغالبة ويزيد بعض الفقهاء قيوداً أخري كوجود المنعة والتأويل السائغ في نظرهم. والرئيس المطاع وغير ذلك. ومن المتفق عليه في جميع المذاهب الشرعية أن قتال الخارجين علي الإمام لا يجوز قبل سؤالهم عن سبب خروجهم. فإذا ذكروا مظلمة وجوراً وكانوا علي حق وجب علي الإمام رد المظالم ورفع الجور الذي ذكروه ثم يدعوهم إلي الطاعة وعليهم أن يرجعوا للطاعة فإن لم يرجعوا قاتلهم. وقد ورد بذلك القرآن الكريم. قال الله تعالي: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما علي الأخري فقاتلوا التي تبغي حتي تفيء إلي أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين" "الحجرات: 9". فأمر الله تعالي بالإصلاح ثم بالقتال فلا يجوز أن يقدم القتال علي الإصلاح. ولا يكون الإصلاح إلا برد المظالم ورفع الجور. ويجب علي الناس معاونة الإمام العادل علي البغاة حتي يرجعوا إلي أمر الله. وإن لم يعودوا للطاعة بعد الإصلاح يقاتلهم الإمام لمنع شرهم وصيانة جماعة المسلمين من الفرقة المدمرة. وفي ذلك يقول رسول الله بين صلي الله عليه وسلم: "من أتاكم وأمركم جميع علي رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه". وقتال البغاة سبيله الدفع بالأسهل فالأسهل فإن تحققت هزيمتهم فلا يقتل من هزمهم ولا يزفف علي جريحهم ولا يقاتل مدبرهم ولا من ألقي سلاحه أو أغلق بابه أو ترك القتال. أي أنه يكتفي بما يدفع شرهم من غير تجاوز. يري الأئمة مالك والشافعي وأحمد والظاهرية أنه لا يعتبر الخروج علي الإمام بغياً إلا حينما يبدأ الخارجون باستعمال القوة فعلاً أما قبل ذلك فلا يعتبر بغياً ولو تجمعوا. أما أبوحنيفة فيعتبرهم بغاة من وقت تجمعهم بقصد القتال والامتناع من الإمام لأنه لو انتظر حقيقة قتالهم ربما لا يستطيع دفعهم ويوافق الشيعة الزيدية مذهب الحنفية في ذلك. ونري أنه الأقرب إلي الصواب لدفع الفساد ومنع الشر قبل استفحاله وتقليل الخسائر في الأرواح ما أمكن. وبخاصة إذا قدم الإمام النصح وطلب الإصلاح ولم يستجيبوا وأبوا إلا الخروج عليه واستعدوا لذلك. والله أعلم.