* يسأل صالح عبدالرحمن من المنصورة: ما حكم أكل الطيور والحيوانات التي تتغذي علي النجاسات. ** يقول د. علي جمعة مفتي الجمهورية السابق: ثار الجدل في هذه الأيام حول لحم الدجاج الذي يضاف الي علفة بعض المواد النجسة أو الكيماوية التي تسرع نموها وتزيد حجمها أو وزنها. وكان محور الجد في نقطتين. إحداهما صحية والاخري دينية. وقد اختلف ذوو الاختصاص والخبرة في تأثير ذلك علي صحة الإنسان. ما بين مثبت للضرر. وبخاصة في علاقته بالفشل الكلوي والسرطان. وناف لهذا الضرر. وبخاصة بهذه الصورة الرهيبة. مع إشارة بعضهم الي ان ما يمكن أن يكون من ضرر فهو ليس بهذا الحجم الذي يحرم تناول هذه اللحوم. ومبدئيا نقول: مادام لم يجزم أهل الذكر بوجود الضرر البين الذي يؤثر تأثيرا بالغا بالصحة والمال والعقل وسائر ما حاطه الإسلام بالرعاية من أجل تأدية الإنسان وظيفته في الحياة علي الوجه المطلوب. فلا وجه للقول شرعا بمنع تناوله لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما. فما دامت العلة. وهي الضرر المذكور غير محققة فالأصل في الأشياء الحل. فإن تحققت كان المنع. وقد جاء الشرع لتحقيق المصلحة ومنع المفسدة. والله سبحانه وتعالي يقول: "ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة" "البقرة:195" والنبي - صلي الله عليه وسلم - يقول في الحديث: "لا ضرر ولا ضرار" رواه ابن ماجه والدارقطني وغيرهما مسندا: وعن ابن عمر أيضا: نهي رسول الله - صلي الله عليه وسلم - عن أكل الجلالة وألبانها. رواه الخمسة إلا النسائي. وقال الشوكاني "نيل الأوطار ج8 ص128": حسنة الترمذي واختلف فيه علي لدي ابن أي نجيح فقيل: عن مجاهد عنه. وقيل: عن مجاهد مرسلا. وقيل: عن مجاهد عن ابن عباس. 3- عن ابن عباس رضي الله عنهما: نهي رسول الله - صلي الله عليه وسلم - عن شرب لبن الجلالة. رواه الخمسة إلا ابن ماجة. وصححه الترمذي. وقال الشوكاني: وأخرجه أيضا أحمد وابن حبان والحاكم والبيهقي. وصححه أيضا ابن دقيق العيد. ولفظه: وعن الجلالة وشرب ألبانها. 4- عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده قال: نهي رسول الله - صلي الله عليه وسلم - عن لحوم الحمر الأهلية. وعن الجلالة. عن ركوبها وأكل لحومها رواه أحمد والنسائي وأبوداود - وقال الشوكاني: أخرجه أيضا الحاكم والدارقطني والبيهقي. وفي الباب عن أبي هريرة مرفوعا. وفيه النهي عن الجلالة. قال في التلخيص: إسناده قوي. هذا بعض ما ورد عن الجلالة. والكلام في هذا الموضوع يدور حول تعريف الجلالة ومناط النهي. ودرجة هذا النهي وما ينبغي أن يتخذ حيالها. وما هو المنهي عنه منها. أ- فالجلالة هي كل ما يتناول العذرة - بكسر الذال - والأرواث. مأخوذ من الجلة - بفتح الجيم - وهي البعرة. وهي تشمل الإبل والبقر والغنم والدجاج والأوز وغيرها من كل ما يتناول هذه المواد. قال العلماء: ولا يطلق عليها وصف الجلالة إلا إذا كان غالب علفها من النجس. كما جزم به النووي في تصحيح التنبيه. يقول الخطابي: فأما إذا رعت الكلأ واعتلفت الحب. وكانت تتناول مع ذلك شيئا من الجلة فليست بجلالة. وانما هي كالدجاج المخلاة ونحوها من الحيوان الذي ربما نال الشيء منها وغالب غذائه وعلفه من غيره. فلا يكره أكلها. وجاء في حياة الحيوان الكبري للدميري "مادة سخلة" قوله واختلفوا فيما يناط به اللحرمة والكراهة. فقال الرافعي عن "تتمة التتمة": إنه كان كان أكثر أكلها الطاهرات فليست بجلالة. والأصح أنه لا اعتبار بالكثرة. بل بالرائحة. فإن كان يوجد في مرقتها أو فيها أدني ريح النجاسة وان قل فالموضع موضع النهي. وإلا فلا. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن موضع النهي ما اذا وجدت رائحة النجاسة بتمامها او كانت تقرب من الرائحة. فأما إذا كانت الرائحة التي توجد يسيرة فلا اعتبار بها. والصحيح الأول. إلحاقا لها بالتغير اليسير بالنجاسة في المياه: فان علفت الجلالة علفا طاهرا مدة حتي طاب لحمها وزالت النجاسة زالت الكراهة. ولا تقدر مدة العلف عندنا بزمن. بل المعتبر زوال الرائحة بأي وجه كان. ب - يؤخذ من هذا أن مناط النهي هو وجود رائحة النجاسة وتغير اللحم أو اللبن أو البيض. وذلك تابع في الغالب الي كثرة ما تعلف به الدابة من النجاسة أو قوة تأثيره. يقول الدميري: ثم ان لم يظهر بسبب ذلك تغير في لحمها فلا تحريم ولا كراهة. ويقول القرطبي في تفسيره "ج7 ص122" بعد ذكر الجلالة: هذا نهي تنزيه وتنظف. وذلك أنها إذا اغتذت الجلة وهي العذرة وجدنتن رائحتها في لحومها.