تحولت الندوة التي أقامتها كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر من احتفال باليوم العالمي للغة العربية إلي تبادل قصائد المدح بين أستاذة الكلية من الشعراء. هذا إن دل علي شيء فإنما يدل علي الحب الذي يكنه كل منهم للآخر. ناهيك عن الاحترام والتقدير لبعضهم البعض. فقد بدأت الندوة بكلمة للدكتور إبراهيم الهدهد عميد الكلية والتي رحب فيها بكل من لبي الدعوة وحرص علي حضور هذا الاحتفال لحرصه علي اللغة العربية والنهوض بها ووضعها في المكانة التي تليق بها ثم انتقل الميكروفون إلي الدكتور صبحي عبدالحميد أستاذ اللغويات بجامعة الأزهر والذي قدم الجلسة الافتتاحية وراح ينشد الشعر في أبرز الحاضرين من أساتذة وعلماء الكلية ابتداء بالدكتور إبراهيم الهدهد عميد الكلية ومروراً بالدكتور عبدالله سرحان الذي قال فيه: عبدالإله السرحان بلغ الذري فأحبه الإخوان ثم رحب بالدكتور عبدالغفار هلال أستاذ أصول اللغة بجامعة الأزهر فقال: يا زائداً في الفضل غير مشارك.. بكم لعمرك يعرف الإيمان.. وما إن رأي الدكتور عبدالله الجني وزير الأوقاف الأسبق جالساً بين الحضور فراح يقول: مادام قد حضر معالي الوزير حفلنا فأقول له: شيخ العشيرة في السماء يحلق نبض القلوب يحيطه ويجله هو قمة في فكره ومدقق من صفوه نال الرضا من ربه من مثله في علمه في نبله هو كالحنين مودة بل أرفق ثم تقدم بالشكر لجميع الحضور وخص بالشكر وسائل الإعلام والصحفيين الذين غطوا الحفل وبعده انتقل الحديث إلي الدكتور صابر عبدالدايم عميد كلية اللغة العربية بالزقازيق والذي بدأ حديثه بالثناء علي الأزهر الشريف جامعاً وجامعة مؤكداً أنه حامي اللغة العربية وصاينها مشيراً بدور أساتذة الكلية اللغة العربية وحرصهم عليها والارتقاء بها قدر استطاعتهم ثم راح يسمع الحضور القصيدة التي ألفها في حب الأزهر الشريف والتي انبهر بها الجميع وصفقوا له تضفيقا حاراً. وبعد هذه الجلسة الافتتاحية بدأت جلسات عرض الأبحاث وكانت البداية مع الدكتور السعيد عبادة أستاذ الأدب والنقد بجامعة الأزهر والذي راح يقرأ علي الحضور ملخص البحث الذي أعده بمناسبة هذا الاحتفال والذي يحمل عنوان: "ثلاثون عاماً في تحقيق نص" وهو بحث أكاديمي وهام للغاية للمعيدين وأعضاء هيئة التدريس بالكلية. الذين انصتوا واستمعوا باهتمام بالغ لكل ما يقوله الدكتور عبادة لقيمة البحث وقامة الدكتور عبادة حيث يعتبرونه عميد الأدب بجامعة الأزهر وما أن انتهي الدكتور عبادة من عرض بحثه حتي بدأ الدكتور إبراهيم الهدهد عميد الكلية ليسرد علي الحضور أهم ما جاء في بحثه والذي يحمل عنوان: "أربعون عاماً من عطاء الوافدين إلي كلية اللغة العربية" والذي حاول فيه إلقاء الضوء علي بعد من أبعاد هذه الكلية لم يتناوله أحد من قبل. وهو دور كلية اللغة العربية في العالم العربي والإسلامي ومدي عطائها للوافدين إليها وكذلك عطاء الوافدين لها. حيث قام برصد الرسائل العلمية التي أنجزها الوافدون في تخصص البلاغة والنقد "وهو تخصصه" لكي يرصد توجههم ولاحظ أن هؤلاء الوافدين يختارون العلماء من أبناء بلدتهم وأوطانهم. كما لاحظ عزوفهم عن الجانب التطبيقي الذوقي وهو شيء يحمد لهم كما قال د.الهدهد ربما يرجع السبب في ذلك لقدراتهم وإمكانياتهم. قادة البلاغة أشار د.الهدهد في بحثه أن إنتاج الوافدين في البلاغة العربية بلغ في أربعين عاماً 33 رسالة علمية. ثم رجعوا إلي بلادهم ليكونوا قادة في الدرس البلاغي. وقد تنوع إنتاجهم كما تنوعت بلدانهم. من المملكة العربية السعودية وسوريا. والسودان. الأردن. وليبيا وأندونيسيا وماليزيا والصين وأفغانستان. بلاغة القرآن وأوضح د.الهدهد أن لهؤلاء الوافدين دوراً كبيراً في الكشف عن البلاغة القرآنية والبلاغة النبوية كما كان لهم دور كبير في الكشف عن جهود المفسرين في البلاغة وتحقيق التراث البلاغي. أكد د.الهدهد أن لكلية اللغة العربية دوراً رائداً في نشر العربية وصيانة تراثها وهذا الدور امتداد لدور الأزهر الشريف جامعاً وجامعة. جهود نجا أما الدكتور عبدالغفار هلال أستاذ أصول اللغة بجامعة الأزهر فقد خصص بحثه للحديث عن الدكتور إبراهيم نجا رحمه الله رائد أصول اللغة في مصر والعالم العربي والذي يرجع له الفضل في إنشاء قسم أصول اللغة بجامعة الأزهر. وله جهود متنوعة في الكشف عن اللغة العربية ووضع المباديء والقوانين التي تحكمها. وعدد الدكتور عبدالغفار جهود الدكتور "نجا" في فقه اللغة وما يتناوله من بحوث تؤدي إلي تنمية اللغة. وكذلك جهوده في علم الصوتيات اللغوية. وهي أساس الكلمات وكيف يمكن للإنسان أن يعبر بالصوت عن المعني وهذا يفتح مجالات واسعة لثراء اللغة. علم اللهجات كما أبرز جهوده في علم اللهجات العربية من حيث نشأتها وتنوعها. وألقي الضوء علي جهوده في وضع القوانين والمباديء التي تفيد العربية وتيسرها أمام الباحثين والعلماء. وأنهي بحثه بقصيدة رمشاء كتبها عند وفاة شيخه اعترافاً بفضله وتسجيلاً لمآثر الشيخ وجهوده في العلم والأخلاق والاجتماع. أبرز الشعراء أما الدكتور علي صبح أستاذ الأدب والنقد بجامعة الأزهر فقد خصص بحثه لحديث عن أبرز شعراء كلية اللغة العربية ومدارسهم الأدبية التي ينتمون إليها ومدي إثرائهم للغة العربية ودورهم في النهوض بها ومنهم كما أورد في بحثه الشيخ محمد شهاب الدين المصري ومصطفي لطفي المنفلوطي والشيخ عبدالرحمن قراعة. الذين تخرجوا من القسم العالي بالأزهر ويطلق عليهم الشعراء والمحافظين. ومن شعراء مدرسة الديوان: الشاعر عبدالله شمس والشاعر إبراهيم بديوي ومن شعراء مدرسة أبوللو: الشاعر محمد عبدالمنعم خفاجي والشاعر عبدالعليم عيسي والشاعر كيلاني سند. الأخطاء اللغوية وتعرض الدكتور حمدي عبدالفتاح أستاذ اللغويات بجامعة الأزهر للأخطاء اللغوية الشائعة في اللغة العربية في كل العصور ولدي كل الطبقات مشيراً إلي شيوع هذه الظاهرة بكثرة في العصر الحالي شيوعاً ينذر بالخطر الداهم علي قواعد اللغة وبخاصة بين المتحدثين في وسائل الإعلام المختلفة. الذين لا يعرفون الفرق بين اللام الشمسية واللام القمرية "علي حد وصفه" مطالباً بضرورة انتقاء المذيعين الذين يجيدون التحدث بالفصحي. كي يقلدهم النشيء ويسير علي دربهم المتعلمون.. كما طالب بالاهتمام برعاية الأطفال لغوياً وتحفيظهم القرآن الكريم. الذي هو في أعلي درجات الفصاحة ليستقيم لسانهم ويشبون بعيداً عن اللحن والتحريف. وتطرق الدكتور عبدالعظيم خليل أستاذ ورئيس قسم اللغويات بكلية اللغة العربية إلي نشأة مجمع اللغة العربية وأهميته القصوي في الحفاظ علي العربية بعد أن بدأ التغلغل الأوروبي يطفو علي سطح الحياة المصرية وجهود علماء اللغة العربية فيه وهدفهم من انشائه وهو الحفاظ علي سلامة اللغة العربية وجعلها وافية بمطالب العلوم والآداب والفنون وملائمة لحاجات الحياة المتطورة ومواكبة لمستحدثات الحضارة الحديثة. واللافت للنظر في هذه الاحتفالية وما يؤخذ عليها أنه تم عقد الجلستان في وقت واحد مما أصاب الحضور بالتشتت لأنهم يريدون حضور الجلستين كاملتين والاستماع لما يقال فيهما ولكن هذا ما لم يستطع أحد فعله.. لذلك أوضح الدكتور محمد حسين المحرصاوي وكيل الكلية أن ضيق الوقت وكثرة عدد الأساتذة المشاركين هو السبب في ذلك. حيث شارك 12 أستاذاً من مختلف الأقسام بأبحاث متنوعة وكان يتعذر علينا مناقشة هذه الأبحاث بالكامل لو تم عقد الجلستين متتاليتين.. لذا قمنا بتخصيص قاعة للندوات الأدبية وأخري للأبحاث اللغوية والبلاغية.. لكنه علي أية حال فهذه تجربة محمودة بكلية اللغة العربية خاصة أنها الأولي من نوعها. وسوف نتلافي هذه الأخطاء التي وقعنا فيها في الندوات القادمة بأن نقلل عدد المشاركين أو أن نعقد أكثر من ندوة.