تشهد مصر الآن مواجهة تاريخية قوية بين الدولة المصرية بكامل قواها العسكرية والسياسية والإعلامية وبين جماعة الإخوان المسلمين ¢ الإرهابية ¢ والتي لا تزال عبر أذرعها المعلنة والخفية تحارب الدولة علي كل الأصعدة منذ الثالث من يوليو الماضي وحتي الآن ..تعد هذه المواجهة الأعنف في تاريخ مصر بين الدولة والجماعة في موجة ثالثة بعد مواجهة عبدالناصر ونظامه لهم ثم حرب مصر مع الإرهاب التي امتدت منذ اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات وظلت طوال عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك ذريعة لإحكام القبضة الأمنية علي البلاد لنصل لثالث محطاتها في حرب وصفها الخبراء بالتاريخية بين الجيش والشعب من جانب وجماعة الإخوان وبعض من منتسبي التيار الإسلامي الموالين لها .. ليبقي السؤال الأهم في هذه المواجهة هو : أين الخلل في مواجهة الدولة المصرية لإرهاب الإخوان؟ بداية يؤكد المفكر والفيلسوف العلماني الدكتور مراد وهبه .أن الخلل الرئيسي في مواجهة الدولة للإخوان هو غياب الرؤية العامة وتغييب ما أسماه بنظرية ¢الأمن الفكري¢ التي تتمثل في ضرورة تأمين المصريين تجاه هذه الأفكار وتحصين الأجيال القادمة من مخاطر الفكر الارهابي بكل أنواعه وصوره من خلال تنقية مدخلات التعليم في مصر التي سيطر عليها الإخوان المسلمون- من وجهة نظره- علي مدي السنوات الماضية وأثناء جزء كبير من الحقبة الناصرية التي تسبب وقتها في إلغاء كمال الدين حسين لتدريس الفلسفة في المدارس وهو القرار الذي ألغاه عبدالناصر. الفكرية أهم أشار د. وهبة الي أن التحرك من قبل الدولة في مواجهة العنف الإرهابي من قبل الإخوان المسلمين عن مجرد المواجهة العسكرية ضروري للغاية خاصة وأن المواجهة في حقيقتها مواجهة فكرية فضلا عن كونها مواجهة بين الجيش والإخوان في ظل غياب الأحزاب المؤثرة في المشهد . وعلي الدولة أن تدرك أهمية المواجهة الفكرية التي تغيب عن المواجهة بشكل ملحوظ تاركا فراغا كبيرا في المعادلة .. موضحا أن الإخوان لا يزالون يعتبرون أنفسهم ضحية لسطوة الدولة كما سبقوا وسوقوا لذلك حين واجههم عبدالناصر وأعدم عددا منهم وأدخل البقية السجون في مواجهات الستينيات . يري اللواء ممدوح قطب .وكيل جهاز المخابرات المصري الأسبق. أن مواجهة الدولة مع جماعة الإخوان الإرهابية يجري وفق استراتيجية متكاملة ينطلق بالأساس من الركيزة الأمنية والتي يتكاتف الجيش والشرطة معا في مواجهتها في كل أنحاء البلاد من سيناء الي السلوم .. مشيرا الي أن التركيز علي الجانب الامني ضرورة تستوجبها إحداثيات المرحلة الصعبة للغاية علي الصعيد الامني لما تمثله الجماعة وأذرعها الإرهابية وتجمعات أفرادها والمنتمين إليها فضلا عن عناصرها التي تعيث في الأرض فسادا وتصطدم بالثوابت العامة للمجتمع المصري وترهب .بلا جدوي. رجال الشرطة من خلال تهديد أسرهم واستهداف أبنائهم ونشر الرعب بين ذويهم . أضاف: أن هذا النشاط الامني الكبير يجب أن ينشط معه نشاط دعوي حقيقي يبصر عموم الناس بمخاطر الانتماء لهذه الجماعة علي المجتمع ورأي علماء الأمة الموثوق بهم .. مبرزا أن الخلل الحقيقي في مواجهة إرهاب الإخوان هو حالة الاسترخاء الأمني التي تنتاب بعض المناطق حيث يتصور البعض من رجال الأمن أنهم بعيدا عن خط المواجهة وهو ما يجعلهم صيدا سهلا لمن يستهدفونهم من الجماعات الإرهابية . الحل السياسي ودعا اللواء ممدوح قطب الي ضرورة عدم إهمال الحل السياسي للأزمة حتي وإن كان خيارا مؤجلا لأن مواجهتنا مع الإرهاب في التسعينيات علي الرغم من ضآلة إمكاناتها مقارنة بما يحدث الآن إلا أنها انتهت وقتها بالحوار والمراجعات السياسية للأفكار الي جانب الحلول الأمنية. أكد الدكتور نبيل حلمي .العميد الأسبق لكلية الحقوق بجامعة الزقازيق أن المواجهة المصرية مع منظمات الإخوان مواجهة دولة أري انها لا تحوي خللا وإنما تتم وفق رؤي واضحة لخطورة هذا التنظيم .. مستدركا أن ما يجب أن يتم علي أرض الواقع هو توضيح خطورة هذا التفكير للشباب والجماهير التي ربما تخدع أو تتعاطف مع قضيتهم. أشار إلي أن القضاء المصري الشامخ بما يشهده من جولات مواجهة مع الإخوان في جرائمهم يمثل داعما لمواجهة الدولة معهم إذ أن المحاكمات تتم وفق اتهامات تستند الي وثائق ومعلومات وتسجيلات موثقة وبعضها شهده المصريون ولا يزالون يشهدونه بأعينهم في الشارع .. مطالبا بأهمية طرح ورقة الحرب الإعلامية دوليا حتي لا يترك لهم الملعب ومواجهة الحرب النفسية التي يمارسونها بإمكاناتهم وما يطرحونه من مخصصات كبيرة من خلال التنظيم الدولي للإخوان . ودعا الي ضرورة تحرك الهيئة العامة للاستعلامات بأجهزتها في مواجهة محاولات التشويه التي تمارس لدي بعض شعوب الغرب من خلال شراء مساحات وتوضيح حقيقة ما يحدث في مصر من حرب حقيقية بين الدولة بكافة أجهزتها والإخوان وتسويق ما يحدث من عمليات اغتيال سياسي لرجال الأمن علي مدي الأيام الماضية عالميا ليدرك الناس الحقيقة الغائبة ويجب ان تساند سفاراتنا في الخارج هذا التوجه لتوضيح الحقيقة في العالم لأننا نعيش حربا علي مصر ومواجهة حقيقية مع أمريكا والإخوان ما هم إلا صورة لهذه المواجهة . ودعم تركيا وقطر جزء من المخطط الدولي لتقويض مصر التي حطمت كافة السيناريوهات المرسومة لتفتيت مصر بعد ان نجحت تلك السيناريوهات في سوريا وليبيا واليمن وتونس ومن قبلها لبنان وفلسطين. الإعلام مشكلة يشير الدكتور أحمد كريمة. أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر. إلي أن المواجهة مع الإخوان لابد أن يدركها جميع دعاة الأزهر ويعلنون هذه الحقائق علي الملأ للجميع لتبصيرهم بمخططات الإخوان المجرمين لإسقاط الدولة من خلال عملياتهم الإرهابية التي تنال من استقرار مصر السياسي والاقتصادي والأمني ويصور للعالم أن الوضع في مصر غير مستقر ويعينهم في ذلك غياب التوعية الدينية الحقيقية الشاملة بمخاطر هذه الجماعة وكونهم أضروا بالدعوة الإسلامية أكثر مما أفادوها والمواجهة معهم مواجهة تاريخية استمرت وستستمر ما لم يعودوا الي إطار سلمي ويتراجعون عن انتهاج العنف بما يخالف شرع الله . طالب الدكتور أحمد كريمة الي زيادة حجم النشاط الدعوي لعلماء الأزهر الوسطيين من علماء وفقهاء يمثلون ثروة مصرية حقيقية لا يحسن استغلالها . وان تفرد الفضائيات المصرية الحكومية والمستقلة مساحات كبيرة تتناسب وخطورة المرحلة لعلماء الدين لتوضيح حقيقة وسطية وسماحة الإسلام التي ترفض العنف والتشدد بدلا من استمرار برامج الردح السياسي بينما تستمر نسبة البرامج الدينية الدعوية ضئيلة للغاية.. متسائلا لماذا لا يخصص التليفزيون المصري قناة دينية أزهرية خالصة بدلا من استمرار قنوات الفن والرقص والمسلسلات وحدها والدولة تحترق وتبقي مطالبات الأزهر وحده للنهوض بالمهمة الدعوية إعلاميا وكأنه وزارة إعلام الي جانب كونه مشيخة أزهر.. متسائلا أليس الأحري بالدولة أن تصدر قناة دينية تواجه إرهاب الإخوان.