يعيش في هولندا أكثر من مليون مسلم ترتيبهم رقم "2" بعد الجالية المسيحية فأصبحوا كياناً لا يمكن تجاهله داخل المجتمع الهولندي.. والدليل علي ذلك ان عدد المساجد اقترب من 500 مسجد في أنحاء هولندا وتقوم الحكومة الهولندية بدعم المسلمين ثقافياً وتقديم الخدمات لهم في صورة منظمات وجمعيات ومدارس إسلامية وجامعة إسلامية للجالية المسلمة فضلاً عن دعمها للمراكز الإسلامية. وبينما تزداد أعداد المسلمين في هولندا يزداد مخاوف العالم الغربي من هذا الدين. يجب علي المسلمين في الغرب تقديم الإسلام بصورة مشرفة وحضارية لتقارب الثقافات والديانات مما يتيح فرصة لتوسيع دائرة التفاهم والتواصل الحضاري. "عقيدتي" كانت حاضرة وتواصلت مع بعض أعضاء الجالية الإسلامية في هولندا فكان هذا التقرير. طالبت الدكتورة "ستالا فان دي وتبرنج" باحثة هولندية وأستاذة الدراسات الإسلامية في جامعة امستردام المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي وعلي رأسها الأزهر ورابطة العالم الإسلامي بتكثيف الجهود الدعوية في التعريف بالإسلام الصحيح وتعاليمه السمحة التي تؤكد علي ترسيخ مبدأ مفهوم الأخوة الإسلامية والتسامح وتعزيز العلاقات بين الشعوب ونبذ التعصب مؤكدة ان هناك مفاهيم مغلوطة عن الإسلام لدي الكثير من قادة الفكرة والثقافة الأوروبية والتي مهدت لوجود ظاهرة الإسلاموفوبيا التي تنتشر في كثير من بلدان أوروبا كرد فعل لما بثته الثقافة المشوهة في الذهن الغربي عن الإسلام والمسلمين.. وللأسف هناك مؤامرات ضد الإسلام ترسخت في الفكر والثقافة الأوروبية وتم التخطيط لها منذ زمن بعيد بهدف الحد من انتشار الإسلام في كثير من البلاد الأوروبية. ومع التطور التكنولوجي والانترنت وهو ما مهد لبلورة ظاهرة الإسلاموفوبيا وهي مجرد وهم يزال بمعرفة الأوروبيين حقيقة الإسلام الصحيح وما يدعو إليه. ودليل علي ذلك ان المسلم الذي ينتمي إلي الإسلام حديثاً يدافع عن إسلامه كما يدافع عن وطنيته الهولندية. والإسلام أصبح جزءاً من تركيبة المجتمع لا يمكن تجاهله او الاستغناء عنه وأيضاً الهولنديبن بمختلف شرائحهم يتعاملون مع الإسلام كجزء من مكونات المجتمع وغالبيتهم يعرف ان هذا الخوف أو الاسلاموفوبيا هو وهم لأن المسلمين لم يقتصروا علي مغاربة أو أتراك أومصريين فقط وانما هولنديون ممن اعتنقوا الإسلام ولدوا وتربوا وتشبعوا بثقافة البلد ولذلك لا يمكن لشعب يتباهي بالحرية والديمقراطية ان يلفظ أبناءه ولذلك فالمسلمون مطالبون بالتفاهم والحوار وتصحيح المفاهيم الخاطئة لدي الأوروبيين. ثاني جالية يقول "أسلم أمين" عضو جمعية اتحاد الأئمة الهولندية: يمثل المسلمون في هولندا أكبر ثاني جالية بعد اليهودية التي تفوقهم بمراحل لأن هجرة المسلمين بدأت لهولندا في بداية الستينيات وكانت في ذلك الوقت تستقبل الأجانب من أجل العمل بعد الحرب العالمية الأولي والثانية. ثم استقر المسلمون في هولندا بعد أن طالت مدة اقامتهم بها وبعد أن كان كل مسلم يصلي في بيته بدأت مجموعة من الشباب بانشاء أول مسجد بمدينة امستردام عام 1975 ويعتبر المسجد الأم ووصل الآن عدد المساجد ل500 مسجد في أنحاء هولندا حيث توجد مساجد للمغاربة وأخري للأتراك وثالثة للباكستانيين. والحكومة الهولندية تسمح للجميع بمختلف اتجاهاتهم وأفكارهم وأديانهم ان يمارسوا شعائرهم بمنتهي الحرية كما تسمح ببناء المساجد والمدارس والجامعات حيث ان الدستور الهولندي يكفل هذه الحقوق ولكن للأسف نحن المسلمين نلقي بالأخطاء علي الآخرين ولم نحسن استغلال هذه الحرية بقدر كبير. فالمشكلة الحقيقية تكمن في المسلمين أنفسهم الموجودين في هولندا فهم لا يفكرون بشكل سليم بشأن مستقبل وجودهم بهذه البلاد سواء علي المدي القريب أم البعيد وبعض المسلمين ينتقلون بمشاكلهم ويفرضونها علي المجتمع الأوروبي بمن فيهم المسلمين مثل بعض الدعاة الذين يفدون الي هولندا يأتون بخلافاتهم المذهبية والفكرية ويحاولون فرضها علي الناس فيحدث خلط في المفاهيم يؤدي الي انصراف الشباب فللأسف هذه النماذج لا يدركون أنهم انتقلوا الي مجتمع مختلف تماماً عن المجتمعات العربية والإسلامية. رواسب تاريخية أضاف أسلم: مشكلة الغرب انه يتحدث عن الإسلام دون ان يعرفه أو يحاول التعرف عليه أو يحاول فهمه ويعتمدون علي رواسب الماضي. ولا يحاولون ان يفصلوا بين الإسلام وبين الإرهاب وأن العداء موجه الي الارهاب لا الي الإسلام. فمثلاً عقب أحداث سبتمبر وبعد ان تحسن الوضع بين الجاليات المسلمة وعلاقتها مع الحكومة الهولندية ومع المؤسسات الغربية حيث كان هناك حوار بين الإسلام والغرب. جاءت الأحداث وشوهت صورة المسلمين واعتبروا عودانيين وارهابيين وأصبح الحديث عن الإسلام يومياً علي صفحات الجرائد وفي الإعلام. يقول أيمن محمد- طالب بجامعة امستردام-: رغم أننا جميعاً أتباع دين واحد إلا أننا كجالية مسلمة لسنا مندمجين أو متماسكين فيما بيننا ونفرق بين الهويات القومية والأصلية والطائفية والمذهبية بسبب غياب الحوار فيما بين المسلمين أنفسهم بسبب عدم تواصلهم مع الإعلام هناك. نريد أن يكون لنا وجود قوي في الإعلام الهولندي وهذا لن يحدث إلا بالتعاون والترابط والتحابب فيما بيننا. وطالب أيمن المسلمين في هولندا بتشجيع أولادهم علي التحدث بلغة آبائهم سواء أتراك أو عرب أو مغاربة في المدارس الابتدائية والإعدادية بدلاً من تعليمهم اللغة الهولندية حتي لا ينسوا لغة آبائهم وأجدادهم وحتي لا يتحول هذا النشيء الصغير المسلم الأصل الذي يعيش علي أرض هولندا الي هولنديين وحتي يتماسك المجتمع المسلم ولا يتفتت أو ينقلب علي نفسه كما نطالب بتوفير منازل رخيصة في الأحياء المتواضعة لمساندة الجماعات العرفية المختلفة خوفاً من الذوبان في المجتمع الهولندي وحتي يكونوا مواطنين صالحين. الجالية المصرية وتقول أحلام الغرباوي- مصرية تعمل في حضانة وأم لثلاثة أولاد وبنت-: الجالية المصرية متفرقة وليس لها كيان واحد مثل باقي الجاليات وهذا راجع لأسباب عديدة منها ضآلة العدد مقارنة بالجاليات الأخري وذلك لأنها حديثة في هولندا وليس كالجالية المغاربية والتركية لذا تعتمد في خدماتها علي الجاليات الأخري المراكز الإسلامية المغربية التي تتحدث العربية. كما نعاني من نقص عدد الأئمة المصريين الوافدين من الأزهر الشريف والأغرب من ذلك أن المراكز المغربية تستعين ببعض المصريين للعمل كدعاة لكنهم للأسف غير مختصين وهذا راجع لعدم الاهتمام بالجالية المصرية. ونناشد الأزهر الشريف بارسال أئمة من الأزهر كما كان يفعل في شهر رمضان الكريم قبل ذلك لكن للأسف هذا توقف منذ مدة طويلة. أضافت نحن نحاول ان نجتهد لنشر الإسلام بمفهومه الصحيح لذا استأجرت أنا وبعض أولياء الأمور المسلمين غرفتين في مبني نشاط الحي لمدة ثلاث ساعات يومي الجمعة والسبت لتعليم اللغة العربية والقرآن. عجز في الأئمة سليمة بوخمرة- مغربية تعمل في مطعم: لدينا مشاكل كبيرة في الحفاظ علي الهوية العربية والقيم والأخلاق الإنسانية للجيل الذي نشأ وتربي في المجتمع الغربي علي مبادئ وقيم معينة وللأسف نحن نعاني من عجز شديد في الدعاة والأئمة حتي بعضهم لا يحسنون الخطابة وإلقاء الندوات أو المحاضرات لأنهم قدموا من بلادهم من أجل العمل في أعمال أخري وعندما فشلوا في الحصول علي فرصة مناسبة يتجهون للعمل الدعوي والخطابة بعد حفظ بعض آيات القران الكريم رغم ان معظمهم لم يدرس العلوم الشرعية الإسلامية أو يعرفوا شيئاً عنها. أما المراكز المغربية فتأتي بأي إمام أما من المغرب أو مصر أو من داخل هولندا والأمر متروك للمسئولين عن هذا المركز وأيضاً لهم الحرية في انهاء أو فسخ العقد مع الأئمة في أي وقت دون سبب وترحيله لبلاده بينما المراكز الإسلامية التركية فالدولة التركية هي المسئولة عن تعيين الأئمة فيها بمجرد تقديم طلب من المركز ويكون بمدة محددة في الغالب تكون 5 سنوات ثم يعود لبلاده مرة أخري. ويقول بشر حساني- يعمل في سوبر ماركت لبيع الخضروات واللحم الحلال: متطلبات الحياة في هولندا تفرض تعلم اللغة بشكل جيد مع انني مهندس فعندما طلبت ان أعمل باختصاصي طالبوني بمستوي عال من اللغة وأنا لم استطع ان استوفي الشروط إلا ما ينجز بعض أعمالي وارتباطي فقط أما بالنسبة لأولادنا فقد تكيفوا مع الوضع لأنهم دخلوا الي الحياة الأوروبية في عمر صغير واندمجوا مع متطلبات الحياة بدون أي مشاكل. أما المشكلة الحقيقية التي أعانيها مع أولادي فهي انني لا استطيع ان أوصل لهم خلفيتي الاجتماعية بطريقة مقبولة لديهم. والمشكلة الأهم في اختيار الأئمة حيث رفضت الحكومة استقدام أئمة من الخارج لا تتوفر فيهم الشروط المطلوبة أهمها اتمام دورات تتعلق بتأهيلهم لمعرفة اللغة الهولندية والإلمام بالعادات والتقاليد وثقافة المجتمع الهولندي وبالرغم من ذلك لم تمنح الحكومة الاقامة القانونية لعدد من الأئمة بالرغم من خضوعهم وبخاصة في دورات مدتها "3" أشهر تتعلق بالاندماج في المجتمع.