تتفق جميع القوي الوطنية علي أن الحوار هو السبيل الوحيد لاخراج مصر من النفق المظلم الذي خيم علي الاجواء. وبالرغم من ذلك لا أحد يتحرك بجدية لتحقيقه علي أرض الواقع والوصول إلي التوافق الوطني الذي ينهي حالة الاستقطاب السياسي الحاد التي اوصلت البلد إلي حافة الخطر. صحيح ان هناك بعض بوادر الحل للازمة المستحكمة حدثت لعل أهمها تأكيد الرئاسة علي قرب انعقاد الجولة الثانية من الحوار الوطني بمشاركة كل القوي السياسية. والمبادرة التي طرحها حزب النور السلفي. واللقاء الذي جمع بين الدكتور سعد الكتاتني. رئيس حزب الحرية والعدالة. وكل من الدكتور محمد البرادعي والدكتور السيد البدوي ممثلين عن جبهة الانقاذ الوطني بهدف تبادل وجهات النظر ودراسة الموقف ومحاولة التقريب. واللافت ان هذا اللقاء ساهم في احداث ازمة مكتومة بين قيادات حزب الحرية والعدالة وحزب النور. حيث رفض الكتاتني الاشارة إلي مبادرة حزب النور وأكد ان اللقاء لم يتطرق للمبادرة اطلاقا. بينما صرح نادر بكار. المتحدث الاعلامي باسم حزب النور. بان اللقاء ثمرة لمبادرة حزبه. وطالب حزب الحرية والعدالة بالكشف ب "شفافية" عن نتائج حواره مع البرادعي والسيد البدوي رئيس حزب الوفد لان الامر لا يتعلق بحزب النور وإنما بمصلحة الوطن. ويمكن هنا رصد تغير واضح في مواقف جبهة الانقاذ من الحوار ومحاولات التوصل لتوافق وطني. فبعد ان كانت ترفض تماما المشاركة في الحوار وتضع شروطا تكاد تكون تعجيزية أهمها اسقاط الدستور والشروع الفوري في إجراء انتخابات مبكرة وإقالة الحكومة وتشكيل حكومة وحدة وطنية. وإعلان الرئيس مسئوليته السياسية عن الدم الذي يراق. ورفض سيطرة أي فصيل أو حزب أو جماعة علي البلاد. اعلنت انها ترفض اسقاط النظام وتتمسك بالشرعية وتدين العنف والتخريب وتقبل بالحوار الجاد الذي يخرج الوطن من حالة الجمود والخطر. وعلي الجانب الآخر ابدت رئاسة الجمهورية استعدادها للاستجابة لما تنتهي اليه القوي الوطنية من اتفاق في كل القضايا سواء حول ضمانات نزاهة انتخابات مجلس النواب المقبلة وكذلك ضمانات الالتزام بالتعديلات الدستورية التي تتفق عليها القوي الوطنية في الحوار الوطني. وكذلك المطالبة بتغيير الحكومة الحالية وتشكيل حكومة إنقاذ وطني. أكد محمد سامي. رئيس حزب الكرامة وعضو جبهة الانقاذ الوطني. ان الحوار بين القوي الوطنية هو الطريق الآمن للعبور من حالة الفوضي والعنف وحل الازمة السياسية التي تمر بها بمصر. وقال إن الرئاسة وقعت في العديد من الاخطاء الفادحة واتسمت مواقفها بالتخبط والارتباك والتباطؤ الشديد الامر الذي اضر بكل الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية واحدث حالة التصعيد والصراع وادخلنا في دوامة زادت خطورتها مع قرار تأجيل جولة الحوار الوطني. وأوضح ان جبهة الانقاذ تسعي إلي المصلحة الوطنية وتحترم الارادة الجماعية والجهود التي تبذل لتحقيق مصالح الجماهير علي أرض الواقع. مبينا أنها لن تتخلف عن أي عمل يستهدف تحقيق الاستقرار والمصالح العليا للوطن. واشار إلي وجود مشاورات ممتدة حول مبادرة حزب النور وتنسيق مع قياداته بشأنها للاعداد للحوار الوطني. مؤكدا ان العناد لن يخرج الوطن من الازمات والرئاسة مطالبة بالاستماع لصوت المعارضة والدخول في حوار حقيقي يحمي مصر من العبث والفوضي واتخاذ قرارات جادة لتحقيق اهداف الثورة وتنفيذ مطالب الجماهير. واضاف انه في حالة عدم اشتراك الجبهة في جلسات الحوار الوطني. يمكن ان يقوم حزب النور بعرض مطالب الجبهة علي الرئاسة. ودعا حزب مصر. إلي بذل كل الجهود لانجاح التحركات الرامية إلي تحقيق التوافق وترسيخه بين ابناء الوطن. وقال وليد عبدالمنعم. المتحدث الاعلامي للحزب. ان التوافق هو المخرج الوحيد للوطن من ازماته ومشكلاته. مؤكدا ان الحزب اطلق مبادرة جديدة بعنوان "تميكن" بهدف جمع شباب الاحزاب والقوي الوطنية علي طاولة الحوار. ومنحهم الفرصة للمساهمة في الوصول إلي التوافق الوطني. وشدد علي ان دور الشباب حيوي وفاعل ويجب تمكينه ومنحه الفرصة لبدء الحوار الفعال للوصول إلي التوافق الوطني. معتبرا ان المبادرة تسعي إلي فتح قنوات اتصال جيدة بين شباب الاحزاب والقوي الوطنية المختلفة من منطلق ثقة الحزب في قدرة الشباب علي تحقيق الوفاق من خلال الحوار. ويؤكد سيد عبدالعال أمين عام حزب التجمع وعضو جبهة الانقاذ ان الجبهة ترحب بأي مبادرة تخرج الوطن من الازمة الراهنة. مشيرا إلي ان مبادرة حزب النور مقدمة بالاساس للرئيس محمد مرسي باعتباره السلطة التنفيذية والتي من الممكن ان تستجيب لها وتسعي لتحقيق مطالب المعارضة. وقال ان الهدف من تشكيل حكومة انقاذ وطني يأتي نتيجه ضعف الحكومة الحالية وعدم قدرتها علي إدارة الاقتصاد المصري وانهاء ازماته. موضحا ان الحكومة لم تتمكن من التخفيف عن المواطن المصري وادي ضعفها إلي تفاقم الاوضاع الاقتصادية وتدهور الانتاج وتراجع معدلات التشغيل وارتفاعات فادحة في قيمة العملات الاجنبية. ورفض ان تكون الدعوة لجلسات الحوار محاولة لامتصاص غضب الشارع ووسيلة للتهدئة المؤقتة معتبرا ان السبب في تحديد الجبهة شروطا للمشاركة المواقف السابقة التي تخلفت فيها الرئاسة عن تنفيذ ما اتفقت عليه مع القوي الوطنية. بينما يري الدكتور رفيق حبيب. المفكر القبطي المعروف. انه يجب ان ندرك جميعا ان التوافق الوطني. هو التوافق المجتمعي الذي يحدث بين مكونات المجتمع. وليس التوافق بين الاحزاب والقوي السياسية. مشيرا إلي ان الاحزاب يمكن ان تتوافق علي برامج سياسية. أم التوافق الوطني العام. فهو انعكاس مباشر للتوافق داخل المجتمع. ويؤكد ان أي توافق يتم لايعكس حقائق موجودة علي أرض الواقع في المجتمع لن يكون توافقا وطنيا حقيقيا.