تعقد وزارة الأوقاف منذ فترة طويلة - قبل الثورة وبعدها دورات للارتقاء بالمستوي العلمي للائمة الا ان هناك انتقادات لهذه الدورات انها لم تؤت ثمارها المرجوة وبالتالي لم تحقق نشر الوعي الديني المفقود لأن فاقد الشئ لا يعطيه .. من هنا تأتي أهمية هذا التحقيق الذي نناقش فيه مشكلات هذه الدورات وكيفية علاج مواطن قصورها وخطورة إقحام السياسة في الدين علي المنابر وغزو أفكار بعض التيارات الدينية لهذه الدورات.. امتاز دعاة الأمس بالطرافةً وحس الدعابة الأمر الذي جعلهم يتفوقون علي دعاة العصر الحالي في القدرة علي التحشيد والتعبئة حتي أنهم كانوا أكثر مردوداً علي هذا الصعيد من الفقهاء. ورجال التفسير. ورواة الأحاديث لم تتوقف حركة الدعوة الإسلامية في العصر الحديث . سواء علي نطاق التبليغ والنشر أو علي نطاق تعليمه وتبيينه للناس. أو علي نطاق تطبيقه في الحياة الشخصية والحياة العامة... وذلك علي الرغم من الأزمات الكثيرة التي تواجه الدعوة والتي علي رأسها ضعف مستوي الدعاة والأئمة وانخراطهم بالسياسة مما أثر علي عملهم الدعوي من أجل ذلك استطلعت "عقيدتي" أراء عدد من الأئمه والعلماء لمعرفة كيفية مواجهة هذه المشكلة. قال الدكتور طلعت عفيفي وزير الأوقاف : إن الوزارة انتهجت هذا العام نهجا جديدا في تدريب الأئمة والدعاة بخلاف ما كان في الماضي فقد تم إعداد برامج تشمل تدريس عدد من العلوم الشرعية والمعارف العامة التي يحتاج إليها الداعية لصقل قدراته وتجعله قادرا علي القيام بعبء الدعوة ومهمته الثقيلة في التوعية السليمة ومواجهة الأفكار الخاطئة والمضللة ومن هذه العلوم الخطاب الدعوي المعاصر قضايا معاصرة تنمية بشرية علم نفس دعوة مقاصد الشريعة الإسلامية إدارة المسجد وأوضح أن الوزارة استعانت بعدد من الدعاة من مختلف الأطياف السياسية لتدريب الدعاة الجدد وثقل دراستهم بالجانب الدعوي الي جانب الاستعانة بأساتذة جامعة الأزهر مع العلم أن الاستعانة بالدعاة تتم دون النظر الي اتجاهاتهم وميولهم السياسية فكل ما يشغل الوزارة هو تخريج دعاة قادرين علي مواجهة التحديات الصعبة والفتن الزائفة وأيضا توعية وترشيد المواطنين بقضايا.. الأمة يؤكد الشيخ أحمد ترك.. إمام وخطيب مسجد النور. انه لابد أن يتم استقلال الأئمة عن النظام قبل الحديث عن أي تدريب أو تحسين لمستواهم وأن هذه هي أول خطوة في طريق تحسين مستوي الدعاة ويجب ألا تكون الدعوة أداة سياسية بأن يصعد المنبر إمام ويخطب في المصلين ليخدم علي قرار سياسي بمباركة المسئولين وأشار إلي أن التدريب يجب أن يتم بأحدث أساليب العصر ولكن في الوزارة الإعداد يتم بأسلوب المحاضرات وهناك من اتهم المسئولين عن وزارة الأوقاف برغبة عارمة في إقحام السلفيين لتدريب الأئمة وبخاصة كبار شيوخ السلفيين مع انه ينبغي أن يتولي هذه المهمة علماء الأزهر وأوضح انه يوجد فرق كبير بين التدريب والتلقين ولكن المشكلة أن الدعوة أصبحت جناحا من أجنحة النظام كما أن الأخذ بنظام المحاضرات في التدريب هو تطبيق لما كان النظام السابق يقزم به وأن الثورة غيرت أشخاص ولكن لم تغير نظاما أو أسلوب تفكير وطالب الشيخ ترك بعودة الأئمة والدعاة إلي الأزهر وذلك من خلال هيئة مستقلة للدعاة طبقا للمادة الرابعة في الدستور التي تنص أن الأزهر الشريف هو المعني بشئون الدعوة وتخليه عن القيام بهذا الدور جعل الأئمة يتم الضغط عليهم حتي يكونوا بوقا ومن لا يوافق يتم نقله أو مجازاته وعن رأيه في العلاقة بين الدعاة والسياسة قال الشيخ ترك : من الممكن ان يكون للداعية رأي سياسي ولكن لا يعلنه ولا يصرح به فلا يدعوا للنظام بأي حال من الأحوال ولكن يجب أن يخدم الوطنيون دور الدعاة في يوم 30 يونيو قال الشيخ ترك : يجب أن يكون في تحذير الناس من الدم والاعتداء علي الممتلكات وعدم تكفير بعض أبناء الوطن هذا هو الدور الوطني الذي ينبغي علي الداعية أن يقوم به وهناك فرق كبير بين الدور الوطني والدور السياسي ولكن ما يحدث من بعض الأئمة هو نفاق وقول علي الله بغير حق ولو كان هناك قانون لحوكموا وأشار الي أن وزارة الأوقاف يجب أن تكتفي بالإشراف علي الأوقاف ويكون للائمة هيئة مستقلة يشرف عليها الأزهروطالب ترك بسن قانون للفتوي يعاقب أي شخص يفتي بغير تصريح لمواجهة كثرة الفتاوي وضعف الدعاة يؤكد الدكتور أحمد حسين.. وكيل كلية الدعوة أن ضعف مستوي الأئمة يرجع الي تدريبهم وتلقينهم بمواد علي الساحة السياسية السابقة ..فقديما كان يحكمنا حزب واحد يجعل من كل شيء مسبحة له وكان الأئمة للأسف جزءاً من هذه المسبحة ولكن بعد الثورة كثرت الأحزاب وكثرت توجهاتها وأصبحنا في معادلة جديدة هذه المعادلة لسنا مدربين لها والحل الأمثل لهذه المعضلة يكمن في إيماننا واعتقادنا الراسخ بأننا أصحاب رسالة نعمل علي توصيلها للناس وان هذه الرسالة لا تتم بالشكل المناسب إلا إذا كنا بعيدين عن الاستقطاب السياسي وأن يقتصر دور الإمام في التوجيه والإرشاد وأن يحرص دوما علي عدم الدخول في السياسة حتي لا تنقسم عليه الناس في المسجد وأوضح أن الإمام اذا لم تكن لديه الثقافة والدراية الكافية بالحرية التي أتيحت بعد الثورة من الممكن أن يخرج عن الدور المناط بالدعوة ولكن المعضلة أننا غير مدربين وغير مؤهلين كشعب علي استخدام الحرية التي تنص أن حدود حريتك تقف عند حدود حرية الآخرين ويشير إلي أن كلية الدعوة تعمل علي تدريس كل التيارات والأديان والمذاهب وأن تقول ما لها وما عليها وإذا كانت وزارة الأوقاف تبذل جهداً في تدريب الأئمة ولكنه غير كاف لتحسين مستوي الدعاة الضعاف لهذا ينبغي إصلاح مستوي الدعاة قبل التحاقهم بالكليات الشرعية برفع درجات القبول بهذه الكليات حتي يلتحق بها من يكون لديه الرغبة علي التعلم وكان من ضمن الأخطاء التي تقع بها وزارة الأوقاف أنها تقوم بتعيين كل خريجي الأزهر وللأسف هؤلاء الخريجين معظمهم لا يملك الأدوات التي تمكنه من الدعوة ولهذا كان مستوي كثير من الأئمة ضعيفاً في المقابل يوضح د. محمد الدسوقي..أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم أن أهم شيء في إعداد الخطيب أن يتم توسيع ثقافته فالقضية ليست في تلقين الأئمة ولكن يجب أن يعمل كل إمام علي تطوير نفسه بنفسه وأن يثقف نفسه بنفسه حتي يستطيع أن يتخلص من الرتابة والملل الذي يكون في أداء كثير من الأئمة وقال الدكتور الدسوقي :من المهم أن تخصص وزارة الأوقاف مبلغا ماليا لتطوير أنفسهم ثقافيا وأن تكون الدورات التي تنظمها وزارة الأوقاف علي ايدي كبار العلماء المتخصصين حتي يضعوهم علي أول الطريق الصحيح لتطوير أنفسهم ذاتيا وليكونوا ممثلين للإسلام الوسطي الصحيح وينبغي إبعاد السلفيين عن تدريب الأئمة وأن يتولي هذا التدريب علماء الأزهر وأوضح أن الخلافات المذهبية مكانها قاعة الجامعة ولا ينبغي أن تخرج عن الجامعة حتي لا تكون سبيلا للتعصب المذهبي كما أن الأمام ينبغي أن يؤمن بأن التوسط هو الأهم وبالتالي ينبغي أن يكون ممثلا للإسلام المعتدل وعن أسس التدريب الصحيح قال الدكتور الدسوقي :ان يكون عدد المتدربين لا يتجاوز 50 متدرباً وهذا ما ينبغي الأخذ به في تدريب الدعاة حتي يكون هناك تفاعل بين الأئمة والمحاضرين أما اذا زاد العدد عن هذا فإن التفاعل يقل وبالتالي تضعف فرص التجاوب مع المحاضرين لأن ضعف مستوي كثير من الأئمة يرجع الي محدودية ثقافتهم وعدم اطلاعهم علي ما يحدث كما ينبغي علي الامام أن لا يقحم السياسة في المسجد لأن الناس لا يقيمون للحقائق الدينية وزنا وهو ناتج من عدم فهم وسوء دراية ولكن اذا كان الامام واثقا من نفسه وواثق أن يقدم الفكرة باسلوب منظم لا يستطيع أحد أن يأخذ عليه شيء مما يقوله فمن الممكن أن يتحدث في السياسة ولكن ينبغي دائما أن يكون علي الحياد وأن يقف من الجميع موقفاً واحداً وأن يناقش القضايا العصرية التي تتناول حياة الناس باسلوب سهل وأن يبتعد عن التقليدية لأن الدعاة اذا لم يبذلوا كل ما في وسعهم لتحسين مستواهم فسوف يظلون غير قادرين علي مواكبة قضايا العصر لأن العلم يعطيك بعضه اذا أعطيته كل مالديك.