منذ قيام ثورة يناير انطلقت العديد من الدعوات للحوار الوطني بدأت منذ عمر سليمان ثم تحركت محاولات أخري تبناها عبدالعزيز حجازي ويحيي الجمل وعلي السلمي ومنصور حسن لكنها باءت جميعاً بالفشل وهذه الأيام بعد سخونة الأحداث في الشارع مرة أخري ووصلت إلي حد سقوط قرابة تسعة شهداء جدد وأكثر من 1500 مصاب واشتد الصراع بين قوي المعارضة والتيارات الإسلامية دعت الرئاسة لحوار وطني جديد خرج علينا بإعلان دستوري جديد يلغي الإعلان الدستوري سبب الأزمة ومع ذلك لم يهدأ الشارع ومازالت الأزمة مستمرة. ومع كل هذا تبرز تساؤلات في غاية الأهمية لماذا يفشل الحوار الوطني؟! وكيف يمكن للحوار الوطني أن ينجح ويجمع ما فشلت كل المحاولات السابقة النجاح فيه؟ أسئلة طرحناها في محاولة للوصول للإجابة من منتمين لتيارات سياسية مختلفة. يؤكد الدكتور حلمي الجزار القيادي البارز بالحرية والعدالة أن فشل الحوار الوطني سببه الرئيسي عدم إخلاص النوايا وإصرار أطراف عديدة علي العناد وعدم الوصول لنتائج ترضي كافة الأطراف التي تنتظر الحوار فضلاً عن التشكيك في نوايا من يريدون الحوار.. مبيناً أن الحوار وسيلة ديمقراطية للتواصل بين المنتمين لتيارات تحمل وجهات نظر متباينة وتلبية الدعوة للحوار واجب علي كل الأطراف المعنية وعدم تلبية الدعوة يعني ضعف المواقف وعدم إخلاص النوايا. يضيف: نعيش موقفاً سياسياً لا نحسد عليه والمهمة القادمة الأولي أن تكون للسلطة المنتخبة التي تمثل السلطة الشرعية الديمقراطية مع التزام الحوار بالشفافية الحقيقية وإخلاص الجميع النوايا لله تعالي ولصالح هذا الوطن دون تخوين من أحد لأحد وقبول الرأي الآخر بقناعاته دون فرض للرأي ولا طرح تشكيك ولا تهميش فالحوار إن لم يكن بناء فلا حاجة لنا به.. مشيراً إلي أن جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة يؤمنان إيماناً عميقاً بأن الحوار الوطني المخلص هو السبيل الحقيقي للوصول إلي الحلول المثلي وأنه لا مكان لفرض رأي في دولة ديمقراطية ووجوب احترام رأي الشارع ومشاركته التصويتية وعلي الجميع أن ينصت لرأي الشارع. ضرورة وقال د.وحيد عبدالمجيد عضو الجمعية التأسيسية: إن الحوار الوطني والتوافق ضرورة لا غني عنها والدعوة إليه دعوة إيجابية لكن الأزمة تبقي دائماً في توقيت طرح هذا الحوار ووضع أسس قيامه وأهم النتائج التي يصل إليها وكيفية تفعيلها بعيداً عن التقاذف بالتهم السياسية من التمرير والتخوين والموالاة وما إلي ذلك من أمور لا تصب بأي حال من الأحوال في مصلحة الوطن ولرأب الصدع ومعالجة الجروح القائمة بل إن طرحه دون إخلاص للمصلحة الوطنية العليا يمثل زرعاً لفتنة جديدة ولسنا في حاجة لفتن جديدة وكفانا ما نحن فيه. بلا جدوي يري الدكتور هيثم الخطيب عضو اتحاد شباب الثورة ان الحوار الوطني الآن ربما لا يختلف كثيراً عن سابقيه خاصة أن ما فعله من قبل حجازي والجمل ثم السلمي كلها كانت محاولات بلا جدوي أثارت خلافات كثيرة بين مختلف القوي السياسية ولا نذكر ميزة تحققت في المجاولات السابقة ولعل سبب فشل ذلك كله أن الحوار يبدأ وينتهي دون وجود أسباب واضحة ودون تحقيق نتائج تذكر ولذلك يبقي الحوار بلا فائدة وإبراز لفشل القوي السياسية في إيجاد صيغة توافقية حقيقية. قال الخطيب: مصر في حاجة إلي إخلاص في الطرح في المعالجة وإن غاب الإخلاص بالتأكيد تغيب النتائج الفاعلة المعالجة لأزمات الواقع. وإن كنت أري في توقيت طرح الحوار عادة ما يكون توقيتاً غير مناسب خاصة أنه لا تتم الدعوة له إلا بعد ارتفاع سقف مطالب الشارع بشكل لا يحتمل التراجع والنتائج عادة لا ترتقي لمطالب الشارع. وسيلة تفاهم يطرح أحمد علي عضو مجلس أمناء الثورة سابقاً ان الحوار وسيلة ديمقراطية معتبرة عالمياً وإنسانياً للتفاهم بين مختلف التكتلات البشرية والسياسية وله دور فاعل في تقريب وجهات النظر المختلفة لكن للأسف الشديد تبقي نتائج الحوار رهناً بمن يريده ويقوم علي أمره ومن يحدد رؤيته وإدارته وكيفية الوصول للنتائج المرجوة.. مشيراً إلي أن مصر في مراحلها المختلفة وأزماتها المتعددة لم تنجح أي من دعوات الحوار التي حدثت فيما بعد الثورة وسبب ذلك يبرز في عدم اختيار الأشخاص والهيئات والجهات المنوطة بالحوار من الأصل والإبقاء علي تمثيل الكيانات التقليدية التي ثبت فشلها منذ الههد السابق التي لعبت دوراً تمثيلياً كرتونياً ومع ذلك لا يزال هناك إصرار علي تمثيلها للقوي السياسية الوطنية يضاف ذلك عدم وضوح أجندة الحوار من الأصل وعدم التوافق حول نتائج ترضي الجميع لأن معظم المشاركين يحاولون اقتناص أكبر قدر من المكاسب فرض الرأي دونما قبول الرأي الآخر ورك مساحات وسط تجمع الجميع وتعلي المصلحة الوطنية. تأكيد حسن النوايا من جانبه يبين الدكتور طارق الزمر القيادي بالجماعة الإسلامية أن الحوار الوطني أسلوب سياسي راق ومتحضر للتوافق حول الأزمات والمشكلات وهو تجسيد لروح سنة النبي صلي الله عليه وسلم في حسم الخلافات للوصول لوثائق مهمة في تاريخ الأمة الإسلامية.. مبرزاً أن دعوة الرئيس الدكتور محمد مرسي للحوار الوطني لكافة القوي السياسية للتوافق حول الأزمة السياسية الحالية تأكيد علي رغبة حقيقية في احتواء الجميع والقضاء علي حالة التناحر السياسي الموجودة في الشارع وحالة الاستقطاب التي يضخمها الإعلام المتربص بالمجتمع المصري والكاره لسمته الإسلامي. وتراجع الرئيس عن إعلانه الدستوري وإصداره لإعلان دستوري جديد نزولاً علي رغبة من حضروا الحوار تغليب للمصلحة العامة وتنازل عن حق أصيل من حقوقه التي منحها له القانون لاتخاذ ما يراه مناسباً من قرارات تحمي الشرعية في البلاد. وعرض الزمر إلي أن الحوار الوطني ينجح إذا ما خلصت النوايا وما يفشل إلا إذا سعي بعض المشاركين فيه لإفشاله والخروج به إلي لا شيء وتصوير القائمين عليه في صورة من يفرضون الرأي ويملون وجهات نظرهم علي خلاف الحقيقة التي أظهرت كيف كانت مؤسسة الرئاسة حريصة علي نجاح الحوار الذي استمر لأكثر من 12 ساعة متواصلة سبقها إعلان حسن النوايا الذي تمثل في طرح كل شيء علي طاولة الحوار وتأجيل الاستفتاء علي مشروع الدستور في الخارج للأربعاء انتظاراً لنتائج الحوار وإلغاء الإعلان الدستوري سبب الأزمة. أشار إلي أن رفض بعض الأطراف للحوار وطرح اشتراطات تعجيزية يعكس رغبتها السابقة في إفشاله عنوة دونما تقبل الرأي الآخر وإظهار زعامة مصطنعة علي حساب مصلحة الوطن العليا التي تحتاج لجهد كل أبنائه. حوار ديكوري ويري حمدي عيد عضو حركة 6 أبريل أن حوار الرئيس مرسي الذي سمي بأنه حوار وطني كان الأولي له أن يطلق عليه حوار أبناء العم لأنه حوار جمع ممثلي الحرية والعدالة والتيارات الإسلامية وغاب عنه ممثلو معظم التيارات التي تتصدر المشهد وبالتالي فهو لم يأت بجديد ولم يطرح جديداً علي الشارع بل هو استكمال سيناريو الرئيس وحزبه وجماعته لتمرير الدستور المعيب وفرضه بالحشد للصندوق بمعركة مصطنعة جديدة حول الشريعة وتطبيقها وتعرضها للمخاطر والتربص العلماني بها رغم عدم حقيقة ذلك. أضاف: حسناً فعلت التيارات الوطنية حين قاطعت الحوار الذي دعا له كل المؤيدين و قاطعه كل المعارضين وكأنه اجتماع للرئيس بعشيرته للخروج من الأزمة دونما خسارة تذكر بعدما مرر الدستور والاستفتاء رغم أن إلغاء الإعلان يأتي بعد استنفاذ غرضه ولم يعد له ضرورة في المشهد. وكل هذا يعني أن الحوار الوطني الذي يأتي بعد فرض أحد الطرفين لرأيه علي الآخر حوار منقوص ومجرد ديكور سياسي لا حاجة للقوي السياسية به.