لم يتعامل أهل الطائف مع النبي بأفضل مما تعامل أهل مكة. فقد سلطوا عليه صبيانهم حتي أن ملك الجبال جاء إليه كما ورد في الحديث الشريف في صحيح البخاري. أن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلي الله عليه وسلم: هل أتي عليك يوم أشدَّ من يوم أحد؟ قال: " لقد لقيتُ من قومك ما لقيت وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي علي ابن عبدياليل بن عبدكلال فلم يجبني إلي ما أردت فانطلقت وأنا مهموم علي وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال: يا محمد. فقال: ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين¢ جبلان كبيران كان كفار الطائف بينهما فقال النبي: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا"پهذا في الوقت الذي كانت تنزف فيه قدماه دماً من شدة الإيذاء بالحجارة. وقد آوي إلي حديقة دون أن يجد من يعطيه شربة ماء ولا كلمة طيبة إلا غلاماً كان مسيحياً تعرّف عليه وسقاه وقدم إليه فاكهة وسمعه يناجي ربه قائلاً- كما ورد مجمع الزوائد - الجزء "6". ص "37-38" : 9851 - عن عبدالله بن جعفر قال : لما توفي أبو طالب خرج النبي إلي الطائف ماشيا علي قدميه يدعوهم إلي الإسلام فلم يجيبوه فانصرف فأتي ظل شجرة فصلي ركعتين ثم قال : "اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وهواني علي الناس. أرحم الراحمين أنت أرحم الراحمين إلي من تكلني إلي عدو يتجهمني أم إلي قريب ملكته أمري إن لم تكن غضبان علي فلا أبالي غير أن عافيتك أوسع لي أعوذ بوجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن ينزل بي غضبك أو يحل بي سخطك لك العتبي حتي ترضي ولا حول ولا قوة إلا بالله" إن التسامح من صفات النبي فمن تأسي به وعفا وأصلح فأجره علي الله. وأكثر الناس تأسياً به هم الأنبياء والمرسلون والأولياء والعلماء وورثتهم. ولا نظن أن عالماً منهم لا يعلم بما ذكرناه و لا يحفظه و لا يردده لكن لا نظن أيضاً أن مهمة العالم مجرد الكلام وهو يخطب في الناس بحماس ويطلب منهم ما لا ينفذه ¢يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَآمَنُواْپ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفْعَلُونَ¢ "2. 3 الصف" والمعروف أن المسلمين يرون في مشايخهم صورة ولو بسيطة من رسول الله