في ظل رسوب 54 ألفا ونجاح ثلاثة آلاف فقط من خريجي الكليات الشرعية بجامعة الأزهر الذين تقدموا إلي مسابقة الأئمة في وزارة الأوقاف.. وفي ظل العجز الشديد في عدد الأئمة بمساجد الأوقاف حتي أن أكثر من 50% منها بلا أئمة.. يطرح هذا الواقع سؤالا صعبا: هل يسد خريجو معاهد إعداد الدعاة العجز في حقل الدعوة في المساجد وخارجها سواء بشكل رسمي أو غير رسمي؟.. هذا ما يجيب عنه المسئولون عن تلك المعاهد فماذا قالوا؟ في البداية يوضح الدكتور مجدي عبدالغفار رئيس لجنة الدعوة بالجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية أن ما حدث في اختبارات الأوقاف من رسوب غالبية المتقدمين ليس غريبا وإنما يرجع إلي أن هناك تراجعاً في مستوي خريجي الكليات الشرعية بجامعة الأزهر وهذا لم يأت من فراغ إنما إلي أخطاء في طريقة تنسيق الكليات الشرعية منذ فترة طويلة حيث يلتحق بها الطلاب غالبيتهم من ضعاف ومتوسطي المستوي في الثانوية الأزهرية في حين يلتحق الطلاب الأذكياء أو المتفوقون بالكليات العلمية أو ما يطلق عليها كليات القمة وبالمقابل أصبحت الكليات الشرعية هي كليات القاع في أكبر جامعة إسلامية في العالم مع أنه من المفترض العكس بمعني أن تصبح الكليات الشرعية هي كليات القمة. وأوضح أن هناك علاجاً جزئياً لهذه المشكلة من خلال انشاء شعب الدراسات الإسلامية بالمعاهد الأزهرية الثانوية التي تضم المتميزين من الطلاب وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم ليكونوا من نواة لدعاة متميزين يكون همهم الأول خدمة الدعوة بحسن إعداد انفسهم في ظل تخفيف المواد العلمية عنهم. وقال: إن الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية لديها 38 معهدا لإعداد الدعاة بالقاهرة والمحافظات تستقبل الراغبين في دراسة العلوم الشرعية سواء للراغبين في دخول حفل الدعوة أو ممن يريدون الاستزادة من العلوم والثقافة الإسلامية حيث يدرس بتلك المعاهد أساتذة جامعة الأزهر ومناهجها من مؤلفات أساتذة الأزهر أو من تراث كبار مفكري الأمة القدامي والمعاصرين لهذا فإن خريجي تلك المعاهد غالبيتهم يحفظون القرآن ويجيدون الخطابة ويتفانون في خدمة الدعوة لأنهم دخلوا هذا المجال عن حب لهذا يبدعون فيه. وأشار الدكتور مجدي عبدالغفار إلي أن خريج معاهد إعداد الدعاة بالجمعيات الدينية ليسوا بدلاء عن خطباء الأوقاف بل إنهم يعملون لتحقيق نفس أهدافهم في نشر الوعي الديني بين الجماهير ولهذا فإن الهدف واحد حتي وإن اختلفت الوسيلة ولهذا لا يجوز الطعن في خطباء الأوقاف بل لابد من الارتقاء بمستواهم والاستماع اليهم وحل مشكلاتهم. وأنهي الدكتور مجدي عبدالغفار كلامه بالتأكيد علي أنه يجب أن تكون هناك استراتيجية تكامل بين الأوقاف والجمعيات الدينية في المجال الدعوي لسد العجز من جانب وكذلك خلق نوع من التنافس الشريف بين دعاة الأوقاف وخريجي معاهد إعداد الدعاة وذلك تطبيقا لقوله تعالي "وفي هذا". مناهج وسطية يشير جمال سعد حاتم رئيس تحرير مجلة "التوحيد" الناطقة باسم جماعة أنصار السنة المحمدية إلي أن الأوقاف لا تستطيع وحدها تحمل عبء الدعوة في مصر لا بدليل أن هناك أكثر من خمسين ألف مسجد تعاني من نقص الأئمة ويتم الاستعانة بخطباء المكافأة وخريجي معاهد إعداد الدعاة التابعة للجمعيات الدينية مثل جماعة أنصار السنة والجمعية الشرعية وغيرها ولهذا لابد من توفير المزيد من الدعم المادي والمعنوي لتلك المعاهد حتي تقوم بدورها المنوط بها علي أكمل وجه وتسد العجز الذي تعاني منه المساجد سواء للأوقاف أو الجمعيات الدينية. وأكد جمال سعد حاتم أن جماعة أنصار السنة المحمدية تحرص علي الوسطية في المناهج التي يتم تدريسها لطلاب معاهد الدعاة بحيث تكون قريبة مما يدرسه طلاب الكليات الشرعية بجامعة الأزهر حتي يكون هناك نوع من التوافق والانسجام الفكري بين القائمين علي شأن الدعوة في مساجد مصر بعيدا عن التطرف الفكري لأننا حريصون علي الوسطية بكل معانيها باعتبارها سمة أساسية للأمة الإسلامية ولهذا وصفها الله تعالي بقوله "وكذلك". محبون للعلم يشير الدكتور محمد حسنين البطح.. الاستاذ بكلية اصول الدين جامعة الأزهر وعميد معهد إعداد بقليوب: إن معاهد إعداد الدعاة تعد أحد الروافد الاساسية لسد العجز الذي تعاني المساجد منذ فترة طويلة قبل الثورة وبعدها لهذا لا يجب توفير العناية بها حتي تستطيع القيام بدورها الذي لا يقل أهمية عن ما تقوم به الكليات الشرعية بجامعة الأزهر والتي لا يتم من خلالها تخريج الدعاة الذين يتم اختيارهم بوزارة الأوقاف وقبول المتميزين منهم. وأشار الدكتور البطح الي ان نسبة النجاح في معاهد اعداد الدعاة تفوق كثيرا نسبة النجاح بالكليات الشرعية وذلك لان غالبية الدارسين بمعاهد الدعاة من المحبين بحق للتعليم الديني حيث التحقوا بتلك المعاهد بارادتهم الحرة وهذا يذكرنا بتجربة جامعة الأزهر في قبول خريجي الكليات من مختلف الجامعات المصرية كطلبة بالكليات الشرعية بجامعة الأزهر واظهروا تفوقا منقطع النظير لأنهم محبون لدراسة العلوم الشرعية والعربية لهذا تفوقوا فيها لهذا لابد من دراسة اعادة تلك التجربة مرة اخري لاثراء حقل الدعوة بالمحبين لها وليس المرغمين علي دراستها مما يزيد من نسبة الرسوب سواء في الكليات الشرعية او في اختبارات ائمة الاوقاف وذلك لان غالبية هؤلاء الطلاب من ضعاف المستوي الذين لم تقبلهم الكليات العلمية التي تقبل من مجاميع مرتفعة. الدعم المادي أشار الشيخ محمد ماهر عبدالرحمن.. المدير الإداري لمعهد سيد المرسلين لإعداد الدعاة بقليوب إلي أن هذا المعهد تم انشاؤه منذ عام 2007 علي يد الشيخ سعد الدين توفيق - رحمه الله - وقام بتخريج اربع دفعات من نظام الأربع سنوات دراسية بعد أن تم الغاء نظام السنتين الذي كان متاحا مع نظام الاربع سنوات وقد تم هذا الالغاء بعد الثورة لاتاحة فرصة اكبر لكل الدارسين للاستزادة من العلم الذي يعد الشيء الوحيد الذي طلب الله تعالي من رسوله - صلي الله عليه وسلم - الاستزادة منه حين قال "وقل ربي زدني علما" أوضح أن معهد سيدد المرسلين واحد من أربعة معاهد موجودة بمحافظة القليوبية تابعة للجمعية الشرعية والتي لا يقوم بالتدريس فيها أساتذة من الكليات الشرعية - جامعة الأزهر وكذلك المناهج الدراسية منها ما يتم تدريسه بتلك الكليات أو قريب منها لهذا فإن مستوي خريجي تلك المعاهد لا يقل عن مستوي المتفوقين من الكليات الشرعية والذين يتم قبولهم في مسابقة الائمة بوزارة الاوقاف. وانهي الشيخ محمد ماهر عبدالرحمن كلامه بالتأكيد علي المشكلة المادية هي العقبة الوحيدة التي تقابل معاهد اعداد الدعاة القائمة بالكامل علي الجهود الذاتية ولا يوجد لها اي دعم خارجي رغم الدور الكبير الذي تقوم به في سد العجز في أئمة الأوقاف ولهذا لابد من تخصيص ميزانيات خاصة لها وخاصة ان الرأي العام ورجال الاعمال وأهل الخير مازال لديهم عدم وعي كامل بقيمة مساعدة طالب العلم الذي يدفع رسوما رمزية للدراسة بمعاهد اعداد الدعاة وقيمتها 120جنيها فقط وهي لا تكفي شيئا من مصاريف الدراسة ومتطلبات العملية التعليمية حيث ان الكثير من المتبرعين انحصر فكرهم ان اشباع البطون اعلي من تثقيف العقول بالعلوم الدينية لهذا لابد من السعي لتغيير تلك النظرة الخاطئة مع احترامنا لدعم المشروعات الخيرية التي تهتم ببناء الجسد مع العلم أن نسبة النجاح في تلك المعاهد تقارب 95% ولا يرسب إلا غير المواظب علي الحضور والدراسة الجادة من أول يوم حتي الامتحان.