* يسأل محمد عبدالسلام: الزوجة الرتقاء التي لم يعلم الزوج بحالتها عند زواجه. هل يترتب علي هذه الحالة بطلاق عقد الزواج؟ ** يقول الشيخ عبداللطيف حمزة مفتي الجمهورية السابق: ان الزواج في الإسلام مودة ورحمة ومعاشرة بالمعروف. فإذا ظهرت عيوب مرضية مستقرة غير قابلة للعلاج والشفاء بأحد الزوجين. فهل يجوز لأحدهما طلب فسخ الزواج قضاء أم لا يجوز؟ اختلف فقهاء الشريعة في هذا الي ثلاثة آراء: الأول: أنه لا خيار لأحد الزوجين اذا ما وجد بصاحبه عيبا. فلا يجوز له طلب فسخ عقد الزواج سواء كان هذا العيب قبل العقد او حدث بعده. وسواء كان بالزواج أو بالزوجة. وبهذا يقول الظاهرية. الثاني: انه يجوز طلب التفريق بعيوب محددة. ويقول بهذا فقهاء مذاهب الائمة أبي حنيفة ومالك والشافعي واحمد - غير ان فقهاء المذهب الحنفي يرون أن التفريق يكون بسبب العيوب المرضية التي توجد في الرجل خاصة علي خلاف بينهم في عدد هذه العيوب. بينما يري فقهاء مذاهب المالكية والشافعية والحنابلة والزيدية والجعفرية جواز طلب التفريق بسبب العيوب المرضية سواء للرجل والمرأة. وان اختلف هؤلاء ايضا في عدد العيوب المجيزة لهذا الطلب ونوعيته. الرأي الثالث: يجيز طلب التفريق مطلقا بأي عيب جسدي أو مرضي. ولأي من الزوجين هذا الحق وبهذا يقول شريح وابن شهاب والزهري وابور ثور وقد انتصر لهذا الرأي العلامة ابن القيم في زاد المعاد ج 4 ص58. 59 هذا والصحيح في مذهب الامام أحمد بن حنبل كما جاء في المغني لابن قدامة ص 587 ج7 أن الزوج اذا وجد بزوجته بعد الدخول بها عيبا لم يكن يعلمه قبل العقد ولم يرض به - أنه يرجع بالمهر علي من غره - وأن ولي الزوجة ضامن للصداق. وبهذا قال الامام مالك والامام الشافعي في القديم والزهري وقتادة. اعتدادا بأثر مروي عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال أبوحنيفة والشافعي في الجديد. لا يرجع الزوج بشيء علي أحد. لأنه بالدخول بها قد استوفي حقه - استنادا الي قول سيدنا علي بن ابي طالب رضي الله عنه في هذه الواقعة ولما كان القضاء في مصر قد جري في هذا الموضع علي ارجح الاقوال في فقه مذهب الامام أبي حنيفة عملا بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931م. وكان فقه هذا المذهب يقضي بأنه لا حق للزوج في طلب فسخ الزواج اذا وجد بزوجته عيبا اكتفاء بما يملكه من حق الطلاق اذا يئس من علاجها. لأن الزوجية قائمة علي حق تبادل المتعة. ففي فتح القدير ج3 ص 268 وما بعدها. واذا كان بالزوجة عيب. أي عيب كان. فلا خيار للزوج في فسخ النكاح. وذلك لأن فوت الاستيفاء بالكلية بالموت لا يوجب الفسخ حتي لا يسقط شيء من مهرها فاختلاله بهذه العيوب أولي. وهذا لأن الاستيفاء من الثمرات. وفوت الثمرة لا يؤثر في العقد الا تري أنه لو لم يستوف لبخر أو ذفر أو قروح فاحشة لم يكن له حق الفسخ. وانما المستحق هو التمكن. وهو حاصل بالشق أو الفتق ا.ه. وفي فقه المذاهب الأربعة ج4 ص189 طبعة ثانية "لا خيار للرجل بوجود عيب في بضع المرأة من رتق أو نحوه. ولكن له الحق في اجبارها علي ازالته بجراحة وعلاج كما انه اذا يئس من علاجها فله مفارقتها بالطلاق في هذه الحالة. لأن الزوجية قائمة علي الاستمتاع. وفي فراقها عند اليأس من العلاج بدون تشهير فيه رحمة بها" ا.ه لما كان ذلك: وكان المنصوص عليه شرعا أن عقد الزواج متي صدر مستوفيا أركانه وشروطه الشرعية المبسوطة في كتب الفقه انعقد صحيحا شرعا مستتبعا آثاره ونتائجه من حقوق وواجبات لكل من الزوجين قبل الآخر ولا تتوقف صحته علي صلاحية الزوجة للوطء. كان عقد الزواج المسئول عنه قد انعقد صحيحا. وترتبت عليه كل الآثار وأن ما اكتشفه الزوج بزوجته من رتق لم يكن يعلمه عند زواجه بها لا يترتب عليه بطلان هذا العقد. وبذلك: لم يكن للزوج في هذه الواقعة أي حق قبل زوجته بعد اكتشاف ما بها من رتق وليس له الا أن يعاشرها بمعروف أو يفارقها بطلاق اذا يئس من علاجها. وبالتالي يكون لها جميع الحقوق الشرعية التي تترتب علي هذا الطلاق ومنها مؤخر الصداق. وبذا يكون قد علم الجواب عن السؤال. والله أعلم.