بحكم تواجدي خارج مصر قابلت علي مدي الأيام الماضية أطيافا من السياسيين والمثقفين والفنانين وأيضا أناسا عاديين من مختلف الدول العربية والأجنية فألفيتهم يترقبون كما يترقب المصريون أو أكثر ما يمكن أن يقع لمصر علي أيدي أبنائها يوم الثلاثين من يونيو الحالي ويضعون أيديهم علي قلوبهم خشية ذلك اليوم. أستطيع التأكيد بأن الثلاثين من يونيو سيكون يوما فارقا في التاريخ المصري فإما أن نظهر بصورة حضارية أمام العالم فنحظي باحترامه وتقديره ونكون بذلك قد حققنا خطوات واسعة علي طريق ترميم صورتنا التي شوهناها. أو نكون غوغائيين أوغادا يسفك بعضنا دماء بعض ونخرب بلادنا وبيوتنا بأيدينا وأيدي المأجورين من أبناء جلدتنا. فنقضي بذلك علي البقية الباقية من أطلال وآثار حضارية ممتدة معنا منذ تاريخنا القديم . وإذا حدث الاحتمال الثاني لا قدر الله فقولوا علي مستقبل مصر والأجيال القادمة السلام . سيتجرأ علينا لا أقول الأقوياء ولكن الضعفاء أكثر مما تجرأوا. بل تجرأ علينا أيضا الأصدقاء والأحباء ولعلكم جميعا لاحظتم موقف الشقيقة أثيوبيا الرافض لصوت العقل غير الآبه بمنطق القوة. فعندما ظهر الرئيس علي الفضائيات في حوار وسط مجموعة كان يطلق عليهم قبل ذلك الحوار الكارثي رموز سياسية وهدد فيهم من هدد وتوعد من توعد جاء بعده لسان حال أثيوبيا كلسان حال الشاعر جرير عندما هجا صديقه الفرزدق قائلا: زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً - أبشر بطول سلامة يا مربع ورأيتُ نبلَك يا فرزدق قَصَّرت - ورأيتُ قوسَك ليس فيها منزع ليس لقوة عند أثيوبيا ولكن لضعف أصابنا وضرب مفاصل الدولة ورموزها وخبرائها. وآية هذا الضعف أننا نصرخ مطالبين بالحفاظ علي حصتنا التاريخية من مياه النيل دون أن نطالب بزيادتها ونشدد في هذا الطلب العادل. للحديث حول السد الأثيوبي بقية لكن نعود إلي الثلاثين من يونيو فنؤكد أن مصر فوق الجميع وأمنها القومي يتقدم علي كل الرموز السياسية والحزبية والثقافية والفنية والدينية الذين لا يراعون حاضر هذا الوطن المتداعي ومستقبله المأمول. لابد من تفويض رجال الجيش والشرطة كي يضربوا بيد من حديد كل من يحاول الخروج عن سلمية التظاهر حتي لو وصل الأمر إلي عقوبة الإعدام . ولابد من طمأنتهم بعدم تعرضهم للمساءلة في حال ردعوا بالقوة أو استخدموا الذخيرة الحية ضد كل من يعبث بأمن مصر أو يحرض علي هذا العبث حتي لو كان قياديا في فصيل سياسي. وأتمني من مجلس الشوري أن يعقد جلسة طارئة ويمنح الجيش والشرطة هذا التفويض . إذ لابد في حالات الخطر من إجراءات استثنائية . من بين المنادين والمحرضين علي مظاهرات 30 يونيو وطنيون لكن بينهم أيضا خائنون ومخربون لاهم لهم سوي إسقاط مصر وتجدونهم يتغنون بحبها ويهتفون بعشقها . فلا تنخدعوا بهتافهم وإن يقولوا فلا تسمعوا لقولهم. فمثلهم كمثل من عناهم الله تعالي بقوله في كتابه العزيز : ¢ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَي مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ . وَإِذَا تَوَلَّي سَعَي فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ ¢ البقرة . الآيتان 204 و205 . أو كمن عناهم سبحانه وتعالي بقوله : ¢ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبى مُسَنَّدَةى يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةي عَلَيْهِمْ. هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ. قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّي يُؤْفَكُونَ ¢ المنافقون . آية 4. لا أقصد بهؤلاء فصيلا سياسيا بعينه ولكن أقصد من يسعي لسفك الدماء أو الاعتداء علي المنشآت والممتلكات العامة والخاصة أو قام بعمل من أعمال التخريب بصرف النظر عن انتمائه الحزبي أو الديني والله من وراء القصد .