* يسأل أشرف هاشم من دمياط الجديدة: هل صحيح ان الرسول صلي الله عليه وسلم استشهد بشيء من الشعر في بعض المواقف. وهل يتعارض ذلك مع الآية الكريمة "وما علمناه الشعر.." ؟ ** يقول الشيخ عثمان عامر من علماء الأزهر: الشعر هو "الكلام الموزون المقفي الذي قصد قائله إليه" والجمهور من العلماء اتفقوا علي أن الشعر في أصله مباح. فهو كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح. ومعلوم أن الرسول -صلي الله عليه وسلم- كان يشجع حسان بن ثابت علي قول الشعر. فعن عائشة -رضي الله عنها- كان رسول الله -صلي الله عليه وسلم- يضع لحسان منبرًا في المسجد يقوم عليه قائما يفاخر عن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- أو ينافخ. ويقول رسول الله -صلي الله عليه وسلم إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما نافخ أو فاخر عن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- "رواه البخاري". وقد استشهد الرسول -صلي الله عليه وسلم- بشعر بعض الشعراء الذين عرفوا في أيامه كعبد بن رواحة. ولبيد بن ربيعة فمن تمثله بشعر عبدالله بن رواحة: سئلت عائشة -رضي الله عنها- هل كان النبي -صلي الله عليه وسلم- يتمثل بشيء من الشعر؟ فقالت: كان يتمثل بشعر ابن رواحة. ويقول: ويأتيك بالأخبار من لم تزود "رواه الترمذي". ومن تمثله بشعر لبيد بن ربيعة: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم- أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد: "ألا كل شيء ما خلا الله باطل" "رواه البخاري والترمذي". ولا يقدح في شخصه -صلي الله عليه وسلم- ولا ينقص من قدره تمثله بالشعر واستشهاده به. وما فتيء الخطباء إلي اليوم يضمنون خطبهم بعض الأشعار الدينية. ولا شيء في ذلك. ولا يتعارض ما جاء علي لسان رسول الله -صلي الله عليه وسلم- من الشعر أحيانا مع قول الله تعالي: "وما علمناه الشعر ما ينبغي له.." "آية رقم 69 من سورة يس". وذلك لما يأتي: 1- ان ما جاء من ذلك علي لسان الرسول -صلي الله عليه وسلم- كان بيتا واحدًا فقط. فعن سفيان بن الحارث -رضي الله عنه- أنه قال: إن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال في غزوة حنين: أنا النبي لا كذب .. أنا ابن عبدالمطلب "رواه الشيخان". وعن جندب بن عبدالله البجلي -رضي الله عنه- أنه قال: بينما نحن مع رسول الله -صلي الله عليه وسلم- إذ أصابه حجر فعثر فدميت أصبعه فقال: هل أنت إلا أصبع دميت .. وفي سبيل الله ما لقيت "رواه البخاري". 2- أنه لم يكن يقصد الشعر حين قال مثل هذه العبارات التي جاءت علي وزن الشعر وقافيته. وقد قال السيوطي في كتابه الإتقان: البيت الواحد وما كان علي وزنه لا يسمي شعرًا. وأقل الشعر بيتان فصاعدًا. ج.4 ص.19 وقال الزركشي في كتابه البرهان: ومن حقيقة الشعر قصده.. قال ابن فارس: الشعر كلام موزون مقفي دال علي معني. ويكون أكثر من بيت لأنه يجوز اتفاق شطر واحد بوزن يشبه وزن الشعر من غير قصد. ج.2 ص.112 قال القرطبي: قال أبوإسحاق الزجاج في معني الآية السابقة "وما علمناه الشعر" أي وما علمناه أن يشعر أي ما جعلناه شاعرًا. وهذا لا يمنع أن ينشد شيئا من الشعر. ج.8 ص5497 "الجامع لأحكام القرآن". وعلي ذلك فلا تعارض بين قول الرسول -صلي الله عليه وسلم- الشعر في بعض الأحيان مع قول الله تعالي: "وما علمناه الشعر" لأنه -صلي الله عليه وسلم- كان يقول البيت الواحد فقط في كل مرة. وكان وروده علي لسانه من قبيل توارد الكلام وتوافق الفقرات. ولم يكن يقصد أن يقول الشعر. ولا عرف أوزانه وقوافيه.. ومعلوم أن قائل البيت الواحد من غير قصد إليه لا يُعد في عُرف أهل صناعة الشعر شاعرا. ولا ما قاله شعرا. والله أعلم.