اختص الله مصر بمزاياها وفضائل لأهلها : لمصر تاريخ في الإسلام عظيم. منذ أن وطئتها أقدام الأنبياء الطاهرين. والمرسلين المكرمين .. فمصر هي التي دخلها إبراهيم أيو الأنبياء . ودخلها يعقوب والأسباط . وسكنها يوسف .وولد فيها موسي وهارون وعاشا فيها طويلا ويكفي المصريين شرفًا وفخرًا أن خير الأنبياء والمرسلين مطلقًا محمدًا وإبراهيم -عليهما أفضل الصلوات والتسليم- كان تحتهما مارية وهاجر المصريتان. فأنجبت الأولي إبراهيم عليه السلام. وأنجبت الأخري إسماعيل -عليه الصلاة والسلام- وهو جدُّ نبينا صلي الله عليه وسلم. فما أحسن هذا! وما أعظمه! وبئر زمزم فُجرت إكراما لهاجر المصرية وابنها . وخلد الله سعي هذه المصرية بين الصفا والمروة جزاء طاعتها لربها وطاعتها لزوجتها مصر التي قال عن أقباطها رسول الله صلي الله عليه وسلم "استوصوا بالقبط خيرا فإن لنا فيهم ذمة ورحما" فما بالكم بمسلميها؟؟ وعن أخلاق أهلها تحدث الأقدمون : فأهل مصر من ألين الناس تعاملاً. ومن أحسنهم أخلاقًا وأدبًا» ولذلك قال تاج الدين الفزاري -رحمه الله تعالي- : ¢إن من أقام في مصر سنة. وجد في أخلاقه رقةً وحسنًا وقال عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-: ¢أهل مصر أكرم الأعاجم كلها. وأسمحهم يدًا. وأفضلهم عنصرًا. وأقربهم رحمًا بالعرب عامة. وبقريش خاصة¢. وقال ابن ظهيرة -رحمه الله تعالي- يمدح أهل مصر. ويعدِّد مزاياهم: ¢حُسْنُ فَهْمِهم في العلوم الشرعية وغيرها من سائر العلوم. وسرعة تصورهم. واقتدارهم علي الفصاحة بطباعهم وعذوبة ألفاظهم ولطافة شمائلهم وحسن وسائلهم - أمر محسوس. غير منكور. تشهد لهم بذلك الناس. حتي إن كل من عرفهم وخالطهم اكتسب من فصاحتهم. واختلس من لطافتهم. وإن كان أعجميًّا قحفًا. أو فلاحًا جلفًا¢. - مصر التي مرت بمحن عديدة وحروب طويلة وشاء الله أن تخرج مصر عقب كل موقعة بنصر مبين وثبات كبير . مصر التي هزمت الهكسوس والتتار ودحرت الصليبيين وحررت بيت المقدس في حطين مصر التي حدثت فيها مجاعات كادت تقضي علي شعبها كما حكي المقريزي في تاريخه عن 26 مجاعة أصابت المصريين في عهود متقاربة حتي وصل الحال بالبعض إلي خطف البشر بكلاليب من فوق أسطح المنازل وأكل لحومهم بل وأكل الكلاب والقطط من الشوارع حتي كادت تختفي. قال المقريزي : المصائب والمحن تعاظمت علي الناس في مصر بحيث ظن الناس أن هذه المحن لم يكون فيما مضي مثلها ولا مر الزمان في شبهها. حتي أنهم قالوا لا يمكن زوالها ولكن خاب ظنُّ الجميع وقامت مصر قوية بشعبها بل وصارت تمد الدول المجاورة بالطعام والخيرات فما هذه الأزمة التي تمر بها مصر حالياً إلا كما مر من الأزمات والمصائب والمحن التي مرت بها فيما مضي من الأزمات- احذروا غضب المصريين : فهم الذين قال عنهم الحجاج بن يوسف طارق بن عمرو حين صنف العرب فقال عن المصريين: لو ولّاك أمير المؤمنين أمر مصر فعليك بالعدل فهم قتلة الظلمة وهادمو الأمم وما أتي عليهم قادم بخير إلا إلتقموه كما تلتقم الأم رضيعها وما أتي عليهم قادم بشر إلا أكلوه كما تأكل النار أجف الحطب وهم أهل قوة وصبر وجلدة وحمل ولايغرنك صبرهم ......... ولا تستضعف قوتهم فهم إن قاموا لنصرة رجل ما تركوه إلا والتاج علي رأسه وإن قاموا علي رجل ما تركوه إلا وقد قطعوا رأسه فاتق غضبهم ولا تشعل ناراً لا يطفئها إلا خالقهم فانتصر بهم فهم خير أجناد الارض. واتق فيهم ثلاثاً :- نسائهم فلا تقرب لهم بسوء وإلا أكلوك كما تأكل الأسود فرائسها.