لم يأت تقرير الحريات الدينية الذي تصدره وزارة الخارجية الأمريكية بجديد عن حالة مصر وتكاد تتكرر نفس الانتقادات التي تتركز حول تراجع الحريات الدينية وعدم الجدية في ضمان حماية الأقليات الدينية. والجديد أن تقريرها السنوي لهذا العام انتهي إلي أن احترام الحكومة المصرية للحرية الدينية ظل ضعيفا علي مدي العام فضلا عن وجود نصوص دستورية وقوانين وسياسات وممارسات حكومية حدت من هذه الحرية واستخدام القوانين لقمع الخصوم السياسيين وتقييد الحريات الدينية. انتقد التقرير الذي يرصد حالة 200 دولة.. ثماني دول اعتبرها تمارس قمعا ممنهجا للحرية الدينية وهي الصين وإريتريا وإيران وميانمار وكوريا الشمالية والسعودية والسودان وأوزبكستان. وأكد أن دول الربيع العربي لا تعمل علي حماية الأديان كما يزعم حكامها كما أنها لا تعمل علي معاقبة المتطرفين الإسلاميين بها. ورصد وجود قوانين يتم تشريعها بغرض قمع الخصوم والانتقام. كما تطرق لممارسات في المملكة العربية السعودية مثلت انتهاكات للحريات مثل الاعتقالات وحظر نشر أي دين بخلاف الإسلام. وتعرض لايران وانتقد ما يواجهه أتباع البهائية من اعتقالات واعتبرها تعسفية. وفي باكستان اشار الي تعرض الاقليات الدينية لسوء المعاملة وتسوية النزاعات الشخصية بطريقة مجحفة وتهديد بالخطاب السياسي الشرعي. وحذر التقرير من تزايد الصراع الطائفي بين السنة والشيعة في العراق والبحرين والسعودية وسوريا وانتقد زيادة العنف المناهض للإسلام في أوروبا واسيا. كما انتقد إسرائيل في الاعتقالات التعسفية وقمع الحريات الدينية خاصة تجاه المسلمين والمسيحيين. وعن حالة مصر التي رصدها في قرابة 20 صفحة زعم التقرير استمرار العنف الطائفي في العام المنصرم مع محاسبة قليلة لمن ارتكبوه. واعتبر أن الحكومة المصرية بشكل عام فشلت في منع الانتهاكات واجراء التحقيقات أو ملاحقة مرتكبي جرائم ارتكبت ضد أعضاء من الأقليات الدينية ومنهم الأقباط المسيحيون مما أدي الي تعزيز مناخ اللا محاسبة. وأنه في بعض الحالات قام البلطجية بمهاجمة المسيحيين وممتلكاتهم وكان رد فعل السلطات بطيئا ولا يتسم بالحسم الكافي مما عزز مناخ الإفلات من العقاب. ولعل أخطر ما جاء بالتقرير تأكيده علي أن الدستور المصري الجديد تضمن مواد تجرم الاختلاف وتعطي الفرصة لتوجيه اتهامات بازدراء الأديان والاساءة اليها. مؤكدا أن مواده تنتهك الحريات الأساسية للتعبير والعقيدة وتستخدم لقهر الاختلاف والتحرش بالمعارضين السياسيين ومن أجل حسابات شخصية. وطالب بالغائها. حق الاعتقاد وانتقد ما جاء بالدستور من جعله هذه الحقوق خاصة حق الاعتقاد مشروطة بنصه علي ¢ وذلك علي النحو الذي ينظمه القانون ¢. وزعم أن المسيحيين والشيعة والبهائيين وأقليات أخري يجدون تفرقة شخصية أو جماعية خاصة في التوظيف الحكومي وإمكانية بناء وتجديد وترميم دور العبادة. وقال أن الحكومة لم تشجب حالات معاداة السامية ضد اليهود والمسيحيين. وذكر أن المعاداة منتشرة في الاعلام وأحيانا تتضمن التشكيك في حدوث الهولوكوست. ولفت أن بعض الاسلاميين قاموا بافعال ترهيب فردية ضد بعض المسيحيين في صعيد مصر مما أدي علي الأرجح الي إضعاف اقبال المسيحيين علي التصويت في بعض القري خلال الاستفتاء علي الدستور. وانتهي التقرير الي وضع مصر مع عدد من الدول وهي بورما وكوريا الشمالية ومصر. الصين والسعودية وتركمانستان وارتيريا وايران والعراق ونيجيريا وياكستان والسودان وطاجكستان وتركيا واوزبكستان وفيتنام علي قائمة الدول المثيرة للقلق في الحريات الدينية. ورفضت دول عديدة التقرير واعتبرته تدخلاً مرفوضاً في الشئون الداخلية. فقد أكد قسطنطين دولجوف. مفوض الخارجية الروسية لقضايا حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون. أن التقرير منحاز وسيؤدي إلي تصعيد حدة المشاكل الطائفية. مشددا علي أنه قدم صورة محرفة ومسيسة للوضع في مجال الحريات الدينية. إذ استبدل التحليل العميق لأسباب عدم التسامح الديني. باتهامات سطحية موجهة إلي عدد كبير من الدول. بما في ذلك روسيا. واتهم الولاياتالمتحدة بمحاولة تصعيد حدة المشاكل الدينية بمثل هذه التقارير. موضحا ان حل وتسوية هذه المشاكل لا يتطلب إطلاق شعارات مسيسة. بل يتطلب إرساء حوار بين الطوائف. واحترام القيم الإنسانية التقليدية. التي تتحلي بها جميع الأديان العالمية. وطالب أمريكا بوضع المسلمين الأمريكيين الذين يشكلون ما يعادل 1% من سكان البلاد. ضمن التقرير بسبب قلق المنظمات الحقوقية غير الحكومية الأمريكية. مبينا أن الأجهزة الخاصة وأجهزة الأمن الأمريكية تنتهج بثبات سياسة الرقابة الكاملة علي الجاليات المسلمة وبعض الدعاة بشكل خاص. بما يصل إلي التصديق علي إعدامهم دون أحكام قضاء في الخارج بواسطة طائرات من دون طيار. تقرير مسيس من جانبه. أكد جمال اسعد. المفكر القبطي وعضو مجلس الشعب السابق. أن تقرير الحريات الدينية الامريكي الذي يصدر سنويا منذ عام 1998. تقرير سياسي يخضع لأغراض سياسية يراد الاستفاده منها عند اللزوم. مطالبا النظام السياسي بالعمل علي تحقيق الحريات وصيانتها علي ارض الواقع من خلال تعامل جدي يحمي كافة الحريات والحقوق لكل افراد الشعب بعيدا عن التمييز والتفرقة والعصبية. علي صعيد اخر. يري مركز الكلمة لحقوق الإنسان. أن التقرير رغم رصده لتراجع الحريات الدينية في مصر إلا أنه راعي الاعتبارات السياسية والعلاقات المتميزة بين نظام الحكم وبين الإدارة الأمريكية الحالية. فلم يشر لحالات الانتهاكات التي ترتكب ضد الاقباط والصوفية والشيعة والمرأة.