لعب الإعلام دورا رئيسياً في تسيير الاحداث منذ ثورة 25 يناير حتي الآن.. وتم تسييسه وربطه بمصالح فئة من الشعب راحت تقود العقول وتشكل الأخبار علي هواها.. اختلط الحابل بالنابل وتم تنفيذ مخططات داخلية وخارجية أضرت بأمن واستقرار البلاد والعباد.. من هنا تأتي أهمية الحوار مع الدكتور أحمد سمير أستاذ بكلية الإعلام جامعة الأزهر الذي يرصد الإعلام وعلاقته بالأحداث الماضية والحالية والمستقبلية. * من منطلق تخصصك في مجال الإعلام ما هو تقييمك للأداء الإعلامي منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير وحتي يومنا هذا؟ ہہ في حقيقة الأمر الأداء الإعلامي مرتبط بالمنظومة الإعلامية ونحن لدينا منظومة ماقبل 25 يناير وما بعدها والمنظومة الأولي كانت مضادة للثورة لتشابك المصالح السياسية والاقتصادية وكانت وسائل الإعلام خادما لهذه المصالح والغريب في الأمر أن ظلت هذه المنظومة الفاسدة في حالة نسيان لفترة طويلة ومازالت كما أنها مازالت مضادة للثورة وإن شابها بعض الأمور كمحاولة القائمين عليها وأصحابها احتواء الثورة والثوار ظاهرا وهدمها في الباطن.. لذا يمكن القول إن وسائل الإعلام التي اتخذت من النفاق وسيلة لبقائها واستمرارها حفاظا علي مصالحها انحرفت المهنة بشكل كبير وللأسف الشديد هذا الانحراف كان عن قصد ومرتب له ترتيبا مسبقا لذا رأينا ومازلنا نري سيلا من الأكاذيب والاشاعات والاخبار المجهلة تنشر وتتنافس علي انها حقائق وليس هذا فحسب وهناك قنوات بدأت من أحداث صغيرة ولا قيمة لنا في حين أنها تجاهلت عن عمد وغضت الطرف عن جرائم كبري ترتكب الانحراف المهني * هل ترجع هذا الانحراف المهني الفج إلي سيطرة رأس المال أم إلي الانتماء السياسي؟ ہہ لا شك أن السبب في التخلي عن المهنية والموضوعية سببه تحكم رأس المال في الأداء ويعاونه في ذلك الانتماء السياسي والحزبي فلكل قناة وسيلة إعلام أهداف تسعي لتحقيقها وهي في سبيل تحقيق هذه الأهداف تدفع بكل غال وثمين حتي إن كان ذلك في مصلحة مصر وأمن ابنائها.. فهناك أموال كثيرة تضخ لتحقيق أهداف واجندات معينة. غياب الموضوعية * هذا شيء يصيب بالاحباط واليأس هل عودة الإعلام للموضوعية صارت شيئا مستحيلاً؟ ہہ طالما أن رأس المال هو المحرك والمتحكم فلا أمل لأن رأس المال لا يبحث إلا عن المكسب الذي لم يتحقق من وجهة نظر هؤلاء الا بتغيير الأخبار وبث السموم والاكاذيب وتضخيم الأحداث التافهة وترك التحليل والمناقشة الهادئة الموضوعية. شائعات * في ظل هذه الأجواء الملبدة والشائعات التي تبث يوميا كيف يستطيع المتلقي التحقق من صحة الخبر؟ ** للأسف الشديد المتلقي البسيط لن يستطيع التحقق من صحة الخبر الذي ينشر في الصحف أو يذاع عبر الفضائيات وهذه الخدعة وقع فيها الجميع ومنهم أساتذة وخبراء كبار في مجال الإعلام لأن الإعلام استخدم وسائل كثيرة في خداع الجميع منها فكرة التسجيل في نشر الاخبار حيث ينشر الخبر دون معرفة مصدر قائله كما اقتضت فكرة الحياء والتوازن والشفافية كل هذه المعايير وضعت المتلقي في مشهد كارثي من استحالة التحقق من صحة الخبر من عدمه.. فالمشهد الإعلامي خرج عن المألوف والمعتاد ومع كل أسف أصبح يلعب في المساحة الدعائية... فالمعايير والقواعد اختلطت وتبدلت والمشاهد هو الضحية. هذا من جانب ومن جانب آخر فقد عكفت الكثير من وسائل الإعلام علي تسليط النخبة علي عقول الناس وراحت تستضيف شخصيات سياسية واقتصادية إعلامية المفترض أن تقوم بدور تثقيفي وتوعية للناس لكنها استعلت عليهم وامانتهم وراحت تسخر من عقولهم واستيعابهم للأمور فكفر الجميع بخطاب النخبة الذي كان محبطا لهم ومخيبا لآمالهم ولم يكشف المسئولون عن وسائل الإعلام بهذا بل ذهبوا لإعلاء حالة الشك عند الناس وتفريقهم وجعلهم دائما في حالة ريبة وشك من كل خبر يعرض عليهم. صحفنة التليفزيون * هل تري أن دخول بعض الصحفيين مجال العمل التليفزيوني أضاف للتليفزيون أم أساء له؟ ** بكل تأكيد أن "صحفنة التليفزيون" افسدته وأساءت له لأن مهمة الصحفي هو البحث عن كل ما هو غريب وشاذ ليبيع سلعته ويوجد جمهور لجريدته وهذا ما فعله الصحفيون بالتليفزيون فصارت البرامج وصلات من الردح بين الضيوف لجذب أكبر عدد من المعلنين وتحقيق أعلي معادلة من المشاهدة. مسئولية الانقسام * إلي أي مدي تحمل الإعلام مسئولية الانقسام الصارخ في الشارع المصري؟ ** لاشك أن الإعلام يتحمل جزءاً كبيراً بل الجزء الأكبر من الانقسام الذي حدث في الشارع المصري وفي البيت المصري.. فالإعلام في بلادنا اخذ حجماً اكبر من حجمه وهذا غير متواجد في كل دول العالم كما أن الناس تعوض عدم قدرتها علي قضاء يومها بشكل طبيعي في الجلوس أمام التليفزيون لساعات طويلة والانتقال بين القنوات طوال ساعات اليوم فرب الأسرة الذي يعجز عن الذهاب للنوادي والتفريج عن أولاده لا يجد أمامه سوي التليفزيون ليروح به عن نفسه وكذلك الأمر وكذلك باقي افراد الاسرة والإعلام بدوره لمن هذا وراح يبث سمومه ويشكل الناس كما يشاء وعلي حسب أجندته وللأسف الشديد الجميع انخرط في ذلك وصرنا نختلف في السياسة من اجل السياسة متناسي أن السياسة ما هي الا اداة لتحقيق الرفاهية الاقتصادية والاستقرار السياسي وإن لم يتحقق ذلك فلا فائدة من ورائها.. فما اراه علي شاشات الفضائيات وعلي صفحات الجرائد هو تصدير صارخ للكراهية بين الناس لذا توترت العلاقات الاسرية والاجتماعية وهذا للبعد عن اصول المهنة. الاستهانة بالإعلام * هل تري أن الإعلام هو السبب في اسقاط الاخوان المسلمين أم أن اخطاءهم الفادحة هي السبب فيما آلوا إليه؟ مما لا شك فيه أن الاخوان استهانوا بالإعلام وبتأثيره الرهيب علي الناس وبالدور الخطير الذي يلعبه في المجتمع واعتقدوا أن تواصلهم المباشر مع انصارهم ومؤيديهم أقوي من تأثير الإعلام ولماذا أدركوا أهمية الإعلام وقوة تأثيره وتلمسوا أخطاءهم في التعامل مع وسائل الإعلام حاولوا السيطرة عليه لكن من الرأس فقاموا بتعيين وزير إعلام اخواني كما قاموا بتعيين رؤساء تحرير الصحف القومية ليتبعوهم ظناً منهم أنهم بذلك سيحققون مآربهم لكن الفشل كان هو الثمرة والنتيجة وليس هذا فحسب فالشخصيات التي كانوا يصدرونها لوسائل الإعلام لن تمتلك الكاريزما لتقبل الناس لها ناهيك عن خطابهم الاستعلائي الذي صدعوا به رؤوسنا فهم من ارسوا الخطاب الاستعلائي في الإعلام لذا لفظهم الناس هذا جنبا إلي جنب مع أخطائهم السياسية. برامج استعراضية * ما هو تقييمك لبرامج التوك شو؟ ** برامج التوك شو دورها الأساسي توضيحي لكنها تخلت عن هذا الدور واصبحت استعراضية وكل همها عمل شو استعراضي. * وما رأيك في برامج النقد الساخر؟ ** هذا النوع من البرامج كشكل جيد ويثري الحياة السياسية في ظل الاجواء الديمقراطية. لكنه للأسف تم تسييسها وتجاوزت المضمون وراحت تستخدم ألفاظاً نابية وتلميحات غير مقبولة كبرنامج باسم يوسف الشهير "لذا اعترف عليها الكثيرون. إسفاف فني * من وجهة نظرك ماهو سبب زيادة حالة الاسفاف الفني وانتاج الكثير من الافلام الهابطة وماهي آلية التصدي لها؟ ** انتاج مثل هذه الافلام يتم عن قصد لالهاء الناس عن أوضاعها الاقتصادية المتدهورة والسياسية المتأزمة فمثلاً عبدالناصر كان يلهي الناس بأغاني أم كلثوم وعبد الحليم. ومبارك يشغل الناس بمباريات كرة القدم ومنتخب حسن شحاتة أما النظام الحالي فيشغل الناس بمثل هذه الافلام المنافية شكلاً وموضوعاً لاخلاقنا وقيمنا. المظاهرات الجامعية * كيف نري ما يحدث داخل جامعة الأزهر والجامعات المصرية من تواصل في التظاهر واحداث تخريب واتلاف للمنشآت؟ ** علي مدي التاريخ معروف أن الحركة الطلابية هي زعيمة الحركة الوطنية وهي الفائدة لها لكن ما يجري من أعمال عنف أو تخريب أو حتي تعطيل للدراسة فهذا أمر نرفضه جميعاً ونطالب أبناءنا الطلاب بتركه فوراً لأن الجامعة هي بيتهم وعليهم الحفاظ عليه كما أننا لا نوافق علي التظاهر داخل المدرجات وفي قاعات المحاضرات فمن يريد التظاهر والتعيين عن رأيه وهذا حقه فليكن تظاهراً في الحرم الجامعي دون تخريب أو تعطيل للدراسة. طلاب الإخوان * هل تري أن طلاب الإخوان المسلمين هم المحرك لتظاهرات الجامعات؟ لا أظن أن طلاب الإخوان يستطيعون تحريك هذا العدد الهائل من الشباب وأن كنت لا أنفي قوتهم العددية والتنظيمية داخل الجامعات لكن الشباب يتحرك من تلقاء نفسه وبناء علي قناعته. الشباب الثائر * كيف يمكن احتواء الشباب الثائر؟ ** لا أحد كائناً من كان يستطيع احتواء الشباب وكبح جماحه خاصة أن الشباب الحالي لم يعاصر أي حرب من الحروب ولم ير أي فترات استثنائية كتلك التي رأيناها في التسعينات والحرب ضد الإرهاب فهذا الشباب ثائر وله مطالب ولابد من التحاور معه حتي لا يتحول إلي طاقات سلبية ضد المجتمع. الأمن والجامعة * هل أنت مع عودة الأمن داخل الجامعة؟ ** بالطبع أنا ضد دخول الأمن الحرم الجامعي وتقييد الحريات وإرهاب الطلبة به كما كان يحدث في الماضي وإن كانت هناك ضرورة لتواجده فلنقم بعمل نقطة شرطة داخل الجامعة تكون مهمتها التدخل وقت اللزوم لحماية المنشآة أو فض النزاع دون أن يكون لها أي تدخل في العمل الجامعي أو نشاط الطلاب فهذا الأمر مرفوض شكلاً وموضوعاً.